الرئيسية  /  كتاب وآراء

المواطن السوري ليس سائحاً في وطنه فلا تحرقوا أعصابه بالبنزين لينتعش الاقتصاد فوق جسده .. بقلم : دنيز نجم


دام برس:

جبهة النصرة و كوكتيل فروعها المتعددة قتلوا الشعب السوري بدم بارد و زرعوا شبح رعب الموت في أحضان حياتهم اليومية  شبح الموت الذي قطف أرواح أبنائهم و هم ما زالوا بعمر الورد و قبل أن يلتقطوا أنفاسهم  جاء شبح آخر و خيّم فوق سقف كل بيت ليهدد حياتهم و وجودهم إنه شبح الفقر و الجوع و البرد و الذل من الغلاء الفاحش الذي فرضه عليهم تجار الموت و تركهم عالقين ما بين الموت و الحياة من سوء تغذية لسوء صحة و الشتاء طرق أبوابهم و البرد سينخر عظامهم و بعض المسؤولين ما زالوا حتى هذه اللحظة لا يدركون حجم كارثة معاناة هذا الشعب و لا يحاولون أن يقدموا لهم شيء بسيط من سبل العيش الكريم فتجار الموت تاجروا بلقمة عيشهم و بعض المسؤولين ساهموا بهذه المعاناة و كان من بينهم السيد الدكتور قدري جميل أمين مجلس حزب الإرادة الشعبية في سورية الذي أصدر قرار برفع سعر البنزين و هذا سيؤثر سلبياً على الطبقة العاملة و على حركة المواصلات و وزارة التعليم العالي أصدرت قرار برفع الرسومات على بعض المواد الدراسية بنسبة 30 % و كأنها تقول للمواطن بأن يبقى جاهلاً لأنهم لا يريدون نشر الثقافة لتعويض ما خسرناه من كفائات عالية فقد نسيوا أن ما فقدناه من طلاب جامعات ختموا شهاداتهم بدمائهم و ارتقوا بها إلى سماء المجد و تجار الموت في الأسواق يخيرون المواطن السوري بين حلين لا ثالث لهما فإما أن يموت جوعاً أو يسرق ليحصل على لقمة عيشه .
مع الأسف بعض المسؤولين ما زالوا يشوهون صورة الحكومة السورية و يزرعون بذور الارهاب دون وعي حين يصدرون قرارات لا تنمّ عن عقل واعي يحاول أن يحضن الشعب السوري و يحيطه بنور الأمل و يرفع من معنوياته ليشجعه كي يخدم وطنه بإخلاص و يبقى ثابتاً على مواقفه و صامداً فنحن الآن على أبواب الشتاء و كان ينبغي على السيد قدري جميل و غيره مراعاة ظروف الشعب السوري خاصة في هذا الوقت الحرج الذي ينتظرنا فيه القريب قبل الغريب ليتصيد هفواتنا الصغيرة كي يجعل منها قضيته .
الشعب السوري أصبح عالقاً بين سيفين إما سيف جبهة النصرة الذي يقطع رأسه أو سيف الغلاء الفاحش الذي يقطع من لحمه و في كلا الحالتين سورية هي التي تدفع الثمن بالنهاية فأبناؤها لم يعد لهم خيار سوى أن يتركوها جريحة و يهاجروا بعيداً عنها حاملين معهم حقائب امتلئت بالحزن و الألم و أشلاء ذكريات بعضهم هجرها رغماً عنهم بحثاً عن لقمة العيش لأنها أصبحت بلد الأشباح فشبح الموت بالقتل و الإجرام يطاردهم في الشوارع من جهة و شبح الموت من الجوع  و البرد يطاردهم داخل منازلهم من جهة أخرى .
