دام برس :
صحيح أن حلب دخلت منذ عام ونصف تقريباً على خط المعاناة من نسائم الربيع العربي ، ولكن هذه المعاناة أخذت منحى خطير خلال الأشهر الستة الأخيرة ، وتفاقم الأمر خلال الاسابيع الماضية عبر شنّ هجمات متكررة في المدينة وعلى أطرافها ، ومن خلال إمطارها بقذائف الهاون والصواريخ محليّة الصنع واسطونات الغاز ، والقطع المتكرر للكهرباء عنها ولفترات امتدت لعدة ايام ، وصولاً الى حرمانها من الماء منذ اسبوع ، لماذا ؟
1 – معاقبة المدينة لدورها التاريخي في الحفاظ على وحدة سوريا ، وعدم الإنجرار وراء دعوات الفوضى والانتحار الطائف والمذهبي … لأكثر من عام ونصف من بدء الحرب على سوريا .
2 – ضرب الرافعة الأقتصادية لسوريا ، والمتركزة بشكل كبير في حلب ، وخلق جيش من العاطلين عن العمل والفقراء والحاقدين واليائسين … ما يُسهّل عمليّة “شرائهم” لصالح الجماعات الأرهابية المسلحة ومشروعها الأمريكي ، أو خلق بيئة أُفقرت فجأة ؛ ما يُسهل إنتشار الفوضى والسرقة والسلب والإنحلال الاخلاقي والقيمي ، وتدهور الإنتماء للوطن والاستعداد لبيعه مقابل مردود مادي معين .
3 – ضرب صمود المواطن السوري في حلب ؛ من خلال حرمانه من الأمن ، والحصار الجائر ، ومنع الدواء والغذاء عنه ، وحرمانه من الكهرباء والماء ، وجعله تحت رحمة الجماعات المسلحة في كل ذلك ؛ ما يسهل فقدان إيمانه بالدوله والوطن ومؤسساته وقياداته … وهذه خطوة أولى نحو نقل الإنتماء الى الجماعات الإرهابة طوعاً او كرهاً .
4 – صرف الأنظار عن الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري على مختلف الجبهات ، من بلدات وقرى القلمون ، الى غوطة دمشق ، وحمص ، وريف اللاذقية ، وصولا الى ريف حلب ذاتها ؛ حيث اصبح معظم ريف حلب المحيط بالمدينة في قبضة الجيش العربي السوري .
5 – كون من يمنع الماء والكهرباء عن حلب ويسعى جاهداً لتجويعها وإركاعها ، مجرد أدوات لمشروع خارجي – صار الحديث عن محركيه أمراً مكرراً – فإن هذه الضغوط البربرية والهمجية ما هي ألا وسيلة دنيئة وقذرة لإركاع القيادة السورية لمشاريع ومتطلبات هذه القوى الخارجية عبر ألآم حلب وأهلها .
6 – إفقاد أهل حلب إيمانهم بأهمية الاستحقاق الرئاسي عبر جعلهم “أسرى وساخطون” بفعل الجوع والعطش وفقدان الأمن ؛ على الرغم من أنّ هذا الإستحقاق يمثل إنعطافه وطنية كبرى في تاريخ سوريا والمنطقة ، وفي تاريخ الحرب عليها عبر حلف العدوان الثمانيني .
7 – لا يمكن فصل سياسية التجويع و”صناعة العطش” والإرهاب الجماعي الذي تمارسه الجماعات الإرهابية المسلحة ضد سكان حلب ؛ عن توجيه الرسائل للجيش العربي السوري وقراره العسكري ، ومفاد هذه الرسالة : ” إذا ما حاولتم ان تُطهروا أحياء حلب الموبوءة بالإرهاب فإننا قادرون على رفع معاناة اهل حلب الى حدود تفوق قدرتهم وطاقتهم على الإحتمال ، وهذا خطنا الاحمر الممنوع تجاوزه ” وهنا تبقى الكلمة الأخيرة والخيار الفصل لأهل حلب ؛ فهل سيعضون على الجرح ، ويتحملوا الألم ، بل ويكونوا شركاء فاعلين في رفعه ، شيباً وشباناً رجالاً ونساءاً ، لينهوا هذه المعاناة بأسرع ما يمكن خلف جيشهم العظيم ، الجيش العربي السوري .