Logo Dampress

آخر تحديث : الأحد 16 حزيران 2024   الساعة 00:12:50
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
هل هي الربع ساعة الأخيرة من الحرب.. أم أنّ الصراع سيستمر؟

دام برس :

كتبت رولا يازجي في سلاب نيوز .. من يراقب تسارع نبض التصريحات الأميركية ووضعها نقاطٍ واضحة على الكثير من الأمور العالقة، يدرك أنّ إدارة أوباما أطلقت مرحلة العد العكسي إلى العلن بعد أن حاولت إطلاقها على دفعاتٍ متتالية خجولة امتصاصاً لغضب حلفائها في المنطقة.
منذ التراجع الأميركي عن التدخل العسكري وانسحاب البوارج الأميركية من قِبالة المتوسط، والذي تمّ دفع أوباما إليه من قِبل حلفائه وخصومه الجمهوريين عبر افتعال مجزرة الكيماوي، لإلزامه بتنفيذ تهديده فيما يتعلق بالخطوط الحمراء.. كشف أوباما عن سياسته المرسومة والقائمة على الاستنزاف والضغط مع الإستبعاد الكلي لأي خيارٍ عسكريٍ مباشر من شأنه أن يشعل المنطقة ويخلط الأوراق.. تعثّر إسقاط النظام واستطاعت سورية بدعمٍ من حلفائها الصمود بما يخالف المخططات والحسابات الأميركية. كان الهدف إسقاط النظام وتفكيك الدولة السورية ومؤسستها العسكرية، لفك حلقة الوصل بين محور المقاومة الممتد من إيران عبر سورية فجنوب لبنان وصولاً إلى غزة.. وما يعنيه هذا من أمنٍ لـ"إسرائيل"، ومن عزلةٍ تُضعف إيران في ظل العقوبات المحاصرة بها منذ سنوات، وبالتالي تقديم تنازل فيما يخص الملف النووي وإنهائه لصالح الولايات المتحدة و"إسرائيل".
جرت رياح السفن بعكس ما تشتهي أميركا، ومن يقول بأنّ سياسة الدولة العظمى لا تخطئ، لم يقرأ عن فشلها في أفغانستان ومن ثم لاحقاً في العراق. دخلت أميركا هذه الحرب بالاعتماد على حلفاء يتصارعون على النفوذ فيما بينهم أكثر من إصرارهم على إسقاط الأسد.. دخلتها وهي في أوج مراحل تراجعها بينما على النقيض فيما يخص سورية وحلفاءها. كانت روسيا في قمة نهوضها بعد سُبات انهيار الإتحاد السوفييتي، وكانت إيران قد تجاوزت مرحلة عبء العقوبات وانطلقت في مرحلة بناء الإقتصاد المقاوم والذي دشنته البارحة بافتتاح المرحلة الثانية عشرة من حقل تارس النفطي وما يعنيه هذا الإفتتاح من رسالةٍ سياسية لأميركا وأصدقائها في المنطقة، بأنّ من يسعى لإتمام المفاوضات النووية هي أميركا وليست إيران التي بحسب زعم أوباما قد رضخت تحت وطأة العقوبات، وبأنّ استمرار العقوبات لن يفيد في حل الملف النووي، هذه الرسالة سبقتها عدة مؤشرات تؤكد بأنّ أوباما هو من يسعى لإنجاح المفاوضات طيلة الوقت.
سنة كاملة من المفاوضات السرية كانت تجري في عاصمة السلطة العُمانية دون علم أصدقاء أوباما في المنطقة، ليأتي بعدها تصريح الخامئني بشأن الرسائل السرية التي كان يقوم أوباما بإرسالها خفيةً لإيران.. إيران التي أرادت لهذا التفاوض أن يكون في العلن وأن يخضع للبند السابع، راعت قلق إدارة أوباما من ردة فعل خصومه وحلفائه ومنحته زمناً كافياً للتمهيد لهذا الإعلان والتراجع. زمنٌ تجاوز فيه تمدد الإرهاب الحد المطلوب أميركياً دون تحقيق النتائج المرجوة منه لتقسيم المنطقة. مع دعم طهران الكامل في المقابل لسورية ومنع مشروع إسقاطها وإمساكها بزمام الأمور في العراق، إستطاع النظام في سورية الثبات وأعاد سيطرته على معظم المدن الرئيسية.
في المقابل تمدد الإرهاب وبات يهدد المصالح الأميركية في المنطقة، وكان لا بدّ أن تتوالى نتيجةً لذلك التصريحات الأميركية الفاقعة في الأيام الأخيرة، فلم يبقَ سوى بضعة أيامٍ على الفترة المحددة لإنهاء الملف النووي، في حين تتراجع وطأة داعش في العراق وسورية وما يعنيه من إمكانية تشظيها في باقي المنطقة وملامسة المصالح الأميركية في بعض الدول العربية. ومن إصرار أوباما على إحراز نجاحٍ في سياسته الخارجية عبر إتمام الملف النووي مع إيران قبل نهاية ولايته الرئاسية، أتى تصريح ديمستورا منذ شهر بأنّ الأسد بات جزءاً من الحل، كتمهيدٍ لإخراج السياسة الأميركية إلى العلن.. وتبعه بعدها تصريح برينان الذي تحدث عن إتفاقٍ أميركي-روسي بعدم السماح للمتشددين بالسيطرة على دمشق وانهيار مؤسساتها.. ليلحق بهم أخيراً تصريح جون كيري بأنه لا بد من التفاوض مع الأسد في نهاية المطاف.
أتت الردود العاصفة من حلفاء أميركا، تصدرها رد الفعل الفرنسي الذي يحابي أصدقاءه المستثمرين الجدد (السعودية وقطر)، وتبعه رد الفعل التركي والذي كان يأمل بإنشاء منطقة عازلة. لم تكترث الإدارة الأميركية بشكلٍ جدي لطمأنة حلفائها وكان تبرير المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ينطبق عليه المثل القائل (إجا ليكحلها عماها)، فقد قالت بأنّ كيري لم يقصد التفاوض مع الأسد بل التفاوض بين ممثلين عن الأسد وبين المعارضة، في إشارةٍ واضحة لعدم نية إدارة أوباما التراجع خطوة للخلف بعد حزم قرارها وتصدر محاربة الإرهاب لبنود أولوياتها.
تسارعت بعدها الخطوات الأميركية التي تسعى في هذا الإتجاه.. تقرير لجنة التقييم للتهديدات حول العالم والذي تصدره الإستخبارات الوطنية الأميركية، قام البارحة بحذف إيران وحزب الله من قائمة التهديدات الإرهابية للمصالح الأميركية، لا بل يتحدث التقرير عن الجهود التي بذلتها إيران في محاربة المتطرفين ومن بينهم داعش الذين وصفهم التقرير بأنهم هم من يشكلون أبرز تهديد للمصالح الأميركية حول العالم. ذهب التقرير أبعد من ذلك ليتحدث عن دور إيران الإقليمي ونواياها لإخماد الطائفية عن طريق تخفيف حدة التوتر مع السعودية وبناء شراكة مع الجوار، ليتم إلحاقه صباح هذا اليوم بتصريحٍ لافتٍ من أوباما يقر فيه بأنّ تنظيم داعش هو نتيجةً للإحتلال الأميركي للعراق (وما يعنيه تصريحه من موافقة ضمنية واعتماد على محاربة إيران لداعش في العراق ودعم محاربته في سورية، في ظل التخوف الأميركي من تمدده ليطال مصالحه في المنطقة).
يتبع هذه الخطوة تصريح عن البيت الأبيض يتحدث عن امتثال النظام في سورية بنسبة 100% لموضوع تسليم السلاح الكيماوي.. ليتبعه تصريح السيناتور ريتشارد بلاك عضو مجلس الشيوخ بأنّ سورية بقيادة الرئيس الأسد تحارب تنظيم داعش بصورةٍ فعالة وتعمل على حماية مواطنيها، واصفاً سورية بأنها مركز ثقل بالنسبة للحضارة الغربية وأنّ سقوطها يعني توجه الإرهاب إلى أوروبا، في رسالةٍ موجهة لأوروبا ولرأس حربتها فرنسا.. ليختمها أوباما منذ ساعاتٍ قليلة برسالة تهنئة موجهة إلى الشعب الإيراني بمناسبة عيد النيروز، يقول فيها: هذه السنة تمثل أفضل فرصة منذ عقود للوصول إلى علاقات مختلفة بين بلدينا، أؤمن أنّ هناك فرصة تاريخية لحل الملف النووي بطرقٍ سلمية ويجب أن لا نفوتها.. ولعلَ ردة الفعل الأميركية المتحفظة والصامتة حتى الآن على إسقاط طائرتها من قبل الدفاعات الجوية السورية، مؤشرٌ آخر في عدم السعي لتسعير الأجواء أقله في الوقت الحالي.
إذاً سورية أسقطت الطائرة من موقع القوي في المعادلة الجديدة.. كل ما سبق لا يعني بأنّ إسقاط سورية لم يكن الهدف، بل يعني فشل أميركا في إحراز هذا الهدف، وانتقال أحجار الشطرنج على رقعة الحرب ليكون الأسد شريكاً على الإرهاب بدلاً من أن يكون هدفاً بعد تبدل الأولويات بفضل صمود سورية طيلة السنوات الأربع، فمن أبرز عناوين هذه الحرب هو الغاز، وكان الخبير الإستراتيجي البرازيلي بين إسكوبار قد قال في عام 2013 (إن من يسيطر على سورية يتحكم بشريان الغاز، مصدر الطاقة الرئيسي في القرن الحالي). ويعني إحراز تفاوض نووي من موقع القوة بالنسبة لإيران وليس من موقع الضعيف، وبدلاً من عزلها إقليمياً، الإقرار بها كقوة إقليمية فرضت نفسها.
الدول العظمى لا تحتفي بالتابعين بل بالأقوياء، وإلى أن تُترجم هذه التصريحات إلى أفعال وتفرض الدول الكبرى على الدول التابعة لها في المنطقة وقف دعم وتمويل الإرهاب.. الجيش ماضٍ في تقدمه لدحر الإرهاب...

الوسوم (Tags)

داعش   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz