الرئيسية  /  كتاب وآراء

داعش صنيعة أمريكية تهدد بتقسيم العراق .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي


دام برس : داعش صنيعة أمريكية تهدد بتقسيم العراق .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:
ما خلفته الآلة العسكرية الأمريكية من قتل ودمار في بقاع مختلفة من العالم، وفي مناخ التراجع الحاد لسمعة الولايات المتحدة الأمريكية في المحافل الإقليمية والدولية إثر ما قدمته للإنسانية من موت وقتل وتشرد وإعاقة في العراق عادت السياسة الأمريكية إلى الساحة الدولية بثوب الصورة الإيجابية الخادعة لسياسة لم تغير في أهدافها بقدر ما غيرت في نهج تسعى من خلاله إلى بناء الإمبراطورية الأمريكية المستندة إلى القوة الناعمة.
إن ما يحدث في الدول العربية منذ سنوات أصبح واضح المعالم أن وراءه دول استعمارية كبيرة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل مستغلَّة تلك الأحداث، لتقسيم البلاد العربية كل دولة لعدة دويلات، وما المشاكل التي تعصف الآن بالعراق عن ذلك ببعيد ولا يمكن لأحد تجاوزها، لأن الهدف الواضح لقوى الغرب الاستعماري هو تقسيم العراق لثلاث دول، لكل من السنة والشيعة والأكراد وإيجاد وضع سياسي جديد في ثلاثة أقاليم مستقلة لتلك الطوائف.
إن الولايات المتحدة وبعد انسحاب قواتها من العراق تعرضت إلى انتقادات شديدة من جانب إسرائيل واللوبي اليهودي، لخشتيها من إستعادة العراق لدوره، وإعادة بناء جيشه، فكان الدافع باتجاه تقسيم العراق، دون التورط بتدخل عسكري مباشر على الأرض، واختيرت "داعش" للقيام بهذا الدور بتمويل غربي حتى تطمئن إسرائيل وتزيل عن كاهلها الخوف من الجيش العراقي.
فالسياسة الأمريكية تجاه العراق في هذه المرحلة الحرجة تتسم بالتخبط وضبابية الرؤية وعدم وضوح الموقف وثباته، فالمتتبع لتصريحات الرئيس الأمريكي أوباما والمسؤولين في إدارته، يستطيع أن يرى بوضوح إنهم لا يملكون سياسة واضحة ورصينة اتجاه الأحداث التي تجري في العراق فهم أحياناً يلوّحون بتدخل وشيك في العراق عبر إرسال جنود المارينز وأحياناً بعدم التورط العسكري الذي سيكون ثمنه باهظاً في العراق وأحياناً أخرى أنه لابد من التعاون مع إيران لضبط الأوضاع فيها.
  وبموازاة ذلك إذا دققنا النظر لما يحدث في العراق، نرى أن هذه التنظيمات المسلحة مدعومة من قبل أمريكا والدول التابعة لها سواء كان بالمال أو السلاح، وإن ما تسرب من أن أمريكا ستسعى إلى ضرب تنظيم داعش في العراق هو محل هراء كون أن هذه التنظيمات الجهادية المسلحة المختلفة تخدم الأهداف الإستراتيجية للهيمنة الصهيوأمريكية على الشرق الأوسط بأكمله.
وفي إطار ذلك يمكنني القول إن السلوك الغربي والدولي تجاه الأزمة في العراق يثير الكثير من الشكوك حول طبيعة هذا السلوك وأهدافه، والطريقة التي يجري بها التعبير عنه من عواصم مختلفة، تمهيداً لتحقيق أهداف نهائية تنتهز وتستغل الظرف الأمني والسياسي للدولة العراقية لتحقيق مآرب وغايات قديمة وجديدة، فبدل أن تبادر الدول الغربية إلى تقديم أفكار إيجابية تسهم في حل الأزمة العراقية وتوقف النزيف الدموي، ذهب الأوروبيون والأميركيون إلى الحدود القصوى في التهيئة لتقسيم وتجزئة العراق الذي يفضي إلى سقوطها في قبضة الإحتلال الغربي مرة أخرى.
فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن تراخي باراك أوباما لعب دوراً كبيراً في سقوط العراق في أيدي داعش، وأن ما نراه اليوم هو نتيجة طبيعية لفشل الرئيس الأمريكي في التصرف بشكل يناسب خطورة هذا الموقف، وإلى فشل أوباما في التصرف فيما يخص الأزمة القائمة منذ سنوات في سوريا والعراق، بالإضافة إلى فشله في مواجهة نظيره الروسي فلاديمير بوتين في أزمة أوكرانيا، والتي أحرز الأخير فيها تقدماً وانتصارات متتالية.
وأخيراً ربما أستطيع القول إن الوضع في العراق مخيف وخطير، وأن شبح التقسيم، لم يعد فقط يطل برأسه، بل تحول اليوم بفعل هشاشة الدولة وضعفها إلى أمر واقع في العراق، الذي بات يغرق في العنف والفوضى، التي تمارسها المليشيات المسلحة والجماعات المرتزقة، فإن هذه الحالة من الفوضى غير الخلاقة لن تنتج سوى مزيداً من العنف والموت والدمار والخراب، فالعراق الآن يعيش في قاع مخيف يزداد سوءاً بإستمرار، وهنا لا بد من القول إن ما جرى في المنطقة وما يزال هو مصلحة أمريكية إسرائيلية بالدرجة الأولى وإعادة ترتيب جديد للمنطقة .
khaym1979@yahoo.com

 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=45517