دام برس:
"نظام" شابٌ سوريّ يعمل في تجارة الخردة , كان حلمه في المدرسة أن يصبح مهندساً, هكذا أراد منه والده الذي عمل ناطوراً لأحد الفيلات الفخمة في دمشق, لم يحالف الحظّ " نظام" في تحقيق حلمه, عدا عن ملازمة الأسماء التي أطلقها عليه زملائه في المدرسة إلى أن أصبح في منتصف العشرينات من عمره, "نظام منضم" أحد تلك الأسماء, نسبة إلى المادة التي كانوا يأخذونها في المدرسة الإعدادية, فيما كان عامر أحد زملائه يسأله دوماً " هلأ أنت ويندوز XP أو 7 ؟"
حينما اختار هذا الشاب السوري وجهته الجديدة, لم يكن يعلم أنه سيسكن في مدينة تنقطع فيها الكهرباء فقط ل 16 ساعة يومياً, أي أكثر مما تنقطع فيها في الرقّة الولاية "الداعشية" كما تقول الأخبار. في الطريق إلى العاصمة المليء بالحواجز والتوقف المتكرر فكّر "نظام" كثيراً في الهجرة ولكن لماذا يقبلون لجوءه؟! يسأل نفسه, هل لكي يقود سيارة سوزوكي ويشتري الخردة من البيوت الخشبية في أحد شوارع برلين مثلا! ليس منطقياً, عدل عن التفكير بالهجرة واستسلم لفكرة البقاء "صامداً" في بلده, أساساً الصمود شيءٌ جيدٌ ونبيل, هذا ما يرِد إلى سمعه الآن عبر إحدى الإذاعات المحلية, من دون أن تنوّه هذه الإذاعة على أن للصمود عوامل لم يتبقى منها أيّ شيء.
قرّر هذا الشاب الاستسلام لطول الطريق وللنوم في آنٍ واحد, ها هي جبال القلمون تظهر في الأفق, تقف بصلابةٍ برغم البرد القارس في تلالها, وشراسة المعارك بين بياض ثلجها وسواد راياتٍ أتت لتنشر دين الله "السّمح" في أرض "الكفار", يقطع استرسال نوم "نظام" رنينُ هاتفه الجوّال, رقم أخيه مجد على الشاشة, يخدم مجد في الجيش السوري في معسكر وادي الضيف الذي سقط في يد جبهة النصرة منذ أيّام, ثمّة صوتٌ يتسلّل عبر السماعة, يختصر بكلماته القليلة كل شناعة وبشاعة ما على هذا الكوكب: "اذا بدك أخوك بدنا 5 مليون, معك 24 ساعة" ويُغلَق الخط.
|
||||||||
|