الرئيسية  /  تحقيقات

شباب سوريا في ظل الأزمة ..السفر أو البقاء أمران أحلاهما مر .. فكيف الخلاص ؟


دام برس : شباب سوريا في ظل الأزمة ..السفر أو البقاء أمران أحلاهما مر .. فكيف الخلاص ؟

دام برس _ رنيم الماغوط :

ضاقت عليهم فاتسعت قلوبهم ؛هي الحال التي تعيشها البلاد اليوم حال جعلت من أحلام شبابها مستحيلة،هو الشباب الطموح المثقف الذي لا يتسع الكون لأحلامه ، أصبح اليوم أمام تلك الظروف مكبلا فلا عمل ولا أمل ؛ كل الأفق مسدودة في وجهه ،ولامعين ولا منقذ هو القادر فقط على صنع المعجزات .فإما يبقى في بلاده راضيا مرضيا يتلامس فتات الحياة وإما يلجأ إلى غربة ضاقت على قاصديها أكثر من ضيق الموت . ولإلقاء الضوء لأكثر على هذا الموضوع قامت دام برس بالتحقيق التالي :

الشباب :الغربة حل بديل كي لا نفقد الأمل .

أسامة طالب إعلام يحلم ببناء مستقبل مرضي عيش حياة كريمة والحصول على عمل يؤمن له المال والكرامة ،يرى أن هذه الأزمة حدت كثيرا من طموحاته فبات مشغولا بتأمين متطلباته الدراسية لذا يفكر بالسفر فهذا هو الحل الوحيد كي لا يفقد الأمل ويواصل أنه سيعود أقوى إلى بلاده وأقدر على إعانة نفسه وإعانتها على النهوض مجددا من مكانه .

الأزمة أحالت الشباب كائنات افتراضية .

يهرب الشباب اليوم من واقعهم عبر صفحات التواصل الاجتماعي وبرامج الدردشة أيا كانت أفكارهم السياسية أو الاجتماعية فإن ذلك الواقع الافتراضي أصبح ملجأهم ورحلتهم الآمنة اليومية . يقول سامر طالب في كلية الفنون الجميلة :"إن صفحات التواصل باتت المكان الأكثر أمانا للتعبير عن مشاعرنا وأكثر الأماكن التي تعرض أرائنا . فقد أصبحنا شبابا افتراضيا لا أحد يكترث به فالبلد على كف عفريت لا عمل ولا فرص حقيقية لكن هنا في هذا العالم تجد متسعا لفشة خلق ."

الحياة على حقل ألغام ..حير من غربة قاسية .

هناك من اختار البقاء ورضي بالاستمرار فالبلد على قسوة حالها خير من غربة قاسية بعيدا عن الأهل .تقول سلوى شابة تعمل في إحدى المصارف : " إن رحلة الذهاب إلى العمل والعودة إلى البيت أصبحت محفوفة بالخطر كمن يسير على حقل ألغام ،لكنني لازلت أواصل عملي بنفس الحب والاندفاع ، لدي أقارب خارج البلاد حاولوا تأمين فرصة عمل جيدة لي لكن لا أريد أن أترك أهلي وأسافر .اخترت البقاء معهم فالغربة بعيدا عنهم هي بال مشغول وهو أمر صعب بالنسبة لي ."

 

سوريا .. هنا الولادة وهنا الخلاص .

الموت الذي يأخذ أحلام وآمال كثير من الأسر والشباب إلى المنفى أصبح سببا في رحيل الكثير من الشباب ، أدهم خريج كلية الهندسة المدنية استشهد أخاه ودخلت أسرته في حداد لا ينتهي هو اليوم يسعى بكل ما يستطيع للحصول على فيزا للسفر خارج البلاد .تريد أمه إبعاده عن مصير أخيه بأي وسيلة يقول : " البلد تستحق منا الكثير هناك من بذلوا دمهم لحمايتنا وهناك من كانوا ضحايا وهناك من يعاني صعوبة الحياة .أنا قررت السفر لأني لا أريد الموت على يد أحد من أبناء بلادي أريد أن أحيا لأسهم غدا في إعادة إعمار البلد لذا أسعى جاهدا للسفر لكن سنرجع يوما بالتأكيد فهنا الولادة وهنا الخلاص . "

طالب التخرج في انتظار الحل .. يبقى ليس معلق وليس مطلق .

