Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 22 حزيران 2024   الساعة 01:43:26
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
’’فيينا السوري’’: غربلة المسلحين وإحصاء الإرهابيين الأحياء

دام برس :

إشكالان أمام فيينا السوري. الأول غربلة المجموعات المسلحة السورية وفصل الإرهابي عن المعتدل، لمقاتلة الأول، ودعوة الثاني إلى المشاركة في الحرب والمفاوضات ربما. والثاني انتخاب وفد المعارضين السوريين، إلى مفاوضات مع الحكومة السورية، ولجنتي دي ميستورا لمشاورات حول الاصلاح السياسي والأمن.

الديبلوماسيون الذين يعدون اللوائح منذ اليوم، في فيينا، لكي يسهل على وزرائهم الحسم، سيمضون يومين من أصعب أيام فيينا بالتأكيد، بسبب تعدد اللوائح، وضيق هامش المناورة أمام تركيا وقطر والسعودية والولايات المتحدة وفرنسا، والدول التي تموّل المجموعات المسلحة وتسلّحها.

الروس لم يسهّلوا مهمّة المجتمعين في فيينا، بالرغم من أنهم اختاروا تجزئة القضايا الخلافية لكي لا ينفجر مسار فيينا. وفضلوا البدء بتحديد خريطة الإرهابيين، قبل دعوة المشاركين في الاجتماع لاحقاً، إلى تصويب صواريخهم عليهم في سوريا، والدخول إلى ميادين الحرب على من وُضعوا على لائحة الإرهاب، بعدما أمضوا أعواماً في تمويلهم وتسليحهم والمراهنة على الوصول إلى دمشق خلفهم.

لكن الروس لا يحدثون مع ذلك جديداً، ذلك أن النقاش في جنس الجماعات المسلحة السورية يمتد منذ الساعات الأولى للعمل المسلح في سوريا، وهو لم يتوقف أصلاً منذ آذار العام 2011، والتظاهرات التي رافقته. ولذلك لا تشكل اجتماعات اليوم والغد سوى محطة إضافية في السجال الذي لم يتوقف، مع طارئ يجبر الجميع على الدخول في النقاش جدياً، هو اشتراط الروس وضع تلك اللوائح مدخلاً ضرورياً للبحث في ما تبقى من نقاط الحل السياسي وعقد الصفقات حوله.

واختصاراً، يكاد النقاش، اليوم وغداً، يقتصر على تحديد هوية الفصائل الكبرى في العمل المسلح ضد الجيش السوري، نظرا إلى وجود ما يقرب من ألفي مجموعة مقاتلة في سوريا، وفق معظم التقديرات.

والأرجح أن يشمل الجدال الكثير من الفصائل، كـ «جيش الإسلام»، الذي يقوده زهران علوش وتموّله السعودية، أو «فيلق الشام» و «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» و «فيلق الرحمن»، وكلها تنويعات «إخوانية» تموّلها قطر وتركيا، بالإضافة إلى الجماعات الست التي تؤلف «جيش الفتح»، لا سيما «جند الأقصى».

لكن حركة «أحرار الشام»، التي تعد أكبر فصائل السلفية الجهادية في سوريا، ستكون المدعو الأول إلى طاولة التقييم في فيينا: إرهابية ام معتدلة، ولا شيء بينهما، فالحركة التي أسسها أبو عبدالله الحموي في العام 2011، قبل أن تقتله، وتبيد معه قيادة الحركة من الصفين الأول والثاني، الاستخبارات التركية بتفجير في مقرهم في رام حمدان في أيلول العام 2014، لا تزال أكبر تلك الفصائل (اذا ما استثينا «داعش»)، ويقاتل في صفوفها ما لا يقل عن 25 ألف مقاتل.

وعلى الروس إقناع القطريين والأتراك أولاً بأن «أحرار الشام» حركة إرهابية. فمنذ أقل من شهر قدّم خالد العطية، وزير الخارجية القطري مطالعة عن «الشرفاء في (أحرار الشام) التي نتعامل معها ونموّلها»، وهي الحركة التي اختار الأتراك تسليمها، منذ أعوام، أمر المعابر في الشمال السوري نحو أراضيهم، بالتعاون مع الاستخبارات التركية، وهي أيضاً الحركة التي قدّم بلد أوروبي كبير رسائل اعتماد إلى كرواتيا وأوكرانيا لتسليحها. وهي الحركة ذاتها التي تشكل العمود الفقري، إلى جانب «جبهة النصرة»، في كل غرف العمليات التي وقفت الاستخبارات التركية وراءها، لا سيما حول حلب وإدلب وريف حماة الشمالي. وتشهد الحركة تمدداً كبيراً ومبايعات من الفصائل الصغيرة، التي فقدت «معيلها» الإقليمي، أو قدرتها على تمويل نفسها من السرقات والخوات والضرائب، لا سيما في أرياف حلب، وفي الغوطة من «جيش المسلمين» في القابون و «فيلق عمر».

