الرئيسية  /  كتاب وآراء

فعلتها الصخرة السورية وأسقطت الإمبراطورية الأمريكية والصهيونية .. بقلم: الإعلامية مها جميل الباشا


دام برس : فعلتها الصخرة السورية وأسقطت الإمبراطورية الأمريكية والصهيونية .. بقلم: الإعلامية مها جميل الباشا

دام برس:

من أعقد الملفات الشائكة على الساحة الدولية والإقليمية الملفان السوري والإيراني وما يحملانه من اتجاهات ومواقف سياسية معادية للمشروع الصهيو أمريكي ومساندتهما للقضية الفلسطينية واللذان أخذا حيزاً هاماً من التحركات السياسية والميدانية على مدى سنوات طويلة من القرنين العشرين والواحد والعشرين، أن نرى اليوم تجنيد مسؤولي الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعاتهم في دورتها 68 لعام 2013 لإيجاد حل سياسي تُختصر بخمسة أيام مقابل تعثر دام لسنوات طويلة، اجتمع الأعضاء وتمت الموافقة بالإجماع على إصدار قرار برقم 2118 ينص على حل الأزمة السورية سياسياً، هم اعتدوا وهم انسحبوا والكل ما زال مذهولاً من موقف أمريكا ومرونتها في التعاطي مع الملف السوري كما يريده السوريون أنفسهم لطالما طالبوا بالحل السياسي منذ اندلاع الأزمة، حتى أن البعض ما زال يشكك في موافقة أمريكا على نصوص القرار الذي وضعته روسيا الحليفة والصديقة لسورية من خلال تفنيد فقراته ووضعها في خانة الطرف المعادي لسورية من خلال إسقاط البند الرئيسي الخاص بـوضع السلاح الكيماوي السوري تحت الرقابة الدولية والترويج لموضوع آخر كـ إنتقال السلطة وما شابه ذلك وهذا يقرره الشعب السوري. وحده الذي يحق له التدخل وغيره مرفوض خاصة مَن تسبّب بدمار سورية سورياً كان أم غيره، ومن جهة ثانية في اتهام سورية بأنها لن تتجاوب مع هذا القرار. على كل حال يقال ما يقال القرار صدر وانتهى وأمريكا وحدها تعرف تماماً بأن القرار جاء تلبية لرغبتها في إيجاد مخرج سياسي بدل العسكري وبالتالي يُسقط عن كاهلها شبح الحرب الذي كان سيخيم على أمريكا بوشاح أسود يحتاج إلى سنوات طويلة لمغادرة سمائها هذا إذا بقيت أمريكا على حالها في الوقت الذي كان يتهيأ الحلف المقاوم لهذه الفرصة كي يلقّن أمريكا وحلفائها درساً لن ينسوه ما داموا على قيد الحياة  خاصة وأن الميدان العسكري السوري وما يجري على أرضه لصالح الجيش العربي السوري.
السؤال الذي يُسأل الآن:
لماذا أمريكا سارعت إلى التوافق مع روسيا لإيجاد حل للأزمة السورية ؟
ممن تخوفت أمريكا إذا ما شنت حرباً على سورية ؟
البعض يقول إن أوباما واجه رفضاً واسعاً من المجتمع الأمريكي على مختلف فئاته لهذه الحرب والبعض الآخر يقول إن أوباما لم يتوقع مساندة إيران وحزب الله وإعلانهما بخوض الحرب مع سورية وتخوفه من اتساعها بشكل لا يستطيع إنهائها كما جرى معهم في العراق وأفغانستان.... وقيل الكثير والكثير، لكن في حقيقة الأمر أن أمريكا هي التي سارعت إلى إنهاء الأزمة السورية وتسليمها إلى الأمم المتحدة لأنها تعرف تماماً ماذا تخبئ لها الأيام القادمة إذا ما استمرت في سياستها المتعنة والمغرورة، خاصة وأن شبح حربها على كوريا الشمالية المدعومة من روسيا والصين  قبل ستين عاماً والتي راح ضحيتها أربعة ملايين ضحية بين مدنيين وعسكريين ما أشبه اليوم بالأمس (الحرب الكورية - العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ما زالا ماثلين في الأذهان والتصدي الروسي لهما)، لكن الفرق اليوم تخوفها من أن تتحول إلى حرب عالمية ثالثة باشتراك إيران وحزب الله إلى جانب روسيا والصين خاصة وأن (التكتيكات والتقنيات العسكرية لسورية وحلفائها جاهزة للتصدي بقوة) لذلك تراجعت تحسباً من نتائجها كما أنها في وضع لم يعد يُسمح لها باللعب في مصائر الشعوب وهذا ما تعودت عليه منذ نصف قرن تقريباً  من انفرادها بالقرار الأوحد....