دام برس - ريتا قاجو :
لم تكتف الحرب في سورية بحصاد الأرواح البشرية ، وبقايا أحلام الشعب ، وضحكات الأطفال، بل امتدت لعنتها لتصيب الإرث الحضاري لهذه الأرض المقدسة ، هذا الإرث الذي يعود لآلاف السنين، ويعد الأبرز والأهم في تاريخ الحضارة الإنسانية.
أضرار كبيرة لحقت بمختلف المواقع والمعالم الأثرية على امتداد الجغرافيا السورية بفعل الحرب الطاحنة التي اندلعت منذ عام 2011، لم تترك فيها الجماعات الإرهابية فرصة لتخريب معالم حضارة هذا الوطن، وهو ما يثبت أن المؤامرة ليست ذات أبعاد سياسية فقط ، بل هي مؤامرة تستهدف الأرض والحضارة والتاريخ.
ذكرت صحيفة " نيويورك تايمز" أن خمسة من ستة مواقع للتراث العالمي المسجلة في منظمة اليونسكو، تعرضت لأضرار كبيرة في سوريا، مشيرة إلى اجتماع المنظمة الذي عَقد مؤخراً في باريس، بهدف اتخاذ المزيد من الإجراءات الفعالة لحماية آثار ومعالم سوريا من المزيد من الأضرار.
ويقول المسؤول في اليونسكو " جيوفاني بوكاردي" أنه من الضروري إقناع العالم بضرورة توفير  الحماية العاجلة والحقيقية للآثار في سوريا ، فهذا لا يقل أهمية عن أية إجراءات أخرى حسب تعبيره.

ونشر معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث، تقريراً يشير فيه إلى أن مدن عريقة مثل دمشق وحلب وغيرها على الأرض السورية  يعود تاريخ السكن فيها إلى آلاف السنين تعرضت معالمها الهامة إلى أضرار بليغة، بالإضافة إلى إلحاق الأضرار التي وصل بعضها لدرجة التدمير الكلي في شمال وشرق سوريا على يد ما يسمى تنظيم "داعش".
وتشير "نيويورك تايمز" إلى الحرب في العراق، وتقارب بينها وبين الحرب السورية ، حيث أن المتاحف والآثار في بلاد الرافدين لم تكن أوفر حظاً من نظيرتها في سوريا ، ويضيف "جيوفاني بوكاردي" : " جزء من استرتيجية الحرب على سوريا ، كان الطمس المتعمد لكافة أشكال الإرث الثقافي والحضاري، سواء كان ملموساً أو غير ملموس "  .
على هذه الأرض تعانقت الأديان والحضارات ، فيها عاش البشر منذ القدم ، منها انطلقت الأبجدية الأولى للعالم، وكافة العلوم والفنون الإنسانية، وساحاتها شهدت نهوض أعظم المعالم الحضارية والإنسانية ، فردّ العالم لسوريا التي بشرت بالسلام بكل ما لاعلاقة له بالسلام !!