وعملت الحركة قبل الوصول إلى فيينا على تقديم عروض لمقاتلة «الدولة الإسلامية»، في ما كتبه أحد قادتها لبيب النحاس في «واشنطن بوست» خلال الصيف الماضي، عن استعداد للمشاركة في الحرب على «داعش» مقابل تطبيع العلاقات مع جماعته. لكن الحركة التي لم تبايع «القاعدة»، وهي حجة «اعتدالها»، إلا أنها لا تبتعد لا في الخطاب، ولا في الأهداف عنها، فضلاً عن شراكتها المستمرة مع «النصرة»، فأحد أكبر مؤسسيها «ابو خالد السوري» (اغتاله «داعش» قبل عامين في حلب) لعب دوراً كبيراً في «القاعدة» والجهاد الأفغاني، كما يحسب قائدها العسكري العام أبو صالح الطحان، وشرعيها العام أبو محمد الصادق، على التيار السلفي الجهادي. ومن «القاعدة» أتى قائدها السابق هاشم الشيخ، كما جاء من الجهادين الأفغاني والعراقي لقيادتها أمراء كأبو سارية الشامي، قبل مقتله، وأبو أيمن الحموي.

وسيدافع السعوديون بكل ما أوتوا من قوة عن «جيش الإسلام» الذي يملك 15 ألف مقاتل، يتمركز أكثرهم حول العاصمة دمشق، لا سيما في غوطتها الشرقية، إذ يعد هذا «الجيش» قوة ارتكاز سعودية أساسية لتهديد دمشق، لكنه منذ تجميد غرفة عمليات عمان، التي يتبع تمويلاً وتسليحاً لها، وهزيمة خمس موجات من عمليات «عاصفة الجنوب» أمام جنود الفرقة الخامسة عشرة السورية في درعا، تراجعت فعالية هجماته، ولا يزال ينكفئ تدريجياً أمام تقدم الجيش السوري في قلب الغوطة الشرقية، والتوجه نحو تهديد معقله الأساسي في دوما عبر مرج السلطان وحرستا والتلال المحيطة بدوما.

وحتى لو نجح الديبلوماسيون بالتوافق على ما يطلبه الروس، الذين يسعون لقبض ثمن الحل قبل الدخول في تفاصيله، لا توجد مع ذلك ضمانات أن تحترم الدول ما يترتب على تصنيف أي جماعة مسلحة بالإرهاب، لأن ذلك سيكون انسحاباً من الميدان السوري، ووضع العربة أمام الحصان، قبل اتضاح الصفقة السياسية والأثمان التي سيطالب كل طرف بها، للمساومة على الجماعات التي تعمل تحت رعايته في الحرب على سوريا، ذلك إن وصم أي مجموعة بالإرهاب، لا يعني حرمان الأتراك والقطريين والسعوديين من القدرة على خوض الحرب ضد الجيش السوري والموافقة على إطلاق رصاصة في أقدامهم، بل أنه سيكون عليهم أن يشاركوا أيضاً في الحرب على الجيوش الرديفة التي موّلوها في سوريا.

ومن المبكر طبعاً الحديث عن هذا النوع من الصفقات قبل أن يذهب الروس والسوريون إلى تكرار مأثرة كويرس في أكثر من مكان من سوريا، وتغيير المعادلة الميدانية، واختراق جبهات جديدة في حلب والغوطة وحمص وسهل الغاب وريف حماة الشمالي، وفرض حل سياسي متوازن.

كما أنه لا ضمانات، مع وصم أي مجموعة بالإرهاب، بألا تواصل كل تلك الدول الراعية للفصائل الارهابية تمويلها، كما لم يمنع القراران الدوليان 2170 و2173 الصادران قبل عام، لا الأتراك ولا القطريين ولا السعوديين، ولا حتى الأميركيين، من تقديم الدعم والتسهيلات والمعابر الآمنة إلى سوريا عبر الأراضي التركية لكل الجماعات الإرهابية، خصوصاً «النصرة»، برغم تحريم تلك القرارات لها، وصدورها تحت الفصل السابع، من دون أن تجد تقريراً من لجنة أممية واحدة يتحدث عن مصير تلك القرارات، وعن عدم احترام تركيا، خاصة، لها.

وهكذا سيكون على اجتماع فيينا إيجاد آليات تضمن احترام ما يتفق عليه، إذا ما تم التوصل إلى لائحة «إرهابية» يعتد بها، ما يعقد أكثر عمل الديبلوماسيين قبل وصول الوزراء.

