الرئيسية  /  كتاب وآراء

تجربة الاصلاح الإداري السوري المرتبك هل حان موعد الاستقامة ؟ بقلم: عبد الرحمن تيشوري


دام برس : تجربة الاصلاح الإداري السوري المرتبك هل حان موعد الاستقامة ؟ بقلم: عبد الرحمن تيشوري

دام برس:

بما أن سورية تواجه تحديات حقيقية كبيرة بسبب العولمة الاقتصادية ومفرزاتها والحرب الفاجرة عليها فإنه من المفيد للإدارة الحكومية أن تتخذ سلسلة من الإجراءات الإصلاحية في إطار أجهزتها الخاصة بالتعامل مع العالم الخارجي ومؤسساته الاقتصادية والمالية والتجارية من خلال إعداد برنامج مدروس بعناية فائقة يهدف لإعادة ترتيب البيت الداخلي بحيث يصبح قادراً على التعامل مع هذه المنظومة من المؤسسات والأسواق الدولية بكفاءة عالية ، وهذا بدوره يقتضي الاهتمام بمسألة تحديد أكثر دقة لدور الدولة وفلسفتها الحالية والمستقبلية في إدارة الاقتصاد الوطني وفق متطلبات السوق والتحرير الاقتصادي والتجاري والمالي ، وإلى تطبيق أساسيات أدارة الجودة الشاملة على المستوى الإنتاجي والخدمي مما يعزز القدرة التنافسية للمنشآت السورية ومخرجاتها في الأسواق الدولية عبر التحسين المستمر لنوعية المنتجات والخدمات وتخفيض تكاليفها واستخدام أساليب وأدوات وطرائق التسويق المعاصر في  التعامل مع هذه الأسواق .

آليات تنفيذ برنامج الإصلاح الإداري في سورية

في ضوء الاطلاع على الأدبيات الإدارية المتخصصة  وعلى تجارب العديد من الدول المتقدمة والنامية ، ومن خلال التعرف ميدانياً على واقع النشاط الإداري في سورية  خلال العقود الماضية ، حيث أثبتت  الوقائع والدراسات التي أجريت محلياً ضرورة الالتفات بعناية فائقة إلى مسألة الإصلاح الإداري  في هذا  البلد الذي يمتلك إمكانات كثيرة وطاقات بشرية ومادية متنوعة تمكنه من تحقيق نقلة نوعية جدية على طريق النمو الاقتصادي عبر بوابة رفع كفاءة الأجهزة الإدارية العامة .

بناء على ما تقدم فإنه يمكن اقتراح مشروع نموذج للإصلاح الإداري في سورية يقوم قبل كل شيء على ضرورة أحداث هيكل تنظيمي خاص بالإصلاح الإداري والذي يمكن أن يتشكل على النحو الآتي:

1- المجلس الأعلى للتنمية الادارية 

يضم المجلس الأعلى للتنمية الادارية في عضويته رئيس مجلس الوزراء ونوابه في حال تولي رئيس الجمهورية رئاسة المجلس ووزراء المالية ووزير التنمية الادارية ، الصناعة ، الزراعة ، الإدارة المحلية ، العدل ، التخطيط والشئون الاجتماعية والعمل . ويكون وزير التنمية الادارية مسئولاً عن متابعة كافة النشاطات المتعلقة بهذا الموضوع من تقديم تقارير دورية عن نتائج هذا العمل إلى رئاسة المجلس ، يضاف إلى جسم هذا المجلس بعض الفعاليات العلمية في الإدارة والاقتصاد والقانون ورجال الأعمال والمنظمات غير الحكومية ورؤساء الاجهزة التي ستلحق بالوزارة المحدثة – الجهاز التنفيذي .

يتولى المجلس الأعلى للتنمية الادارية مجموعة من المهام والتي يمكن أن تتمثل بالآتي :

- توفير الدعم السياسي والمالي والغطاء القانوني لكافة النشاطات المرتبطة بالإصلاح الإداري .

- إقرار الإستراتيجية الخاصة المتكاملة للتنمية الادارية في ضوء البحوث والدراسات الميدانية .

- اعتماد برامج الإصلاح الإداري التنفيذية وتأمين مستلزمات النهوض بها .

- متابعة تنفيذ برامج الإصلاح ومراقبتها وتقويمها .

- دراسة واستشراف طبيعة الوظائف التي ستؤديها الحكومة والوزارة المحدثة في العقود القادمة .

- بحث ودراسة آليات إعادة هيكلة الوزارات والهيئات العامة .

- صياغة القرارات الخاصة بدور كل من وزير التنمية الادارية والأمانة العامة لمجلس الوزراء والسجل العام للعاملين في الدولة في إعداد ومتابعة كافة الإجراءات المرتبطة بسياسات وبرامج الإصلاح الإداري .

ومن المناسب التأكيد هنا على أن آلية التنمية الادارية و الإصلاح الإداري في سورية يفضل أن تنفذ وفق المستويين التاليين

الأول: وهو المجلس الأعلى  للتنمية الادارية وللإصلاح الإداري الذي يعنى بمسائل تحديد ملامح واتجاهات التخطيط الاستراتيجي واعتماد الأسس والقواعد الأولية الخاصة بوضع النظم والتشريعات والتكليف بالدراسات المؤدية إلى تحقيق وتنفيذ سياسات وبرامج الإصلاح الإداري ، ويعاون المجلس الأعلى للتنمية الادارية في كل ما تقدم جهاز رئاسة مجلس الوزراء ، وجهاز وزير التنمية الادارية .

الثاني : ويدخل في تركيبة هذا المستوى كافة الوزراء والمحافظين والقادة الإداريين كل في مجال اختصاصه ، والذي تناط به مسئولية تنفيذ كافة برامج الإصلاح الإداري من خلال تنفيذ القوانين والأنظمة والإجراءات الجديدة – مهام الوزارة وبرامجها - ، وكذلك إعداد التعليمات التنفيذية والأنظمة التفصيلية على مستوى كافة وحدات الجهاز الإداري في سورية الحبيبة، ويخضع الجميع من خلال قيامهم بهذه المسئولية للمتابعة والتقويم من قبل المجلس الأعلى  للتنمية الادارية والاصلاح الإداري /مجلس خبراء التنمية الادارية المصغر/ .

2- وزارة التنمية الإدارية ( هيئة عليا تنفيذية للإصلاح الإداري)

يرأس هذا الجهاز موظف كبير بمرتبة وزير يكون مسئولاً عن تنسيق مشاريع الخطط ومتابعة انجاز كافة الأعمال المتصلة بنشاط الإصلاح الإداري في مختلف أجهزة الإدارة المركزية ، ويشرف على ويتابع كل ماله علاقة ببرامج الإصلاح في الوحدات والمجموعات من الناحية الوظيفية  وهذا حصل مع وزارة الدكتورحسان النوري وينسق الوزير كل انشطته شهريا مع رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية.

يقوم جهاز وزارة التنمية الادارية – الوزارة المحدثة - بالتدقيق بكافة التقارير الواردة إليه من قبل الدوائر والوحدات والمجموعات المختصة بالإصلاح في المركز – الوزارات - والمحافظات والهيئات العامة (الشركات ، المؤسسات ) وفرق البحث العلمي – تفعيل البحث العلمي الاداري التطبيقي والاستفادة من كل التقارير التدريبية التطبيقية لخريجي المعهد الوطني للادارة -  للتأكد من تطابقها مع أساس البرنامج واحتوائها على مقترحات وتوصيات قابلة للحياة  والتطبيق ويمكن إدخالها إلى حيز التطبيق وبعد ذلك تعد وزارة التنمية الادارية مشاريعها المتكاملة في ضوء الدراسات والتقارير والمشاريع الواردة من كافة الأطراف وتقدمها للعرض على المجلس الأعلى للتنمية الادارية والاصلاح – او على مجلس خبراء التنمية الادارية المصغر -  الذي يقوم بدوره بدراستها واتخاذ ما يلزم من إجراءات لإقرارها والمصادقة عليها بعد إدخال بعض التعديلات عليها إذا لزم الأمر .

يقوم المجلس الأعلى للتنمية الادارية من خلال جهاز وزارة التنمية الادارية بالسهر على متابعة إنجاز كافة الإصلاحات الواردة في البرنامج مع تقويم دقيق لها بصورة مرحلية ، كما ويدرس ظروف تنفيذ برنامج الإصلاح للتأكد من وجود بعض الصعوبات التي تعيق تنفيذ البرنامج كلياً أو جزئياً ومن ثم العمل على حلها ومخاطبة الرئاسة الاولى بكل ما يعيق تنفيذ الاستراتيجية المتكاملة للتنمية الادارية . وقد يقوم المجلس الأعلى للتنمية الادارية بناءً على اقتراحات معللة بإدخال بعض التعديلات على جسم برنامج الإصلاح إذا كان لابد من تصويبه بسبب وجود بعض الثغرات فيه أثناء أعداده أو نظراً لحدوث بعض التطورات غير المتوقعة .

تنبثق عن وزارة التنمية الادارية عدة ادارات / تضم مديريات واقسام ودوائر /  تساعدها في النهوض بمهامها وهي :

الأولى : ادارة التخطيط والرقابة والتقويم

تنحصر مهمة هذه الادارة في تحديد العناصر الأساسية التي تدخل في أطار سياسات وبرامج الإصلاح الإداري وتحديد أولوياتها وفقاً لأهميتها وتأثيرها في تنفيذ خطة الدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية . ويقوم مكتب التفتيش الإداري التابع لهذه الادارة ، بإجراء دراسات ومسوحات ميدانية لتقصي الحقائق حول تنفيذ برامج الإصلاح بهدف تقويم فاعلية هذه البرامج .

