دام برس: إن المغالاة في كل شيء أمر ناقص , والتطرف في إظهار حب الوطن يولد موجة معاكسة في كره الوطن , وقانون الفيزياء فقط في سورية يقول كل فعل وله رد فعل لا يوازيه في الوطنية ولا يساويه في القذارة , ذاك أن الكثير من كلاب هذا الوطن الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على هذا الوطن الذين لا يعرفون سوى النباح , يقومون بمهمة توزيع شهادات حسن السلوك في الوطنية وصكوك الغفران وكأنهم كنيسة الشرف التي لا يطولها أي دنسّ حتى من السماء وربّ السماء , رغم ان من يبحث عن ماضيهم يجدهم مجرد تجار أزمات وبعض العاهرات الرخيصات وكثيراً من ضفادع يُسمّون أنفسهم جمهور و هم لا يعرفون سوى النقيق على أي شيء ولأي شيء.
سينقلبّ يوماً الى ضبعّ لا يعرف أن يأكل فريسته إلا وهي حية , حتى لو كانت هذه الفريسة هي من أبناء عمومته , لأننا في طبيعة الحال كلنا نحبّ الوطن وكلنا ندافع عنه لكن كل واحد منا على طريقته و بحسب رؤيته الفكرية و قدراته العملية, أحدهم بالسلاح والاخر بالنباح والثالث بالنكاح والرابع بالانبطاح والخامس يداوي الجراح , وهذه الطوابير الخمسة لا تخلو من أي تطرف في تفكيرها لأننا أصلاً لا نعرف الاعتدال في حبّ أي شيء ولا نعرف سوى التأليه والتقديس والتكفير والتخوين في محراب الوطن.
لقد أنجبت الأزمة السورية الكثير من الاقلام السياسية و الأدبية التي يفتخر كل عربي بوجودها اليوم على الساحة العربية , لكنها فرختّ ايضاً بعض الضفادع التي تزايد عليك بالوطنية و بحبّ الوطن وكأن الوطنية سوق خضار و الوطنيون فيه تجار سلع , فبينهم من تفوح منه عطور باريس رغم أنه يدعي أن راحته معجونة بتراب هذا البلد و تراب البلد يشّهد على أنه كل آخر شهر يقف مثل الكلب عند محاسب شركة التبغ كي يقبض أجرة نباحه كما يشهد ايضاًعلى أن بعض هؤلاء الضفادع الذين لم يلمسوا منه ذرة كونهم يقيمون في الخارج : يشربون قهوتهم الامريكية ويدخنون سجائرهم الفرنسية ويركبون سياراتهم الالمانية ثم يتبجحون عليك بالوطنية والقومية وحب تراب بلد الذي لم يشموا رائحة ياسمينه و لا حتى غباره منذ سنين, كل هذا لانهم يظنون انفسهم أشرف الناس مع أن الشرف منهم بريء مثل حال تلك العجوز الشمطاء وكلابها المرتزقة الذين يتهمونني بالوصولية وبالبحث عن الشهرة , رغم أن حرفي وصل الى المغرب العربي قبل مشرقه وكلماتي ما زلت تنزف جراحاتها من كثرة ما سُرق من حروفها و لأكثر من مرة, و قلمي ما زال يأن من وجع الفقد على بنات افكارٍه اللواتي نُسبت أبوّتهن إلى اقلام أخرى و لأكثر من شاعر وكاتب, ثم تأتيني عجوز شمطاء مع كلابها ليقولوا لي انهم لا يعترفون بملكيّتي لكلماتٍ كتبتها لأن محرك البحث غوغل أثبت أنها من قلم كتّاب أخرين....لكن حتى شاهدهم غوغل اثبت انهم حمقى كاذبين و حقوق ملكيتي أثبتها لي الغريب بعد أن أنكرها علىّ القريب رغم معرفته بذلك.
إن الوطنية في سوريا صارت للاسف مريضة بسرطان التطرفّ , التطرف في الحب والتطرف في الكره والتطرف في التخوين والتطرف في التفكير والتطرف في الجهاد والتطرف في حمل السلاح , وربما أكون من فئة هؤلاء المتطرفين الذي وقفوا الى جانب سوريا ضد المؤامرة القذرة التي حيكت ضدها , لأنني بطبيعة الحال أعيش كل يوم حالة الرعب والخوف من قذيفة طائشة تأتيني على غفلة , أو رصاصة ماكرة تأتيني من قناص ماهر , أو ربما سيارة مفخخة تحيلني اشلاءً مقطعة علي يديّ هؤلاء الجهاديين الذين يحملون اعضاءهم الذكورية فوق أكتفاهم, إلا أنني رجل حرّ أكتب فقط لأريح ضميري و لكي لا يسجّل علي التاريخ انن صمت في زمن وجوب الكلام فأنا أكتب من دون رعاية أيه جهة حكومية, ولا أقبض مالاً مثل أولئك الذين ينهقون بحب البلد وجيوبهم مليئة بالمال , أنا حر و قلمي حر يُغرد بما يراه مناسباً ولن يصير عبداً أو اجيراً عند عصابة تدعي الوطنية وهم حثالة ما أنجب هذا الوطن الكبير.
اليوم لا استغرب ما يحدث في سوريا جراء خيانات ابنائها ممن رضعوا من رحمها وأكلوا من خيراتها, اذا كان بعض من يحمل راية الدفاع عن الوطن في الأصل مجرد عاهرة منتفعة, أو عجوز مريضة متصابية قادمة من مواخير النفاق , أو صعلوك لا يسوى فردة حذاء في سوق الاحذية , او كاتب يسميّ نفسه معارضا شريفاً فقط حين سقط قناع الشرف عن هذه الثورة.
على حافة الحقيقة السورية الحقيقة السورية هي أنه لا يوجد فعلا من حقيقة سورية بل هناك متطرفون في الحبّ والكرهّ حدّ الهمجية و سوريا كانت في ختام هذا النزاع القذرّ هي الضحيّة
بلال فوراني |
||||||||
|