ويضع الروس شركاء الجماعات المسلحة أمام اختبار من نوع آخر أيضاً، وهو قدرتهم الفعلية على السيطرة على تلك الجماعات، وضرورة أن يتم توافق على ذلك، نظراً لقدرة تلك الجماعات على الهجرة من راعٍ إلى آخر، ومن السعودية إلى قطر أو تركيا، أو تمويل الجمعيات الإسلامية في الخليج، التي لا تزال مصدراً أساسياً للحرب على سوريا.

وفي النقاش بشأن لوائح الإرهاب، تتداخل خلافات كبيرة حول عدد المقاتلين الأجانب في سوريا، والذي يعد أحد أهم عناصر السجال حول أي من الفصائل المقاتلة يشكل وجهة الجهاديين العابرين من تركيا نحو سوريا. والسجال يتجاوز الديبلوماسيين إلى الأجهزة الأمنية والاستخبارية، حيث لا تزال الأرقام المتداولة ما دون الحقائق على الأرض، لا سيما حقيقة أن البؤرة السورية تجاوزت بكثير أكثر الأرقام تفاؤلاً، في تهديدها للجوار السوري، لو تمكنت تلك الجماعات من تحقيق انتصار جوهري في سوريا، لا سيما لبنان والأردن.

ويقول «المرصد السوري» المعارض، في تقرير صدر في آب الماضي عن عدد القتلى من الأجانب الذين سقطوا في القتال مع الجيش السوري منذ أربعة أعوام، أن عددهم بلغ قبل الانخراط الروسي في الحرب على الإرهابـ 34 ألفاً و375 مقاتلاً، وهو العدد الذي تمكن من توثيقه بالأسماء الحقيقية أو الحركية، من دون أن يكون الرقم شاملاً للحصيلة الحقيقية التي ستكون اكبر بالتأكيد. وتضم الحصيلة مقاتلين من جنسيات خليجية وشمال أفريقية ومصرية ويمنية وعراقية ولبنانية وفلسطينية وأردنية وسودانية وجنسيات عربية أخرى، بالإضافة لمقاتلين من جنسيات أوروبية وروسية وصينية وهندية وأفغانية وشيشانية وأميركية واسترالية، يقاتلون في صفوف تنظيم «الدولة الإسلامية» و «جبهة النصرة» (تنظيم «القاعدة في بلاد الشام») و «جنود الشام» و «جند الأقصى» وتنظيم «جند الشام» و «الكتيبة الخضراء» و «الحزب الإسلامي التركستاني» و «جنود الشام الشيشان»، والحركات الإسلامية المختلفة.

وكان التيار السلفي الأردني قد أصدر في بداية العام 2013 إحصاءً بعشرة آلاف مقاتل أجنبي من 15 جنسية، قتلوا في سوريا. وهي كلها مؤشرات على أن المسألة لا ينبغي أن تقتصر على تحديد الإرهاب، ولكن على إحصاء عدد الأحياء من المقاتلين الأجانب الارهابيين، الذين يجري تقديرهم على الغالب، بثلاثة أضعاف عدد القتلى، أي ما يقارب الـ120 ألف مقاتل أجنبي، قدم أكثرهم عبر تركيا، لشن الحرب على سوريا.

أما اختيار لائحة الوفد السوري المعارض المفاوض، أو المشاور في جنيف في لجان عمل المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، فالأرجح أيضاً أن يشهد الاجتماع سجالاً أقل حدة من موضوع تصنيف الإرهاب، لاختيار عشرين أو ربما ثلاثين معارضاً، لإرضاء الجميع، من بين لوائح تتنافس الدول على تقديمها، إذ تقدم الروس بلائحة تضم 38 اسماً، هم أسماء من دعتهم موسكو إلى مؤتمريها الأول والثاني هذا العام - سواء من حضروا أو غابوا - ولكنها تشتمل بشكل واسع على المعارضة السورية الداخلية، ومن بينهم ثلاثة رؤساء سابقين لـ «الائتلاف الوطني لقوى الثورة»، أحمد الجربا وأحمد معاذ الخطيب وهادي البحرة، بالاضافة إلى رئيسه الحالي خالد خوجا. كما تضم اللائحة أسماء رندا قسيس وقدري جميل وهيثم مناع وسمير عيطة وحسن عبد العظيم وصالح مسلم محمد.

وتقدم السعوديون بلائحة من 25 اسماً من المقربين منهم، من دون أن تغيب عن لائحتهم أسماء معارضين مقربين من موسكو، لا سيما قدري جميل. ويبدو قدري جميل الاسم الأكثر تقاطعاً في كل اللوائح المقدمة، ومنها المصرية التي تضم 18 اسماً بحسب مصادر معارضة.

وتقول مصادر سورية معارضة إن عشرين اسما يتقاطعون في اللوائح المقدمة حتى الآن، وأن الفرنسيين سيطالبون بضم بسمة قضماني إلى المفاوضين.

السفير - محمد بلوط

الوسوم (Tags)

سورية   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz