دام برس : أدلى الرئيس السوري بشار الأسد، في خطابات ومقابلات عديدة، بإجابات وإشارات؛ إنما حديثه المفتوح، في لقاء مع كوادر حزب البعث، مختلف، لا من حيث المواقف، لكن من حيث الصراحة والمباشرة والتفاصيل. في ما يلي عرض للقاء حزبي بين الأمين القطري لحزب البعث، «الرفيق بشار الأسد»، وكوادر الحزب في محافظة طرطوس، في 20 تشرين الثاني 2014؛ نشر الإعلام الرسمي، في حينه، نتفاً منتقاة منه، وحصلت «الأخبار»، أخيراً، على محضر اللقاء، وتوقفت عند أبرز مفاصله: مرحلة « داعش»
يقرر الرئيس أن «ما يميّز هذه المرحلة، أنها مشوّشة»، لكنها «تتضح»، شيئاً فشيئاً، و«خصوصاً لدى الغرب»؛ وصلنا، يقول الرئيس، إلى «مرحلة مفصلية، لا خيار وسطاً فيها؛ فإما المضي باتجاه الهاوية بالنسبة للمنطقة كلها، وسيدفع الغرب ثمنها، وإما المضيّ باتجاه الحل».
في الإيجابي أن الاصطفاف الدولي المعادي لسوريا «مرتبك، بكل معنى الكلمة، وفاقد للرؤية، ولا يملك تصوراً للذي يحصل؛ لكن في السلبي، «أننا لا نعرف متى يمكن أن يتخذوا قراراً خاطئاً». لكن، حتى هذه اللحظة، فإن الاتجاه العام «إيجابي»؛ فأوروبا «غير موجودة، والإدارة الأميركية منقسمة على نفسها؛ الخارجية في اتجاه، والجيش في اتجاه آخر، والبيت الأبيض في اتجاه ثالث»؛ بالمحصلة يتحكم بالنقاش الأميركي الشعور بالوقوع في «الخديعة» من قبل حلفائهم: «يتحدثون علناً بأنهم خُدعوا من قبل قطر، ثم تركيا، ثم السعودية»؛ أولاً، صوّروا للأميركيين، أن قضية سوريا بسيطة؛ مجرد الضغط «لإطاحة» النظام، لصالح نظام «ديموقراطي» عميل للغرب؛ ثانياً، حين أدركوا استحالة اسقاط الدولة السورية، طرحوا الإبقاء عليها مع «تغيير الرئيس»؛ هنا «جاءت الانتخابات الرئاسية لتشكل صدمة شديدة لهم، وإنْ كانوا لا يعترفون بها في العلن، فإنهم يعترفون بها سراً». الاتصالات بدأت فعلاًً هنا، يعلن الرئيس أن الأميركيين والغربيين وحلفاءهم، في «حالة ضياع كامل»، أخذتهم نحو الاستدارة، «لكنه تحوّل بطيء جداً»، كونهم صعدوا أشجاراً عالية «وذهبوا بعيداً في إقناع الرأي العام الغربي بأن سوريا دولة شيطانية؛» فالتراجع، إذاً، يحتاج إلى وقت. ومع ذلك البطء في التحول الغربي، فقد «بدأ الغربيون بالتواصل معنا واللقاءات لا تنقطع؛ وهي تتم بإشراف من أعلى المستويات؛ رؤساء ورؤساء وزارات ومدراء مخابرات...» وفي هذه اللقاءات، يظهر لنا أنهم «منقسمون حول ما يجري في سوريا. والتيارات التي تريد الانفتاح علينا هي التي تتواصل معنا بمعرفة المستويات السياسية الأعلى». الاستدارة الأميركية البطيئة
بعد خسارة الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، لم يعد لدى الرئيس باراك أوباما ما يخسره في سياساته الداخلية؛ بدأت إدارته بالاستدارة؛ لم تتراجع لفظياً عن مطلب تغيير الرئيس في دمشق، لكنها تتساءل «إذا ذهب الرئيس (الأسد)، فمَن سيأتي؟ داعش؟ ليس لدينار خيار»! الورقة الكردية