(هذا هو السر الأول لتراجع أمريكا عن الحرب لكن حلفاؤها لا يقرؤون التاريخ جيداً لذلك بدل من أن يهدؤوا بدؤوا بالتخبط بين الشجب وبين إرسال مقاتلين أجانب بأعداد هائلة إلى سورية والتي سترتد عليهم والتي نرى عصابات إجرامهم اليوم من خلال انفصالها عن الإئتلاف الواحدة تلو الأخرى وما يحدث في تركيا والأحداث المضطربة التي خيمت على سمائها ولن تنتهي إلا بإسقاط أردوغان الذي تسبّب بويلات اقتصادية واجتماعية لتركيا مريبة نتيجة تدخله بالأزمة السورية).
أمريكا اليوم أشبه بالعجوز التي تعاني من أمراض مستعصية من الصعب تجاوزها ما إن التفتت إلى معالجتها ذاتياً وترك الآخرين لشؤونهم ...خاصة بعد رفض مجلس الشيوخ الموازنة الأمريكية لعام 2014 ولأول مرة في تاريخ أمريكا تسقط الموازنة وبالتالي أمريكا إلى إفلاس جزئي من خلال تعطل نصف مؤسساتها، ومَن مازال يراهن على شن حرب أمريكية على سورية فهو إما أمّي في السياسة أو وووو؟  أمريكا آيلة للسقوط وسوف يلحقها حليفها الكيان الصهيوني يكفي التمعن بهذا الواقع الذي وصلت إليه أمريكا لتصديق ما أقول.
بعد أن عرفنا خلفية تراجع أمريكا عن شنها الحرب على سورية وانسحابها  من الأزمة السورية كلياً وتوجيه حلفائها بالعمل على غرار أمريكا بالانسحاب الفوري لمقاتليهم وإيقاف شتى أنواع الدعم اللوجستي والمادي لدمار سورية، الأيام القادمة سنشهد تراجعهم وانسحابهم بشكل تدريجي سواء قبلوا أو لم يقبلوا والتعامل مع الملف السوري من محور إسقاط النظام إلى محور التعاون مع النظام كما جاء بالقرار 2118 الصادر عن الأمم المتحدة, لذلك  لا خوف بعد اليوم على سورية خاصة وأنها تصدت ببسالة لكل أنواع الهجوم الذي نُفذ عليها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً، ولم يبقَ لها إلا أن تتعامل مع القرار 2118 الصادر عن الأمم المتحدة  كواقع اختارته هي للخروج من الأزمة بشكل تطبيقي تحدده هي وجديرة بتطبيقه كما كانت جديرة ومتفوقة دائماً سياسياً وعسكرياً، الرئيس بشار الأسد أنقذ سورية بشكل خاص والوطن العربي بشكل عام من براثن الاستعمار الجديد كما أنقذها الرئيس الخالد حافظ الأسد خلال الثمانينات.
العالم اليوم يعيش مرحلة انتقالية من نظام عالمي تسوده الحروب والدمار والتفرد بالقرار بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية إلى نظام عالمي جديد يحث الخطى لإيجاد كل السبل التي تؤدي إلى فرض التعايش السلمي بين الأقطاب جميعاً دون استثناء. نظام تسوده المحبة والعدالة والحرية والسلام.
اليوم مطلوب من السوريين التكاتف والعمل الجاد المتواصل ليلاً نهاراً لجعل سورية أفضل مما كانت عليه، صحيح ليس الأمر سهلاً ولا بسحر ساحر لكن إن آمنّا بسورية الأجمل والأفضل كما آمنّا بحمايتها بأرواحنا وأجسادنا وأملاكنا وانتصرنا على قوة لا يضاهيها قوة، نستطيع أن نحقق ما نرجوه ويتمناه شعبنا.
 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=48&id=32710