الرئيسية  /  أخبار

معارك خطوط الإمداد في ريف حماه


دام برس :

ليست معارك حماه تلك المعارك المنفصلة عن باقي المعارك في كل سورية، فهي جزء لا يتجزأ من معركة استعادة الجغرافية وعلى رأسها خطوط الإمداد والقمم الحاكمة.
وعلى مدى أكثر من شهر بات المشهد الحموي وخصوصاً في الريف الشمالي مختلفاً تماماً عمّا كان عليه منذ بدء وحدات المهام الخاصة بعملياتها التي أدّت حتى اللحظة الى الإمساك والسيطرة على مواقع ومساحات كبيرة من جغرافية ريف حماه الشمالي من قبل الجيش السوري.
هذه المقدمة التذكيرية هدفها هو الإنطلاق الى توصيف المشهد الجديد للدلالة على آفاق العمليات في المرحلة القادمة.

والتطور اللافت اليوم هو إستعادة الجيش السوري السيطرة على موقع كتيبة الدبابات شمال شرق مدينة مورك وهي نقطة تعتبر السيطرة عليها مفتاحاً هامّاً للإلتفاف على مورك من جهة الشمال وقطع خط الإمداد عن الجماعات المسلّحة من جهة خان شيخون، بحيث لا يتبقى للجماعات المسلّحة إلا خط إمداد كفرزيتا من الجهة الغربية وهو خط يمكن للجيش العربي السوري إحكام السيطرة عليه نارياً في المرحلة الأولى.

وفي المضمون المباشر للعملية يبدو واضحاً أنّ الجيش السوري يعمد الى تطويق مورك وعزلها وإسقاطها بالحصار أو بعملية قاصمة، وهو أمر أصبح في نهاياته نظراً للوضع الميداني المعقد الذي تعاني منه الجماعات المسلّحة، ولعدم تمتعها بالقدرات اللازمة لإستكمال مراحل صمودها السابقة، فسلسلة الهزائم التي تعرضت لها في ريف حماه الشمالي استنزف الكثير من قدراتها البشرية والنارية ما ينعكس حالياً على أدائها القتالي ومستوى التخطيط المتدني وفقدان عوامل القيادة والسيطرة الموحدة بسبب تناحر هذه الجماعات فيما بينها من جهة، واضطرارها لخوض المواجهة مع الجيش السوري من جهة أخرى.
ولأن آفاق معركة ريف حماه أصبحت معلومة الأهداف فإنّ الجماعات المسلّحة تدرك أنّ سقوط مورك بيد الجيش السوري سيشكّل بالنسبة لها خسارة كبيرة لن تقتصر على مورك وحدها، فبعد كل سقوط لمنطقة حيوية عادةً ما يتبعها العديد من المناطق التي تجاورها وهذا ما حصل في ريف حماه ويحصل في كل الجبهات السورية.

ومن هذا المنطلق تعمل الجماعات المسلّحة على تنظيم خطوط دفاعها بشكل يمنع الجيش العربي السوري من تحقيق أهدافه المباشرة وغير المباشرة.
وفي متابعة دقيقة لمسار الميدان في مورك ومحيطها نلاحظ أنّ الجيش السوري يهاجم المدينة من كامل جهتها الشرقية ومن جهة الجنوب والجنوب الغربي، خصوصاً أنّ الجيش السوري بات يمتلك نطاقاً جغرافياً واسعاً يساعده على تحقيق عامل الحركة والمناورة، وهذا ما تقوم به وحدات الجيش السوري، ففي نفس الوقت الذي تتم في مهاجمة مورك فإنّ تحركات الجيش السوري بإتجاه اللطامنة تجبر الجماعات المسلّحة على إبقاء عدد كبير من قوتها على هذه الجبهة لمنع سقوط اللطامنة التي بات الجيش السوري على تماس مباشر معها من جهاتها الشرقية والغربية وعلى مسافات قريبة منها.
إنّ ما تبقى للجماعات المسلّحة في ريف حماه الشمالي بشكل أساسي هو بلدات اللطامنة ومورك وكفرزيتا وكرناز التي سيطر الجيش السوري على جزء كبير من محيطها.

في المباشر أصبح الجيش السوري في وضعية تساعده على القيام بالشكل الذي يختاره من المعارك، فهو قادر على خوض القتال في وقت واحد مع البلدات التي ذكرناها من خلال توسيع نطاق السيطرة، والقتال على جبهات منفصلة لتحقيق عامل الضغط والتضليل.
في الأهداف غير المباشرة لجبهة ريف حماه تُدرك الجماعات المسلّحة أنّ الهدف هو فك الطوق عن معسكري وادي الضيف والحامدية المحاصرين منذ تسعة أشهر، إضافةً الى إعادة ربط حماه بحلب وإدلب عبر الطريق الرئيسي، وهذا ما جعل الجماعات المسلّحة تنفّذ الهجوم الـ50 على معسكري الحامدية ووادي الضيف بهدف السيطرة عليهما وهو أمر لم يتحقق حتى هذه اللحظة.
وتكمن أهمية معسكري وادي الضيف أنهما يحتويان خزانات وقود ضخمة جداً ومستودعات ذخيرة كانت ستتيح للجماعات المسلّحة الكثير من الإمكانيات فيما لو تمّت السيطرة على هذين المعسكرين، إضافةً الى وقوع هذين المعسكرين على بعد حوالي 500 متر من الطريق الدولي الواصل بين حماه وحلب.

ومن المهم أن نذكر أنّ الجيش السوري استطاع في مرحلة معينة أن يصل بقوة مدرعة ضخمة والعديد من الأسلحة الثقيلة مع كميات ضخمة من الذخائر الى داخل المعسكرين وأن يعزز قدرات حامية المعسكرين التي ما زالت تحصل على الدعم عن طريق الجو.
في معارك الجبهات السورية لا يستطيع أحد أن يحدد فترات زمنية لإنتهاء معركة ما لإرتباط الأمر بالكثير من التعقيدات، ولكن يمكن أن نؤكد وبسياق مرتبط بطبيعة المعارك ونتائجها اليومية أنّ الجيش السوري كما الجماعات المسلّحة يحرز تقدماً ويتعرض لإنتكاسات، بفارق أنّ الجيش السوري يعمل من ضمن استراتيجية شاملة وتخضع وحداته لأمرة قيادة واحدة وهيئة تخطيط واحدة ويحقق منذ سنة إنجازات بالمعنى الإستراتيجي في حمص وأريافها والقصير والنبك وكل القلمون وأرياف دمشق وفي حلب وأريافها، ويحافظ على تموضعه في العديد من النقاط الضاغطة في الجبهة الجنوبية رغم بعض الإنجازات التي تحقّقها الجماعات المسلّحة في أرياف درعا والقنيطرة.

وبالرجوع الى جبهة ريف حماه يبدو أنّ الأمور إذا ما نظرنا الى جبهات حلب وخصوصاً الريف الغربي ندرك أنّ المسار يتجه الى ربط حماه وريفها مجدّداً بحلب وريفها الغربي والجنوبي، أمّا بخصوص التوقيت فوحدها قيادة العمليات تستطيع أن تحدد تواريخاً، إضافةً الى معطيات الميدان غير الثابتة والكثير من المفاجآت التي تحكم المعارك.

سلاب نيوز

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=12&id=50479