دام برس :
مواجهة جماعة " داعش " وما تبعها من تراص إقليمي وعالمي نتج عنه تحالف دولي، نَحَت جانباً مواجهة تنظيم “القاعدة”، بالحد الأدنى لمعظم الدول الإقليمية المميزة بكونهم حلفاء للولايات المتحدة، فالتعاطي بين هذه الدول والتنظيم المدرج على قوائم الإرهاب لديها أصبح ضرورة لمواجهة خطر أكبر، سواء خطر " داعش "، أو توظيف “القاعدة” في صراع إقليمي أحد أطرافه المستهدفه إيران، استهدافاً بدأ في العراق مروراً بسوريا ولبنان، ومؤخراً في اليمن متشحاً بمسوح طائفية. أو حتى توظيفه كورقة ضغط في صراعات داخلية مثلما حدث عشية الثلاثين من يونيو، وتهديد الإخوان المسلمين باللجوء إلى “القاعدة” تنظيماً وأسلوباً. حيث أتضح خلال الأشهر الأعوام الثلاثة الأخيرة أن التنظيم المدرج على لوائح الإرهاب في كافة دول المنطقة والعالم قد يتم توظيفه في معارك سياسية بين المحاور الرئيسية في المنطقة، وفقاً لمبدأ ترتيب الأولويات الذي يختلف من دولة لأخرى حسب خطها السياسي ومصلحتها. وبحسب موقع جلوبال ريتش الأمريكي فإن نظام آل سعود أوضح مثال للمفارقة السابقة، فسياسة السعودية تجاه التكفيريين تقوم على عقيدة أمنية-برجماتية بالدرجة الأولى، تنقسم إلى محورين رئيسيين، أولهم وأهمهم هو أن تكون هذه الجماعات خارج الحدود السعودية، ولا تضر بمصالح المملكة. ثانيهم توظيف هذه الجماعات سياسيا لتحقيق مصلحة السياسة الخارجية السعودية شريطة أن يتم دعم هذه الجماعات من خلال قنوات غير رسمية. فيما تتبقى علامة استفهام أخيرة بخصوص تنظيم “جبهة النُصرة”، الذي لم يتعرض مسلحيه أو الأراضي التي يسيطر عليها لأي غارة من غارات التحالف المفترض أنه يحارب الإرهاب! التناقض السابق يشي بأن هناك عدم اتفاق بين الولايات المتحدة وحلفاءها الإقليميين حول اعتبار أن مواجهة الإرهاب تتضمن محاربة “ داعش ”، و”جبهة النُصرة” –فرع القاعدة في سوريا- لا الأول فحسب، تناقض بالطبع يوضح أن هناك تباين في وجهات النظر في التحالف الهش الذي يتشكك الكثيرين بجدواه.