دام برس

تجد إسرائيل نفسها في أعقاب التطورات المتلاحقة في سوريا وفي الموضوع النووي الإيراني في وضع الخاسر الأكبر مما جرى في السنوات الثلاث الماضية  وترصد وسائل إعلامها ومراكز الأبحاث فيها أهم الأسباب التي تفرض عليها هذا الوضع غير المسبوق حتى بالمقارنة مع فترة ما قبل ما يسمى بالربيع العربي.

1.
انتقال الوضع في سوريا إلى مرحلة  استعادة السيطرة التدريجية على الوضع الداخلي من ناحية عسكرية وسياسية ومعنوية وتجديد القدرة على إعادة البناء الشاملة وتزايد الثقة بالرئيس الأسد  والحكومة والجيش.​
2.
ظهور استعداد اضطراري لدى الدول التي تآمرت ضد سوريا ودعمت العدوان وأدواته المحلية على تطبيع علاقاتها مع القيادة السورية  وتقديم بعض التنازلات التكتيكية لها.
3.
انتقال الحليف الإيراني لسوريا إلى وضع إقليمي متقدم وجديد وفعال على مستوى المنطقة من ناحية النفوذ​ السياسي والعسكري والاقتصادي بعد اتفاق جنيف وتوظيف هذا المكسب لمصلحة الدفاع عن سوريا وحماية قدراتها.
4.
انفتاح العراق باتجاه معاكس للنظام الرسمي العربي وتزايد دوره في مكافحة الإرهاب المشترك ضده وضد سوريا  وتقاربه المتصاعد مع ايران.
5.
خروج تركيا النسبي عن بعض قواعد اللعبة  ضد سوريا  لأسباب داخلية وخارجية ومواكبة هذا التحول بالانفتاح على طهران وبغداد وتزايد الجمود التركي تجاه اسرائيل.
6.
تفكك أطراف التحالف الإقليمي الذي تمثل منذ​ بداية المؤامرة على سوريا في السعودية وقطر والمملكة الأردنية ودول الخليج الأخرى ومحمد مرسي  وتركيا وظهور التناقضات بين هذه الأطراف فيما بينها من جهة أولى  وبينها وبين  حليفها  الأميركي من الجهة الأخرى.
وتشير ​مصادر الأبحاث الإسرائيلية إلى  ضرورة اتخاذ الحكومة الإسرائيلية خطة سياسية جديدة تتناسب مع هذه التحولات التي فرضها بقاء​"؛ النظامين السوري والإيراني "؛ومستقبل تأثيرهما على المنطقة وتحرض بعض​التحليلات الحكومة الإسرائيلية على اتخاذالخطوات التالية بهدف تأليب واشنطن والغرب على الدول المستفيدة من هذه التحولات ومنعها من توظيفها لتحقيق أهدافها:

•
مطالبة الحكومة الإسرائيلية برصد كل خرق تقوم به طهران تجاه اتفاق جنيف وهذا يعني فبركة أي شيء ضد ايران  واستخدامه لإحراج واشنطن  وتخريب الاتفاق ومضاعفاته على اسرائيل.
•
متابعة كل ما يجري في سوريا وتسخير المجموعات المسلحة لاشغال القيادة السورية ومنعها من استعادة قدراتها واستقرار البلاد وخصوصا عن طريق ما تمكنت اسرائيل من تجنيده من (حلفاء) عملاء داخل هذه المجموعات خلال السنوات الماضية في تركيا والأردن وعبر الحدود مع سوريا. 
•
تحذر بعض الأبحاث الإسرائيلية  من أن خطر السكوت على الوضع المفيد والاستراتيجي الذي حققته سوريا وإيران سيؤدي إلى تغيير في التقسيم  الذي فرضته بريطانيا وفرنسا في اتفاقية سايكس بيكو لأن طهران ستصبح قوة إقليمية كبيرة تضمن تحالفا مع سوريا وحزب الله والعراق  بمهادنة  تركية وأمريكية  وهذا ما يعرض اسرائيل  لأفدح الأخطار طالما أن واشنطن والغرب يفضلان تجنب الحرب مع طهران التي ستصبح نووية من الناحية العسكرية متى شاءت بعد أن ضمنت هذا العامل في اتفاق جنيف.
والمعروف أن اسرائيل تتهم واشنطن بان اتفاقها مع طهران يوفر لإيران الاحتفاظ بقدرتها  على تصنيع القنبلة النووية متى تشاء من ناحية التكنولوجيا ومستوى التخصيب.

يبدو أن هذه  النقطة المتعلقة بسايكس بيكو تجد فيها اسرائيل خطراً على  مشروعها  التوسعي الصهيوني  لأول مرة  نتيجة هذه التحولات  المتوقعة لمصلحة تحالف قوى الممانعة والمقاومة.

مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية

 د. بسام أبو عبد الله

​​​​​​​​