الثانية: ادارة الدراسات والبحوث

يتكامل عمل هذه الادارة مع الادارة الأولى من حيث قيامها بتحديد الموضوعات التي ستخضع للبحث والدراسة وصياغتها في مشروع برنامج عمل خلال فترة زمنية محدودة وفقاً لإستراتيجية الإصلاح وتعليمات وزير التنمية الادارية ومجالات البحث وميادينه واهميته، كما وتعنى هذه الادارة  باختيار وتعيين فرق البحث الخاصة بكل موضوع من الموضوعات المدرجة بشكل متكامل لكافة مفردات الإصلاح وعناصره مع تسمية منسق لكل فريق ويمكن تكريس جهود الدارسين في المعهد الوطني للادارة لهذه الغايات الوطنية الكبيرة .

الثالثة : الادارة القانونية

تكون هذه الادارة مسؤولة عن صياغة مشاريع  القوانين والتشريعات والأنظمة الخاصة بتنفيذ سياسات وبرامج الإصلاح الإداري ومدى تطابقها مع الدستور السوري .

الرابعة : ادارة التأهيل والتدريب

وتعنى هذه الادارة بإعداد برامج قصيرة ومتوسطة للتدريب والتأهيل الإداري بالتنسيق مع الوزارات المختصة ووحدات الإصلاح الإداري في المحافظات وتشرف على تنفيذها وتقويمها ، وتعمل أيضاً على أحداث وتطوير مراكز ومعاهد ومؤسسات التدريب الإداري ، وتهتم بإعداد المدربين وتطوير مهاراتهم .

الخامسة: ادارة مكافحة الفساد الاداري

السادسة : ادارة الوظيفة العامة

السابعة : ادارة الموارد البشرية

الثامنة: ادارة خدمة المواطن وتبسيط الاجراءات

التاسعة: ادارة التطبيقات واستثمار التقانة لخدمة التنمية الادارية

تعمل الادارات التسع من اجل تنفيذ مهام الوزارة المحدثة

3- وحدات  التنمية الادارية والإصلاح الإداري في الوزارات

يتم تشكيل هذه النوع من الوحدات في الوزارات التي يحددها المجلس الأعلى  للتنمية الادارية وللإصلاح الإداري بقرار من الوزير المختص وبرئاسته وتتبع له من الناحية الإدارية وإلى وزير التنمية الادارية من الناحية الوظيفية ، تكون هذه الوحدة مسؤولة عن أعداد مشاريع برامج وخطط الإصلاح الإداري في  الوزارة في أطار الخطة الوطنية للإصلاح الإداري والاستراتيجية المتكاملة للتنمية الادارية .

4- وحدات التنمية الادارية و الإصلاح الإداري في المحافظات

يتم تشكيل هذه الوحدات في كل محافظة بقرار من المكتب التنفيذي برئاسة المحافظ ، حيث تقع على عاتقها نفس مسئوليات وحدات الإصلاح الإداري في الوزارات على مستوى المحافظة فقط مع التأكيد على تركيز الاهتمام على تقليص المركزية الإدارية ، وذلك بالتنسيق مع وزارة التنمية الادارية ، كما وتخضع أعمال هذه الوحدات للمراقبة والمتابعة والتقويم من قبل جهاز التفتيش الإداري في وزارة الإصلاح

5- مجموعات التنمية الادارية و الإصلاح الإداري في الهيئات العامة ( المؤسسات ، الشركات)

يتم تشكيل مجموعات الإصلاح الإداري في كل هيئة عامة ( مؤسسة ، شركة ) بقرار من مجلس الإدارة فيها ويرأسها رئيس مجلس الإدارة أو المدير العام بالتنسيق مع الوزارة التي تتبع لها الهيئة والمحافظة التي تقع في نطاق ولايتها . يقع على عاتق هذه المجموعة القيام بوضع المشروع الأولي لبرنامج الإصلاح الإداري والعمل على تنفيذه وتقويمه وتقديم التقارير عن سير التنفيذ .

في بداية انطلاق عمل الوزارة نؤكد على التالي:

1-  نظام مالي محفز

2-  رؤية تتجاوز ثغرات المرحلة الماضية

3-  عدم تكرار الفشل الذي حصل لتجربة المعهد الوطني للادارة

4-   ان تكون الحكومة حاسمة في هذا الميدان

5-  ان تكون الحكومة حاسمة في موضوع مكافحة الفساد

6-  الاداء قبل الولاء والكفاءات بدل الواسطات والمحسوبيات

7-  رصد ميزانيات كبيرة للتنمية الادارية

8-  الدعم السياسي الكبير لهذه الوزارة

 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=49624