دام برس - تغريد محمد :

بدأ الاقتصاد السوري في فترة ما قبل الأزمة بعدة سنوات ينهض ,وبدأ يقوى شيئاً فشيئاً ولاحظ  الجميع الانتعاش الاقتصادي ؛ كان المواطن قادرا على شراء واقتناء أشياء كان من الصعب في الفترات السابقة الحصول عليها مثل العقارات والسيارات وزادت نسبة الاستثمارات والمشاريع .
ويمكننا القول أن الاقتصاد في هذه الفترة بدأ يشق طريقه نحو القمة في كافة جوانبه سواء الزراعية أو الصناعية وما إلى ذلك .
ولكن مع ظهور الأزمة السورية ومنذ بداياتها كان التركيز الأول للمسلحين في الداخل أو القوى المحركة لهم في الخارج إضعاف الاقتصاد وتدميره من خلال إحراق بعض المؤسسات وسرقة الأخرى وفرض الحصار الاقتصادي وراهن الجميع على سقوطه خلال أشهر,ولذلك قد تكون معجزة تلك التي أنقذت سورية من الإنهيار الاقتصادي فأربع سنوات من الحرب في أي دولة في العالم كانت كافية للقضاء عليها اقتصادياً مهما كان حجم اقتصادها ومهما كانت إمكانياتها
أربع سنوات كاملة من التخريب والتدمير واستهداف البنى التحتية لم تُسقط الاقتصاد السوري فسورية مازالت صامدة واقتصادها مازال فاعلا رغم النسب الضعيفة والمؤشرات السلبية
التقارير حول الاقتصاد السوري تأتي متباينة بين متفائل ومتشائم لكنها في الغالب تتفق على نقطة واحدة مهمة وهي أن خسائر سورية الاقتصادية بحاجة إلى عشرات السنين حتى يتم تعويضها .
مؤخراً صدرت عدة تقارير حول خسائر سورية الاقتصادية في جميع القطاعات قدر أحدها هذه الخسائر بـ 237 مليار دولار حتى نهاية العام 2014
التقرير الذي أصدرته منظمة دولية أفاد بأن الناتج المحلي السوري تراجع في العام 2013 إلى 33.4 مليار دولار، مقارنة بالعام 2010، الذي بلغ فيه 60.1 مليار دولار، بنسبة انخفاض 44.4%، وارتفع معدل التضخم بنسبة 90%، فيما تراجعت الصادرات بنسبة 95%، والواردات بنسبة 93% مقارنة مع العام نفسه.
وخلص التقرير إلى أن "ما حققته سورية خلال عقود من التنمية أنفقته في 4 سنوات"
وأوضح التقرير أن عدد المساكن التي تهدمت بلغ قرابة 700 ألف منزل والتي تضررت بشكل جزئي، نحو أكثر من نصف مليون منزل، أما المنازل التي تضررت فيها البنية التحتية، فكانت نحو 862 ألف منزل هذا بغض النظر عن خسائر أخرى طالت مناح أخرى في حياة السوريين.

خسائر القطاعات الاقتصادية السورية كانت كبيرة جداً وكان الاستهداف الإرهابي للمرافق الاقتصادية ممنهجاً ومحضراً بدقة بشكل يحرم الدولة السورية من مواردها الاقتصادية ويهدد في نهاية الأمر بانهيارها اقتصادياً وبالتالي تقويض وجودها ككيان
وبنظرة سريعة على أهم القطاعات الاقتصادية في سورية خلال سنين الأزمة
فنسبة البطالة في العام 2010، وفقاً للمكتب المركزي للإحصاء كانت8.4%، وبلغت في نهاية العام 2013 ما يقارب 54.3%، بسبب خسارة السوق السورية أكثر من 2.67 مليون فرصة عمل، لعدة أسباب منها  هجرة رأس المال، و عدم قدرة الكثير من مقارّ العمل على ممارسة نشاطها الاعتيادي بسبب الاستهدافات الإرهابية.
في الجانب الصناعي بلغت الخسائر حتى آذار الماضي  حوالي 2.2 مليار دولار أمريكي، وفقاً لتقديرات قدمها وزير الصناعة السوري كمال الدين طعمة، من بينها 500 مليون دولار تكبدها القطاع العام بينما كانت الخسائر الصناعية الأكبر في قطاعي الصناعة الاستخراجية والصناعة التحويلية بخروج الكثير من المنشآت والآبار النفطية عن سيطرة الدولة أو تخريبها من قبل الإرهابيين ، ، حيث بلغت خسائر الأولى 14.4% من إجمالي خسائر الناتج المحلي الإجمالي، والثانية 12.2% من هذه الخسائر.
القطاع الزراعي كان الأقل تضرراً، وكانت حصة الزراعة من خسائر الناتج المحلي 9.6% حتى الربع الثالث من عام 2013، وكانت منظمة الفاو توقعت  في تقريرٍ صادر عنها في أيار الماضي أن ينخفض إنتاج سوريا من القمح في نهاية 2014 إلى أكثر من 52% عن معدلاته بين عامي 2001 – 2010، بينما ساهم الجفاف بالتوازي مع إرهاب المجموعات المسلحة في تراجع القطاع الزراعي، وطال تأثيره قطاعات الثروة الحيوانية والسمكية وقطاع الدواجن .
قطاع التجارة السوري كان الخاسر الأكبر بين القطاعات الاقتصادية السورية و بلغت خسائره 22.8% من إجمالي خسائر الناتج المحلي، بسبب صعوبة نقل البضائع وانخفاض الطلب في السوق المحلية، وانخفاض الصادرات والواردات بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة من الغرب وبعض الدول العربية، وتأذي قطاع الصناعة.
في الجانب المالي أُصيب قطاع المصارف والتأمين إصابات بالغة، وخسر حتى نهاية العام حوالى 115 مليار ليرة سورية، وانخفضت أرباح المصارف العاملة بشكل كبير ما أثّر سلباً في سوق دمشق للأوراق المالية، المعتمدة على قطاع المصارف والتأمين.
وأخيراً قالوا لايصلح العطار ماأفسده الزمن فهل تصلح كل المحاولات والجهود المبذولة من قبل الدولة لانقاذ الاقتصاد .
والجواب بكل بساطة نعم  فمن بدأ ونهض به منذ البداية من العدم قادر على بنائه من جديد وجعله أقوى مما كان .