دام برس – متابعة اياد الجاجة
نشرت صحيفة البناء تحقيقا أشارت فيه إلى أن الحلف الغربي ـ الخليجي يدفع في الفترة الأخيرة نحو "سيناريوهات" جديدة للتآمر على سوريا، بعد أن ثبت سقوط مخططاته السابقة، وهو لذلك يحاول التعويض عن الهزائم التي تعرض لها في الاشهر العشرة الماضية، باللجوء الى دفع الوضع داخل سوريا نحو الفتنة والحرب الداخلية.
وبحث التحقيق عن أسباب هذه الهزيمة في السيناريوهات السابقة، على الرغم من كل الأسلحة التي لجأ إليها، ومعظمها خارجة على كل القوانين والأعراف الدولية
مصادر دبلوماسية مراقبة كشفت أن ما أدى إلى الانتكاسات المتكرّرة لأطراف الحلف المعادي هو مجموعة معطيات لم تكن في حسبان هؤلاء، تندرج وفق الآتي:
ـ المعطى الأول، أن هذا الحلف لم يكن يتوقع أن تكون سوريا بهذه القوة من التماسك، وبالأخص من احتضان المواطن السوري لقيادته، حيث أظهرت مجموعة واسعة من الاستبيانات التي أجرتها مؤسسات غربية وخليجية، أن أكثر من 70 في المئة من الشعب السوري يقف خلف قيادته، يضاف إلى ذلك قوة وتماسك الجيش السوري، حيث لم تنفع كل المحاولات لإحداث انشقاقات داخل الجيش، على الرغم من كل الإغراءات التي قدمت للبعض، وحملة التجييش والتحريض التي قامت بها وسائل إعلام الغرب والخليج.
ـ المعطى الثاني، لقد تفاجأ هذا الحلف بمتانة الموقف الروسي الصيني الرافض لأي تدخل أجنبي في الشأن السوري، من خلال استخدام "الفيتو" لمرتين في مجلس الأمن، والمواقف السياسية الحاسمة في مواجهة حملة التحريض الغربية الكاذبة، ضد سوريا.
ـ المعطى الثالث، لقد أدى التماهي بين حكام الخليج والغرب من جهة، مع المجموعات المتطرفة بدءاً من "تنظيم القاعدة" من جهة أخرى، إلى تكشف حقيقة من يدعون المعارضة السورية، خاصة "مجلس اسطنبول"، وحتى طرح علامات استفهام لدى الكثير من ممثلي الرأي العام العربي والغربي، وهو ما تحدثت عنه بشكل واضح العديد من الصحف البريطانية والأميركية، وبالتالي كل ذلك أدى إلى إطلاق يد القوى الأمنية السورية لمواجهة المجموعات المسلحة، بعكس ما يحاول البعض تسريبه من مزاعم بما في ذلك من جانب بعض أطراف "14 آذار"، أو النائب وليد جنبلاط، الذي بدا مؤخراً يدافع عن أعمال هذه المجموعات، وإطلاقه التصريحات التي تحمل الكثير من علامات الاستفهام، مثل قوله "إن القوى الأمنية السورية تقوم «بمجازر ضد شعبها»".
ـ المعطى الرابع، تراجع مقولات "التدخل الأجنبي" في الشأن السوري، ليس تعبيراً عن "نوايا إيجابية" لدى المنظرين لهذا التدخل من حكام الخليج ومرتزقة "مجلس اسطنبول"، وبعض العرب والغرب، وإنما تحت ضغط الموقف الحاسم لروسيا وإيران، وقوة الوضع السوري الداخلي، بالإضافة إلى الأزمات التي تعاني منها واشنطن والغرب، لا سيما الأزمة المالية التي فرضت على حكومات الأطلسي اتخاذ الكثير من الإجراءات التقشفية، للحد من الانهيار المالي والاقتصادي.
لذلك، فالسؤال الآخر، ما هي "السيناريوهات" الجديدة التي لجأ إليها الحلف الخليجي ـ الغربي ضد سوريا، في الفترة الأخيرة؟
من الواضح، وفق المعلومات التي تبلغتها المصادر الدبلوماسية، أن هذا الحلف اضطر تحت وطأة سقوط خياراته السابقة إلى اعتماد ثلاث مسائل في التعاطي مع الوضع السوري:
المسألة الأولى، وتقوم على الضغط السياسي والدبلوماسي والمالي والاقتصادي على سوريا، وهو ما ظهر في الأسبوعين الماضيين، من خلال جملة إجراءات وخطوات بعضها معلن، وبعضها الآخر غير معلن، بدءاً من سحب السفراء، إلى رفع حملة التحريض والتصعيد السياسي، وانتهاء بالعقوبات المختلفة المالية والاقتصادية التي وصلت إلى أقصى حدود اللااخلاقية من خلال ممارسة الضغوط على المستثمرين السوريين في الخليج والغرب، لتقديم المساعدات لمجلس اسطنبول والمجموعات المسلحة.
ـ المسألة الثانية، الدفع بأقصى ما يمكن لتوحيد أطراف ما يسمى "المعارضة السورية"، بعد حالة الانقسامات الكبيرة التي ظهرت بين أطراف هذه المعارضة، حتى داخل مجلس العمالة حيث تتحدث المعلومات عن خلافات كبيرة برزت داخل أطراف هذا "المجلس" في اللقاء الذي عقده أخيراً في قطر لانتخاب رئيس جديد له، لكن تحت وطأة الخلافات والصراع على المغانم والمكاسب المالية، اضطر هذا المجلس الى إعادة التجديد للمدعو برهان غليون لثلاثة أشهر، كما أن اجتماع ما يسمى "أصدقاء سوريا" الأعداء الذي سينعقد في تونس يوم الجمعة المقبل إنما هدفه الأساسي الضغط لتوحيد أطراف هذه المعارضة.
ـ المسألة الثالثة وهي الأهم حيث يسعى هذا الحلف المتآمر على سوريا نحو فتنة وحرب داخلية من خلال تقديم كل أشكال الدعم للمجموعات الإرهابية المسلحة، بما في ذلك مجموعات تنتمي لـ"تنظيم القاعدة" لتوسيع دائرة العنف والإرهاب في سوريا. وهذا أيضاً الهدف الأكبر لاجتماع تونس ولحكام الخليج، خاصة في السعودية وقطر. وتتحدث المعلومات في هذا السياق أن "أمراء الدولتين" طلبوا من حكام الأردن إقامة معسكرات للمسلحين، ومعظمهم من تنظيم القاعدة، الذين تسللوا من العراق، تمهيداً لإدخالهم إلى سوريا، إضافة إلى ما يحصل على الحدود الأخرى لسوريا خاصة من لبنان.
لذلك تعتقد المصادر الدبلوماسية، أن هناك نوعاً من السباق بين الخطوات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية السورية لضبط الوضع الأمني، وتطهير بعض المناطق من المجموعات المسلحة، وبين سعي الحلف الخليجي ـ الغربي لتصعيد الاعتداءات والعمليات المسلّحة التي بات الحلف الأطلسي جزءاً منها، عبر خبراء عسكريين من عدد من دوله، وإرسال السلاح إلى المجموعات المسلحة.