وسط الفشل الأميركي في سوريا، أمسك الأميركيون «بالورقة الكردية؛ سيدعمون المخططات الفدرالية واللامركزية في سوريا؛ هذه ستكون القضية المستقبلية المعدة للضغط على سوريا. واقعياً، هذه الورقة ليست صالحة للاستخدام الفعلي على الأرض، ولن تنجح لأنها غير منطقية؛ فالأكراد، في أكبر منطقة يتجمعون بها، وهي الحسكة؛ لا يشكلون سوى 36 بالمئة من السكان». قطر وتركيا
من الملاحظ أن الرئيس الأسد لم يتطرق إلى الأنظمة الخليجية؛ من الواضح أن موجة المصالحات بدأت، يستبعد ذكر دول الخليج، ما عدا قطر؛ يركز على قطر بوصفها «بنكاً للإرهابيين»، أما المشروع الخطير فعلاً، فهو مشروع تركيا أردوغان؛ هذا إخونجي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؛ «يريد تنظيف المنطقة من الكفّار، ووضع الإخوان المسلمين في قيادتها، يحكمون المنطقة، ويحولونها إلى دولة إسلامية، على طريقة الخلافة العثمانية». دي ميستورا... وخطة حلب
«قلنا للمبعوث الأممي الجديد، تريدون أن نذهب إلى جنيف 3 و4؟ سوف نذهب! لكن إذا كنتم تريدون نتائج؛ فالنتائج داخل سوريا؛ أجدى لدينا أن نتفاوض مع مسلح محلي يرفع السلاح في وجهنا، من التفاوض مع عميل» للقوى المعادية لسوريا. يقول الرئيس: «نحن بدأنا بالمصالحات؛ وضع دمشق جيد نسبياً، وفي حمص تم انجاز الجزء الأساسي من المصالحة؛ وفي حلب، بدأنا مفاوضات لكي يتم اخراج المسلحين على طريقة حمص». وهكذا، فخطة دي ميستورا لتجميد القتال في حلب تتناسب تماماً مع ما نقوم به. وكل ما عدا ذلك لا أساس له، لا إدارة محلية، ولا عملية سياسية»! بالطبع، لكي تنجح خطة دي ميستورا، ينبغي، أولاً، اجبار تركيا على «وقف دعم المسلحين». روسيا الرئيس واثق: «الروس معنا بشكل ثابت، ولا يتغيّر؛ والموقف الروسي صلب، ويتجسد بالدعم السياسي في مجلس الأمن، وعلى الساحة الدولية، وبالدعم العسكري لقواتنا المسلحة، لكنه لا يصل إلى مستوى أن يتدخل الروس عسكرياً؛ ففي النهاية، نحن مَن يجب أن ندافع عن أنفسنا». إيران «... بشأن العلاقة مع إيران، يجب أن نعلم أنها معنا في التوجه الاستراتيجي العام؛ لكن يجب أن نفهم، أيضاً، أن سبب نجاح إيران على المستوى الدولي هو في الطريقة البراغماتية التي يمارسونها؛ عملياً هم صامدون في الملف السوري، ويجب أن نعلم أن العلاقة بين سوريا وإيران هي علاقة استراتيجية». مصر تحاول مصر أن تلعب دور الوساطة في سوريا؛ «يستلزم ذلك علاقات جيدة بالطرفين». المهم أن الضربة التي وجهها المصريون إلى الإخوان المسلمين، ساهمت، بشكل سريع في انحدارهم، وانحدار الإسلام السياسي. «يمكن وصف الدور المصري بالإيجابي. علاقاتنا مع الأجهزة الأمنية المصرية ـ حتى في أيام (الرئيس السابق محمد) مرسي ـ كانت جيدة، والآن تطورت، أولاً بفعل مجيء الرئيس عبد الفتاح السيسي، وثانياً بفعل الضربات التي تلقاها الإخوان المسلمون في مصر. وهذا ما جعل التقارب كبيراً». الأخبار - ناهض حتر |
||||||||
|