دام برس :

فعلها المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، وكما كانت التوقعات جاء في كلمته أمام مجلس الأمن؛ حيث قال دي ميستورا إنّ الحكومة السوريّة مستعدة لتعليق القصف الجوي لمدينة حلب ستة أسابيع، بما يسمح بترتيب وقف لإطلاق النار في المدينة، في هذا الوقت، وعلى نحو غير متوقع، بدأ الجيش العربي السوري عملية واسعة في الريف الشمالي للمحافظة، وفرض خوض معركة تطويق عاصمة الشمال، وفك الحصار عن بلدتي نبّل والزهراء.. في أبعاد وتبعات العملية نقاط عدة..

النقطة الأولى، تتعلق بالتزامن الذي حصل بين موافقة الحكومة السورية على خطة المبعوث الأممي إلى سوريا، حول تجميد القتال في حلب، وبدء العملية العسكرية الواسعة للجيش العربي السوري، في الشمال، فبعد طول انتظار، فاجأ الجيش أعداءه بالعملية، وانطلق من المكان والزمان الغير متوقعين، ما يعني ويؤكد أنّ الأمر كله بيد الجيش العربي السوري، وما حصل من تأخير خلال الفترة الماضية، كان مدروساً، ويبقى بيده القرار حول بدء العمليات أو انتهاءها.

النقطة الثانية، تكمن في أنّ الجيش العربي السوري يخوض معركة مهمة جداً في جنوب البلاد، وخاصةً على محور درعا، القنيطرة، وريف دمشق، وبالتالي نتأكد من أن الجيش العربي السوري، ورغم اقتراب دخول في العام الخامس للحرب الكونية عليه، إلا أنه مازال قادراً على الدخول في أكثر من معركة، وعلى أكثر من جبهة في وقت واحد، وهذا ما لا يستطيع أي جيش في العالم أن يفعله، خاصةً بعد التمعن في الأهمية الكبيرة للمعركتين، في الشمال والجنوب، والتوازن فيما بينهما.

ومن جهة أخرى، تبرهن العملية أنّ الجيش العربي السوري يعمل على حماية عاصمة البلاد بالقدر الذي تعنيه فيه أهمية عاصمة الشمال، ما يعني تأمين الخط الواصل من الشمال إلى الجنوب وما بينهما من المنطقة الوسطى الساحلية، وهذا الأمر لا يمنع بالضرورة العمليات المركزة والدقيقة التي يقودها الجيش العربي السوري شرقاً في دير الزور.

النقطة الثالثة، مع استمرار غارات التحالف الدولي الميتة، يبدو، أن الجيش ينوي محاصرة "الدواعش" ومن لف لفهم في منطقة واحدة، وهذا ما كنا نعلم على تفسيره خلال الفترة الماضية أثناء إصرار الحكومة السورية على تقسيم خطة تجميد القتال في حلب بين المدينة وريفها، ويفسر في الوقت نفسه الانسحابات التي تقوم بها الجماعات المسلحة نحو الرقة "العاصمة الداعشية الافتراضية"!.

النقطة الرابعة،مع البدء بالعملية العسكري في حلب، فقد بات فك الحصار عن بلدتي نبّل والزهراء، قاب قوسين أو أدنى،  سيشكل ضربة كبيرة للجماعات المسلحة، وعلى رأسها "جبهة النصرة" التي كانت تحاول خلال الفترة الماضية تمرير رسائل مفادها أن الحكومة السورية غير معنية بنبل والزهراء وهي لم تحرك ساكناً هناك.

النقطة الخامسة، في هذا الوقت، لم يعد أمام تركيا من مهرب؛ فالممر الذي كانت تصر أنقرة على فتحه لتمرير المسلحين، قد سده الجيش العربي السوري، وبالتالي من هرب هرب، من يستطع فقد "فطس"، ما يعني أنها ستكون في تماس مباشر وتعايش مع الإرهابيين الذين دربتهم على أراضيها، وهذا ربما يفسر ما أعلنت عنه المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جنيفر بساكي، حول تدريب ما يسمى "المعارضة السورية المعتدلة" والأنباء التي تتحدث عن اقتراب التوصل إلى اتفاق مبدئي لتدريب وتسليح تلك المجموعات، وأكدت أيضاً أنّ واشنطن تنوي توقيع الاتفاق مع تركيا قريباً؛ حيث ستكون تركيا إحدى المناطق المضيفة لبرنامج تدريب وتسليح تلك المعارضات.

 يشار إلى أنّ وزارة الدفاع الأميركية كانت قد في منتصف كانون الثاني أنها تعتزم إرسال مئات العسكريين الأميركيين لتدريب ما يسمى "المعارضة السورية المعتدلة"  التي ستقاتل لاحقاً "المجموعات الإسلامية المتطرفة"، وإضافة إلى تركيا، وافقت كل من السعودية وقطر على استضافة مراكز التدريب، كذلك عرضت توفير مدربين. وبحسب البنتاغون، تأمل الولايات المتحدة أن يبدأ تدريب "المعتدلين" في نهاية آذار، على أن تكون هناك مجموعات جاهزة بحلول نهاية العام، وتهدف وتهدف الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى تدريب أكثر من خمسة آلاف مقاتل سوري معارض خلال العام الأول.

في النهاية، تقول العديد من التحليلات، إنّ الجيش العربي السوري أعلن خطته في حلب ريثما يتم الموافقة بشكل نهائي على خطة التجميد، وبالتالي لحين الوصول إلى ذلك التوقيت، ستعلن ربما حلب المحافظة كاملة أمنة، ويعود ماء الذهب إلى حلب!.

عربي برس - ايفين دوبا