هؤلاء المسؤولين لم يفكروا بمصلحة الشعب السوري لأن قرارتهم  لم تستند على العقلانية أو الانسانية و كأن من اتخذوها يعيشون في كوكب ثاني بعيد عن واقع سورية الجريحة فهذه القرارات مع كل الاحترام لمن اتخذوها فهي تفتقد للحكمة و الرزانة و رجاحة العقل المدبر لأنهم لم يفكروا بأبعادها السلبية و الإيجابية و لا بردود فعلها و لا بإنعكاساتها و مدى تأثيرها على الشعب لا على المدى البعيد و لا حتى على المدى القريب فما هي النقاط الإيجابية التي ارتكزوا عليها حين اتخذوا هذه القرارات برفع الأسعار فرفع أسعار البنزين مثلاً لم يصب في مصلحة الشعب المستهلك له و لن يخدم الوطن اقتصادياً لأننا لسنا بموسم سياحة بل نحن في حالة حرب كونية و إن استمر بعض المسؤولين في الدولة و تجار الموت بالتفكير بالحالة الاقتصادية و سبل دعمها و إنعاشها على حساب المواطن الفقير سيقضون على ما تبقى من نفوس أبية لأن الشعب الذي صمد صمود الأنبياء في الداخل هو مواطن يعيش داخل وطنه و ليس سائحاً كي يستفيدوا منه و يضغطوا عليه ليتحول من انسان شريف مقاوم إلى سارق وإرهابي و عليهم تقع المسؤولية الكبرى بنزع شوك الإرهاب و الفساد الذي انتشر بفضل أصحاب حرية الدم و القتل قبل أن تتجذر هذه الخصائل المكتسبة من الحرب في عقول شعبنا و تصبح مع الوقت عادات و تقاليد فبدلاً من أن يساهموا بخلق روح الأمل و يبعثوا دفئ الطمأنينة في نفوس الشعب المتعبة ليستقروا في ربوع وطنهم و ينفذوا وعدهم بأن الاصلاحات قد بدأت تأخذ مجراها و زمن الفساد قد ولى حتى يساهم كل فرد بدوره بإعمار سورية تقدمون لهم مكافأة على صبرهم و تتركونهم يغرقون في بحر أحزانهم و مصائبهم و تخيبون آمالهم لتعشعش فكرة الهروب من واقعهم الأليم في مخيلتهم و تبقى خياراتهم الوحيدة هي إما الرحيل بصمت القبور أو الإلتحاق بالمجرمين حتى يبدأ مسلسل الإنتقام الذي لا ينتهي  .
أيها المسؤولين نطالبكم بالرأفة و الرحمة لشعبنا الطيب الذي فاق القديسين و الأنبياء بصبره فقرار واحد إيجابي منكم بإمكانه أن يرفع معنوياتهم ليقاتلوا جيوش العالم بأسره من أجل سورية و قرار آخر سلبي سيلعب دور كبير في حرب نفسية هدامة تحطم معنوياتهم و تبني حاجزاً كبيراً يقف عائقاً ما بين الحكومة و الشعب و حتى يومنا هذا و بعد مرور ما يقارب الثلاثة أعوام على الأزمة السورية لم يستوعب الكثيرين عمق المعاني في هذه المعادلة البسيطة و المعقدة في آن واحد و هي أن الوطن و الشعب كيان واحد و لا يمكن فصلهما عن بعضهم البعض فالوطن هو الشعب و الشعب هو الوطن فما فائدة وجود الوطن كحجارة بدون شعب يحيي الروح بشوارعه و يزين ساحاته بالفرح و يعمر و يبني و يحلم من جديد بغد أفضل .
إن لم يتراجع المسؤولين عن قراراتهم و يتخذوا قرارات بديلة بحكمة و دقة و دراسة عميقة و منطقية بكل أبعادها السلبية قبل الإيجابية و يضعوا مصلحة الشعب فوق كل شيء فلا تتوقعوا خيراً لسورية لأن مثل هذه القرارات كبست على نفس الشعب و معاناته من تلك القرارات كانت هي الثغرات التي اخترقها الغرب ليسيطر منها على عقول الضعفاء و الإعلام المغرض استغل هذه الثغرات ليعزف عليها سيمفونية حقوق الانسان و لعبوا بعقول الطبقة الغير المثقفة حتى أصبحوا مشلولين فكرياً و صدقوا أن هناك منظمة أسمها حقوق الانسان تعمل لمصلحتهم و هي بالأصل عصابة ماسونية تخدم مصالح بني اسرائيل بشنّ الحروب على الشعوب باسم الديمقراطية و قد  راح ضحية الحرية المزعومة الكثير من الأبرياء بدون ذنب .
