الرئيسية  /  تحقيقات

يوميات السوريين .. أخي المواطن بيعين الله !


دام برس - خاص :
أم عادل والدة لخمسة أطفال، تشتري احتياجات المنزل كل يوم من البقالية المجاورة لبيتها، تسأل البائع: بكم البطاطا؟ فيجيب: 160 ليرة!
فتنظر إليه نظرة فيها من الأسى والاستغراب والاستنكار ما يلخص معاناة شعب بأكمله: "أوف ب 160”! أي لو اشتريت 2 كيلو سأدفع 320 ليرة على وجبة بطاطا! إذاً لو أردت أن أطعم أطفالي المساكين اللحوم كم سأدفع كل يوم!
نعم يا أم عادل، قبل الأزمة في سوريا، كان المواطن السوري يشتري بمئة وستين ليرة مجموعة أصناف من الخضار يملأ بها براد المنزل لعدة أيام، أما اليوم أصبح هذا المبلغ لا يكفي شراء ما يأكل به ليوم واحد!
معاناة كبيرة تلف حياة السويين اليوم، الشعب الذي اعتاد أن يتفاخر بسهولة المعيشة وانخفاض الأسعار أمام الدول الباقية، أصبح اليوم عالقاً في نيران الأسعار المرتفعة، التي تشتعل كل يوم لتلتهم بلهيبها المواد الغذائية والألبسة والأدوية وكل اللوازم الضرورية، فأصبحت الحياة اليومية أشبه بصراع للحصول على لقمة العيش فقط لا أكثر.
يقول السيد خالد القاضي، وهو موظف حكومي، أن ارتفاع الأسعار وصل لمرحلة مخيفة، وبالكاد أصبحنا نتدبر أمورنا، ووصلنا إلى مرحلة اضطررنا فيه ان نعلم أطفالنا ثقافة التقشف والاقتصاد فالراتب الشهري اليوم، أصبح عاجزاً عن تلبية أبسط احتياجات الأسرة.
والوضع المعيشي الحالي ، وفي ظل ما تعانيه سوريا من حرب وأزمة اقتصادية خانقة، جعل الكثير من الأمور الضرورية بمثابة أشياء كمالية بالنسبة للمواطن، فارتفاع الأسعار تعدى المواد الغذائية إلى كل السلع الأخرى، لدرجة أصبحت فيها من منسيات المواطن ، فمن يتجرأ اليوم على شراء ما يشتهيه أو بالأحرى ما يحتاجه من الملابس ، أو من يسمح لنفسه أن يحلم بشراء منزل، أو حتى الإيجار، وتطول القائمة وقد لا تنتهي، فالقرطاسية المدرسية أبسط ما يحتاجه الطفل السوري اليوم ، أصبحت في عداد الأشياء التي يحسب لها رب الأسرة حساباً تصف السيدة عائدة قرحيلي ، وهي مديرة لروضة أطفال ما تراه من معاناة وهموم للأهالي في عيون أطفالهم, فأصبحت احتياجات الطفل في مدرسته عبئاً إضافياً يضاف لقائمة أعباء الأسرة، هذا ولم نتحدث عن احتياجات الأطفال الأصغر سناً من حليب ومواد ضرورية أخرى ، فحتى الرّضع لم يسلموا من تداعيات الأزمة.
يقول السيد محسن، وهو صاحب بقالية في منطقة المزة: " أنا مواطن عادي قبل أن أكون صاحب بقالية، وأنا في النهاية مستهلك مثل كل المواطنين، فما أشتريه بسعر مرتفع أضطر لبيعه للزبائن بسعر مرتفع أيضاً، وهذا ليس محل رضا لأحد فجميعنا نتمنى أن تتحسن الأوضاع وتعود الأسعار كما كانت "
وإذا كان محسن بائعاً نزيهاً إن صح التعبير، فهذا لا ينطبق على الآخرين، الذين زادوا على الغلاء غلاءً وعلى الاستغلال استغلالاً، فاليوم يختلف سعر السلعة من شارع إلى أخر، وربما من محل إلى آخر في نفس الشارع !!
وهنا تستحضر ذاكرتنا صور الاحتكار وتجارة الأزمة، الذين يقتلون المواطن بلقمة عيشه، كما يقتله الإرهابي بسيفه!
للأزمة تداعيات اقتصادية وجميع السوريين أدركوا ذلك، والجميع اليوم أصبح واعياً لآثار الحرب والمؤامرة، لكن هذا لا يعني أن نغض النظر عن التجاوزات التي ليس للحرب علاقة بها!
الأسعار مهما ارتفعت لها حدود وهذه الحدود لم نعرفها حتى الآن! من يراقب الأسعار؟ ومن يحمي المستهلك اليوم من ابتزاز واستغلال التجار؟ وما هي الآلية المحددة التي تحمي بها الحكومة مواطنيها وتصون لقمة عيشهم؟ وكل ما يحدث من تجاوزات للخط الأحمر من المسؤول عنه ؟؟
تؤكد الأستاذة ميساء صالح عضو مجلس الشعب السوري ، أن أعضاء المجلس وضعوا هموم المواطن اليومية في أول اهتماماتهم، وعضو مجلس الشعب مواطن قبل كل شيء ، وبالتالي سيكون قادراً على نقل المعاناة للجهة المسؤولة، لكن مجلس الشعب في النهاية جهة تشريعية، وما يقره من قوانين وتشريعات يجب أن توضع موضع التنفيذ الصحيح كي تؤدي دورها، وهو ما يقع على عاتق السلطة التنفيذية المتمثلة بالسادة الوزراء فتقول صالح : " المواطن الذي صبر من أجل وطنه وقضيته يستحق منا أن نوجد حلولاً لمشاكله، وكثيراً ما صرحت الجهات المعنية تصريحات توحي بالتفاؤل وسرعان ما يتبين لنا أن كل ذلك كان مجرد كلام ، فنحن اليوم كأعضاء مجلس شعب لا نقبل أن يأتينا رد أن عدد مراقبي التموين غير كافي لضبط الأسعار ! "
أسئلة كثيرة برسم الإجابة من قبل الجهات المعنية، والكثير من النقط الغامضة بحاجة إلى توضيح ...  من يحمي المواطن اليوم من "هيستيريا" الأسعار؟ لماذا لا يرى المواطنون رغم كل محاولات" تجميل" الوضع سوى الإهمال وعدم تحمل المسؤولية؟
ومن الآن حتى يجيب المعنيون أخي المواطن "بيعين الله “!

إعداد: ريتا قاجو

 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=11&id=52233