دام برس - بلال سليطين : سنوات طويلة ولوحاته لا تجد مكاناً تعرض فيه سوى عينيه، حيث كنت أرى ذاك الفن في عينيه، كانت لوحاته تتجسد في ذاك البريق الذي يشع منهما أملاً بأن يأتي اليوم الذي يطلع الجمهور فيه على كل لوحة أو بشكل أدق على التجربة ككل. استطاع "بسام المنيزلة" بعد أكثر من أربع سنوات أن ينقل هذه اللوحات من عينيه إلى جدران مقهى هيشون الثقافي في محافظة اللاذقية ليعرضها أمام الجمهور الذي لم يخف استغرابه لهذه التجربة الفريدة من نوعها على صعيد التصوير والتي أسماها "المنيزلة" "تجريد ضوئي". والتجريد الضوئي الذي قدمه الفنان القادم بقوة إلى عالم الفن هو مزيج بين الرسم والضوء لكنه بلا ريشة، فهو يرسم بالكاميرا أشكالاً غريباً ويدفعها لكي تنطق باللون وتحكي الكثير من قصص الجمال، فهو يمزج الرسم بالضوء لينتج لوحة تجريدية تعتمد على أشياء مادية صلبة ومرنة مسلط عليها أضواء مكثفة. المشهد البصري الذي تولده لوحات "المنيزلة" مختلف تماماً عن المشهد الحقيقي للأشياء المصورة على أرض الواقع، وتكاد تجزم عندما ترى لوحاته أنها ليست صورة من شدة غرابتها وفرادة أسلوبها، وهنا يكمن تميز "المنيزلة" وإبداعه في خلق الصورة الضوئية غير الكلاسيكية، فقد اعتدنا أن نرى مصورين يلتقطون صورا كلاسيكية لأشخاص أو مناظر طبيعية وما إلى ذلك لكننا لم نعتد أن نرى مصورين يقدمون لوحةً فنية ضوئية ترقى لمستوى التجريد كرسم وتتقدم عليه في بعض الموقع. الكلام عن هذه التجربة لا يحتاج إلى ناقد فني وإنما يحتاج إلى متلقٍ فقط، فالفرادة التي يراها المتلقي في معرضه لوحدها من تدفعه للكلام ولقول الكثير ووضع الأسئلة والاستفسارات ومن ثم الإعراب عن الذهول أمام ما رآه، خصوصاً عندما ترى كل ألوان الطيف في صورة ضوئية وتسأل المنيزلة ما هذه الصورة فيجيب إنها صورة قطة. تجربة "المنيزلة" إبداعيةٌ خالصة ولا يدخلها أي عوامل تكنولوجية أو مؤثرات عبر الكمبيوتر، فهي تخرج من العدسة مباشرةً إلى المتلقي، حتى أن صاحب هذه التجربة (المنيزلة) لا يعرف كيف يتعامل مع التكنولوجيا بشكل جيد، وحدها الكاميرا من يحسن التعامل معها.
الغريب أنه لا يملك كاميرا وإن صح التعبير فكاميرته (عيرة) يستعيرها بين الفينة والأخرى ليقيم بعض التجارب بواسطتها ويصل في النهاية إلى الخلاصة المتجسدة في العمل الفني المقدم.
ابن الثانية والأربعين من العمر انتظر كل تلك السنين قبل أن يخرج إبداعه، وقد قدمه في ٣٠ عملا من القطع المختلف، هي ٣٠ حكاية من حكايا حياته المليئة بالمعاناة، لكنه بحق ٣٠ عملا ابداعيا يستحق كل واحد من تلك الأعمال الوقوف عنده مطولا. |
||||||||
|