أيها المسؤولين بسورية اليوم أنتم تثبتون للغرب بقرارتكم الجديدة الغير منطقية برفع الأسعار في ظروف الحرب الكونية على سورية بأن هناك خلل كبير في جهاز عصب الحكومة السورية و تسلطون الأضواء على نقاط ضعف الشعب في الداخل و كأنكم تطالبون بطريقة غير مباشرة بالتدخل الخارجي و تقدمون لهم الأسباب على طبق من فضة فالجميع بات يعلم أن العملاء و الخونة تغلغلوا بين أفراد الشعب و من الممكن جداً أن يكون هناك شاب يعاني من هذا الوضع و يشكو همه لصديقه و عن طريق الهاتف يلتقط لهم أحد العملاء الصور و يسجلون الحديث و يعيدوا إنتاجه في استديوهاتهم من جديد بطريقة خبيثة و يقدموه لعصابة حقوق الانسان و هي بدورها تعرضه على الفضائيات لتأجج الرأي العام ضد الدولة و يجعلون منها قضية تحقق أهدافهم بعودتهم لنفس الدائرة و هي أنهم يدافعون عن حقوق الشعب السوري المغلوب على أمره و لكنهم لن ينجحوا لأن الشعب رفض التدخل الخارجي سابقاً و سيرفضه لاحقاً فالمشكلة بالأساس هي مشكلة داخلية بين بعض المسؤولين الممثلين للجكومة و بين الشعب و لا يحق للغريب أن يتدخل في شؤون داخلية إن كان التعامل ما بين المسؤولين و بين الشعب سيعطي نتائج إيجابية تخدم مصالح الشعب و الوطن و بنفس الوقت تضع للغرب خطوط حمراء لا يحق له تجاوزها و السلطة تبني علاقة متينة  مع الشعب من الثقة المتبادلة و المصلحة المشتركة في بناء سورية الحديثة  .
الشعب السوري شعب طيب و أصيل لا تعرف معدنه إلا إذا احترق كعود الطيب فيعطر المكان و الزمان و قد حان الوقت لتتغير القواعد في أسلوب التعامل بين المسؤولين و بين الشعب و من يرتد عن قرار خاطئ فهو انسان يشعر بالمسؤولية و يصلح من الماضي ليبني مستقبل أفضل و من يتمسك بقرار خطئ فهو لا ينتمي للانسانية بصلة لأنه يبني مستقبل وطن على رمال متحركة  سينهار عند أول عاصفة و من يعيد النظر بقرارات سابقة و يعدّلها فقد تجدي نفعاً أكثر لأنه يسد الثغرات التي قد يستغلها الغريب مرة أخرى في ضرب وحدة تلاحم نسيجنا كشعب أصيل و قيادة حكيمة .
سورية اليوم تعاني من آلام مخاض ولادتها العسيرة و تحتاج أبناؤها إلى جانبها كي تولد من جديد فكل شيء جميل بها هاجر عنها و تركها كمدينة الأشباح شوارعها تزينت بصور أبناؤها الشهداء و ترابها شرب حتى ارتوى ظمأه من دمائهم الأبية و أشلائهم تناثرت ما بين مسجد و كنيسة فنلملم أشلاء بعضنا و ندواي جراحنا بأيدينا و كفانا نترك الغريب يشمت بنا و يلقبنا بأقسى العبارات المهينة بالكرامة ( سوريين نازحين يعيشون في خيمة ) بعد أن كنا نستقبل الغريب قبل القريب في بيوتنا أصبحت سورية تثير شفقة هذا و ذاك و يشحدون المال تحت اسم معونة انسانية ليقتلونا بها .
أتمنى من كل مسؤول أن يراجع ضميره بأي قرار اتخذه لأنه سيحدد به مصير شعب عظيم لا يستحق سوى أن نقدسه لعظمة جبروته و صبره فالمال و القصور و المناصب و الكراسي كلها باقية و لكن نحن الراحلون فاعملوا لآخرتكم كأنكم تموتوا غداً و اعملوا لدنياكم كأنكم تعيشوا أبدا فهذه الدنيا كل من عليها فاني و لم تدم لغيرنا حتى تدوم لنا فهم السابقون و نحن اللاحقون و ثقتنا كبيرة بقيادتنا الحكيمة التي تسير بنا إلى بر الأمان و إلى النصر بسفينة عملاقة اسمها سورية الأسد فإن لا قدر الله غرقت سنغرق جميعنا و إن نجت سننجو جميعاً من طوفان العدوان الحالمون ببناء مستقبلهم فوق أجسادنا ... سورية الأسد بكم و معنا تنتصر أيها المسؤولين عنا و عن كرامتنا و عن مستقبلنا لكم منا كل التقدير و الاحترام 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=33026