الرئيسية  /  أخبار

بين رئتيه ينبض.. هلال وصليب .. كل عام وأنت شهيد... يا من أنفاسه عطر وطيب


دام برس : بين رئتيه ينبض.. هلال وصليب .. كل عام وأنت شهيد... يا من أنفاسه عطر وطيب

دام برس :

الموت مفجع وموجع، يجلدنا بسياط القضاء والقدر، يتسرب الحزن إلى حنايا الروح معلناً احتلالها بكل صلف وتجبّر. عند غياب صوت من تحب، تلبس الحياة ثوباً من الأسى، ولا تستطيع أن تتمرد على ذلك الحزن المعشعش في أكواخ غربتنا، وتستطيع جذور الحزن أن تتعمق وتتفرع في أعماق الذاكرة معلنة عصيانها على النسيان، لكننا ننسج من خيوط الأمل شالاً من الصبر والتصبّر.

ماذا نكتب على جداريات القلب؟ اغتيال ضحكة وحلم. فجروا ذلك الجسد بقنابل الحقد بتهم كثيرة، وأي تهم؟!. أبسطها التطرف في حبّ الوطن. لكنه يبقى الفارس الذي امتطى صهوة الشرف.

هل يختار الركام من يكون تحت أنقاضه؟ وهل يختار المحب حبيبه؟ هل أحبته حلبُ كثيراً لدرجة أنها حبسته مع رفاقه في قمقمها؟ ولم تسمح لأحد أن يقترب منهم.

من أي رحم وُلد؟ لا شك أنه ولد من رحم أمه والجنة في يوم واحد، في 16/1/1992 كان "أوس بسام عبد الله" هدية الله لنا.. وفي 15/3/2013 أهدانا "أوس" روحه وحياته كشهيد.

أي هدية يستحق في عيد ميلاده الأول بعد الشهادة؟ سنخبر العالم أن يتوضؤوا من قطرات دمه، وأن تكون حروف اسمه أبجدية للعشق والشهادة. سننشد من أنفاسه الأخيرة وآهاته تراتيل دعاء وعبادة.

أي ذاكرة تلك التي تتقد كل يوم؟ لماذا ترك كل ذكرياته الطفولية أمانة لدينا؟ تلك الذكريات تتصارع حيناً وتتناجى أحياناً، ذلك الرغيف الأسمر، أخبرني أنه ما زال صائماً ينتظر صوته كمدفع الإفطار، وتلك "النرجيلة" ما زالت قابعة وحيدة في زاوية غرفته، أنفاسها تجوب في محرابه، تزور كل صوره وشهاداته التي حصل عليها.

آه وألف آه، لو أنك أيها الشهيد تخبر العالم أجمع ما هو سرّ تلك الرائحة. رائحة الطيب والعنبر التي تنبع من روحك وتفوح من أنفاسنا كلما ذكرنا اسمك.

لقد منحنا الشهيد هوية شقائق النعمان، وأصبح لنا شفيع في الجنان.

لا زالت نبضات القلب تقف متعبة على عتبات الغياب والأمل، فهل سيعود إلينا في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده ملفوفاً بالعلم؟ ماذا نلبسه إن أتانا جثمانه. ما زالت بزة العريس معلقة على مشجب الفرح والأمل، لم يقترب منها عنكبوت النسيان. أجزم أنه لا يليق به سوى إكليل غار، والعلم، أجمل كفن.

أيتها السماء، داعبيه، هزّي له السرير، دثّريه بهدب العين، ها هو يغفو تحت الركام، كالطفل قرير.

عديني أيتها النجوم أن تحتفلي به اليوم فهو الشهيد ابن الشهيد وابن أخت الشهيد.

أيتها الجنة افتحي ذراعيك واستقبليه، ويا أجراس اقرعي، ويا مآذن أذّني، زفيه إلى الوطن.. عريس الأرض والسماء.

التحق "أوس" بمواكب الشهداء.. لا شكّ أن الموت هو الحقيقة الوحيدة في الكون، طعمه مرٌّ وعلقم كطعم الحقيقة ذاتها. الموت حقٌّ، وطرق الموت كثيرة، لكن هل هناك أجمل من الشهادة؟ إنه الموت الذي يهب الإنسان عظمة الحياة والخلود.

كتبتها : سهى سليمان
 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=12&id=40858