محمد طالب في كلية العلوم كغيره من الطلاب يحاول أن يؤجل تخرجه هربا من الخدمة الإلزامية ، محمد يرى أن هذه الحالة التي تعيشها البلاد ضيقت الخناق على طموحات الشباب فبات الشاب مضطرا  لإيقاف تخرجه هربا من الخدمة الإلزامية ليس جبنا إنما رغبة في الاستمرار بالحياة فقد اختلطت المعايير كثيرا في هذه الأزمة  على حد تعبيره . وأصبح الطالب الذي ليس لديه إمكانيات مادية تمكنه من السفر رهين شهادة التخرج فهو ليس معلقا وليس مطلق ينتظر حلا من السماء فالأرض لم تعد تخرج حلولا . "

أمهات سوريا تودعن أولادهن المسافرين ..

العائلات اليوم أصبحت مبتورة البهجة فمن فقد عزيز ومن ودع مسافر . أم أنس والدة ودعت أولادها الثلاث إلى المغترب ابنها الكبير مقيم في السويد ونظرا للظروف الصعبة وازدياد البطالة والغلاء وخطر الموت المحدق من كل صوب . سافر ولديها الباقيين لتبقى وحيدة وزوجها  تتلقى إعانتهم وتترقب عودتهم إليها من جديد لتكحل عينيها بوجودهم حولها .

شبابنا يستحق حياة أفضل .

السيد أبو محمد والد أحد الشهداء يقول : " نحن كبرنا وربما لن نحيا طويلا لكن هؤلاء الشباب بكل ما يحملوه من أحلام وإرادة يستحقون عيش حياة أفضل وهم الطريق الوحيد للوصول إلى هذه الحياة . استشهد أحد أولادي جندي في الجيش وسافر أخواه للبحث عن عل وفرصة خارج البلاد . وبقيت أنتظر عودتهم فهم من سيعودون ويبنون وعندها نرقد وترقد أرواح الشهداء بسلام . "

السوري في المغترب .. مميز يعاني التمييز .

الشباب السوري المغترب يعاني التمييز فرغم تميزه واجتهاده في عمله ودراسته أصبح اليوم يعاني قسوة التمييز . فالسوريون الذين استقبلوا كل نازح من مصيبة سواء العراقيين أو الفلسطينيين أو اللبنانيين هم اليوم غير مرحب بهم في أرض الشقيق العربي أو أرض الغريب . هادي شاب يعمل مهندس في إحدى الشركات في الإمارات العربية المتحدة يرى أن السوري يعمل ضعف غيره ويجتهد كثيرا ويقدم المميز من الأعمال ومع ذلك هو مواطن درجة ثالثة في تلك الدول وخاصة بعد الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد تكرست تلك الحالة من التمييز. وهو يرى أن استمراره بالقيام بعمله بإخلاص هو أكثر ما يستطيعه ليثبت أنه سوري ويفتخر .

هواء سوريا يساوي الكون .

حاولنا البحث عن أمل بعيدا عن البلد لكن لا جدوى . هكذا يرى كثير من الشباب  . جوزيف خريج كلية اقتصاد سافر للعمل في لبنان وعاد يرى أن الإنسان لو جاع في بيته وأرضه خير من غربة غنية بالمال مفلسة بالأهل والوطن . فهو الآن يبحث عن أي عمل مهما كان مردوده متواضعا مع علمه التام بصعوبة قراره فالبلد تعاني عجزا اقتصاديا واجتماعيا لا يستهان به .لكن على حد تعبيره  "هوا البلد بيساوي الكون ."

سورية اليوم بأمس الحاجة لأبنائها .

ميسون شابة تعمل في إحدى المحال التجارية تقول : " البلد بلدنا ولا أحد يكره أمه عندما تمرض .سورية أمنا ستتعافى وترجع أقوى بمحبة أبنائها وجهودهم ، لن أترك البلد هنا يوجد من أحبهم وما أعرفه جيدا أن البلد اليوم في أمس الحاجة لأبنائها . نحن ببقائنا نسندها . "

شبابنا طريق الخلاص فأيها المعنيون استثمروهم .

مهما قالوا ومهما اختلفت ردودهم وأفعالهم هم أمل سوريا هم ساعد سيعيد بناء ما هدمته تلك الحرب القاسية . هم طريق الوصول إلى سورية آمنة مستقرة . هؤلاء يستحقون من الجهات المعنية لفتة اهتمام ومحاولة لمد يد العون والمساعدة  كي يبقوا أملا لأسرهم وأمانا لوطنهم ، هم طريق الخلاص فاستثمروهم .

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=11&id=34303