الرئيسية  /  كتاب وآراء

لقاء مع القمة .. بقلم: فوزي بن يونس بن حديد


دام برس:

لقاء الجمعة الماضي في قناة الرسالة كان لقاء قمة، أو إن شئت فقل لقاء مع القمة، قمة في العلم، قمة في الخلق، قمة في الحوار، قمة في الابتسامة التي حيّرت محاورها وغلب عليه التوتر في كثير من مواقفه، فهو ليس لقاء عاديا بل كان استثنائيا شهد له الموافق والمخالف، لأن الرجل المستضاف كان استثنائيا لا شك في علمه وخُلقه وفكره وحتى ابتسامته التي حار في وصفها العقلاء والعلماء، إنه بطل الحلقة وكل الحلقات الشيخ الجليل العلامة الفقيه المفكر العبقري الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، هذا الرجل الذي شهد له الجميع بخلقه الرفيع وعلمه الغزير وكلمته الحق.

وإن كان الأستاذ عبد الله المديفر محاورا بارعا، وهذا شأن المحاورين البارعين الذين يحاولون من خلال حواراتهم استفزاز ضيفهم بجملة من الأسئلة المحرجة نوعا ما والمغضبة أحيانا لكن الشيخ الضيف كان أبرع منه بكثير حينما بزّه بابتسامته التي لا تفارق محيّاه، وبأجوبته المقتضبة المقنعة، وهدوئه ورزانته، وسماحته وعدم اضطرابه في كامل الحديث، ذلك هو ما شدّ المتابع والمشاهد، ثم إن كلامه كان موزونا لا تعصّب فيه ولا حيف ولا مجاملة ولا محاباة، كان عدلا في أجوبته فحاز رضا الله عز وجل قبل رضا العباد المشاهدين.

تسمّرتُ كما تسمّر غيري من المشاهدين أمام قناة الرسالة وفي ذلك التوقيت لأشاهد هذا اللقاء الفريد من نوعه، وكان موضوع الحلقة شائقا ومعبّرا، إنه يتحدث عن الوحدة الإسلامية، وبينما كان الشيخ يشرح له مظاهر الوحدة وشروطها والحلول المناسبة، أدرك محاوره أن الشيخ غزير علمه، بديع في كلامه، ساحرٌ الناس بأسلوبه، فغيّر الوجهة نحو أسئلة تثير تساؤلات، ماذا يبغي المديفر من وراء ذلك؟ ولكن الشيخ الجليل بقي صامدا في وجه تلك المحاولات، ويجيبه على كل سؤال بما لا يشتهيه المديفر، كان المديفر يتوقع أن يغضب الشيخ أو أن يلوم المذاهب الأخرى أو أن يتجنى عليها بغير وجه حق، إلا أن الشيخ أحمد بأجوبته القصيرة والمقنعة والمحبّبة إلى قلوب المشاهدين زادته وقارا وإجلالا، ومحبة وعرفانا، وإكراما واحتراما.

لقاء سيبقى في الذاكرة، فريد من نوعه، كنا نتمنى منذ زمن أن ينشر الشيخ عبقه في الخارج، ويبين بأسلوبه الساحر وخلقه الرفيع مبادئ المذهب الإباضي العظيم ويعلي شأنه على رؤوس الأشهاد، ويبين أن العدل هو أساس الحياة، فلا عيش تحت وطأة الاستبداد والظلم وهذا ما دافع عنه الإباضية طوال تاريخهم المجيد، لكن مخالفيهم زجّوهم تحت مسمى الخوارج وألصقوا بهم التهم من كل جانب من غير حق ولا دليل، أغلقوا عليهم المنافذ من كل جهة لكن النور لا تطغى عليه أي ظلمة، سيظل إشعاعه يبصر طول الزمن مهما كثرت الإحن والمحن.

نعتقد أن موضوع الوحدة الإسلامية سيحيي في المسلمين نخوة التسامح والتقارب والتعارف من خلال هذه اللقاءات الجميلة والمتكررة، فهي لقاءات تذيب الفوارق بين المسلمين وتجعل العلماء يجتمعون ويقررون ما توافقت عليه المذاهب فيعملون بها، وما اختلف فيه المذاهب كلٌّ يعذر الآخر دون أن يجرح أحدهم الآخر ودون أن يكفّر أحدهم الآخر في مشهد من التوافق والتسامح الذي لا شك يجمع أكثر مما يفرّق، ما شاهدناه دليل على أن المذهب الإباضي من أقدم المذاهب نشأة، ومن أكبر المذاهب التي تحرص على وحدة المسلمين امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فشكرا لشيخنا الجليل الذي بيّن بالدليل، أن الإباضية مذهب معتدل مستقيم، يبحث عما يجمع المسلمين، ولا يسب ولا يشتم الآخرين، ويسعى إلى بناء مجتمع نظيف أساسه العدل والإنصاف بين المواطنين

فوزي بن يونس بن حديد

abuadam-ajim4135@hotmail.com







 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=35358