الرئيسية  /  تحقيقات

أهالي شهداء مجازر ريف اللاذقية فوق الحزن حزن .. تفاصيل ما جرى في تشييع 123 شهيداً ولماذا طالب الأهالي بإقالة المحافظة وهاجموا المسؤولين؟


دام برس : أهالي شهداء مجازر ريف اللاذقية فوق الحزن حزن .. تفاصيل ما جرى في تشييع 123 شهيداً ولماذا طالب الأهالي بإقالة المحافظة وهاجموا المسؤولين؟

خاص دام برس - بلال سليطين :

نامت اللاذقية مساء أمس على خبر مفاده أن هناك تشييعاً جماعياً لشهداء مجازر ريف اللاذقية سوف يتم في الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم الأربعاء، وانتشر الخبر وتناقلته وسائل الإعلام وعلق فرع حزب البعث باللاذقية نعوات في مختلف شوارع المدينة كتب عليها أن الساعة الثانية هي موعد التشييع.

استيقظ الناس ومعهم أهالي الشهداء الذين أكاد أجزم أن أحداً منهم لم ينم طيلة الليلة الماضية، أهالي الشهداء ذهب بعضهم باكراً إلى مقبرة الشهداء لاعتبارات عاطفية وإنسانية وشخصية وغير ذلك الكثير من الأسباب، وصلوا إلى المقبرة فوجدوا قبوراً مفتوحةً وقد شرع العمال بوضع جثامين الشهداء فيها، حيث كانت تصل تباعاً من الصباح الباكر سيارات إسعاف وفيها الجثامين وكلما وصلت جثامين جديدة يتم وضعها في القبور مباشرةً، الأمر الذي أثار استغراب الأهالي وامتعاضهم، لكنهم تمالكوا أعصابهم وتركوا الموضوع يمر بسلام رغم مطالباتهم طوال الوقت بان يتم إيقاف ما يحدث وتشييع الشهداء كما هو متعارف عليه، ومضى الوقت حتى الساعة الواحدة وحوالي /40/ دقيقة، حينها وصل محافظ اللاذقية ومعه أمين فرع الحزب وبعض المسؤولين الحزبيين , وعدد من أعضاء مجلس الشعب , (قبل عشرين دقيقة من الموعد المعلن لإقامة الصلاة)، وعلى الفور تم وضع /9/ جثامين أمامهم قاموا بالصلاة عليهم "بسرعة قياسية" حسب وصف أحد أهالي الشهداء والتقاط الصور ومن ثم المغادرة دون الاستماع إلى كلمة القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة التي كان يهم بإلقائها عقيد في الجيش والقوات المسلحة، وليبدأ بعدها بردم القبور بالتراب وكأن الجثامين بقيت دون دفن من الصباح وحتى الثانية ظهراً فقط لكي يأتي المحافظ ويقف /5/ دقائق ويذهب.

مغادرة المسؤولين دون أن يتوجهوا بأي كلمة لأسر الشهداء ودون أن يشاركوا في الدفن أو أن يفعلوا أي أمر يطيب خاطرهم، مغادرتهم أثارت حالة من الغضب لدى الأهالي حتى أن امرأة تقدمت من سيارة المحافظ وبدأت بتوجيه الكلام له وانتقاده هو ومن معه على ما قاموا به ومن ثم توجه عشرات أهالي الشهداء إلى موكب المحافظ والمسؤولين الذين غادروا مسرعين بعد حدوث ملاسنات بينهم وبين الأهالي.

كما هاجم الأهالي وسائل الإعلام المحلية لعدم تغطيتها للمجازر في ريف اللاذقية واتهموها بالتقصير ووجهوا لها انتقادات لاذعة، واتهموها بالاهتمام بتصوير المحافظ والمسؤولين أكثر من الاهتمام بالمجازر.

بعد مغادرة المسؤولين زادت حالة الغضب وتوترت الأجواء وقرر بعض الأهالي أخذ الجثامين وعدم دفنها في المقبرة وخرج العشرات في مسيرة داخل المقبرة طالبوا فيها بإقالة المحافظ وهتفوا ضد مسؤولين في فرع الحزب وأعضاء في مجلس الشعب، الأمر الذي تم تداركه من قبل الأهالي بين بعضهم البعض، وتم إقناعهم بالاستمرار بالدفن لأجل مصلحة البلد، بعد أن قاموا بإتلاف معظم أكاليل الورد التي جاء بها المسؤولون.

\"\"

بالفعل عاد الأهالي ليتابعوا دفن أبنائهم فوجدوا أن جثامين الشهداء موزعة على القبور بطريقة عشوائية وأن جثامين الشهداء من عائلة واحدة لم يتم دفنهم إلى جانب بعضهم البعض حيث دفنت الأم في مكان والابنة في مكان آخر في حين أن الاتفاق بالأمس كان دفن الأقرباء إلى جانب بعضهم البعض (تكرر الأمر مع أكثر من عائلة)، كما وجد الأهالي أن عدد الشطايح (اسمنت مسلح يوضع فوق القبر التابوت ويردم التراب فوقه، أو قطع من الرخام) التي يتم وضعها في القبر لا يكفي لجميع الشهداء وأن البوبكات (جرافة صغيرة) الذي تم إرساله تعطل فيما استمر البوبكات الثاني بالعمل دون أن يكون قادراً على سد الحاجة.

هذا الواقع أثار من جديد غضب الأهالي الذين اعتبروه قلة احترام لهم ولشهدائهم وعلت الأصوات من جديد، وبعد انتظار جاءت جرافات جديدة وتم تأمين الشطايح وعاد الأهالي لاستكمال عمليات دفن الأبناء، حيث قاموا بدفن أبنائهم بأيديهم في وقت كانوا بأمس الحاجة فيه لمن يقف إلى جانبهم ويسمع صوتهم من القائمين على محافظة اللاذقية.

أهالي الشهداء وجدوا في رجال الدين وموقع دام برس ضالتهم فتوجهوا لهم وطالبوهم بإيصال صوتهم للقيادة وشرح ما حدث في المقبرة وما أسموه قلة احترام لهم.

بعض أهالي الشهداء وفي حديث مع دام برس قالوا أنهم لا يخجلون من شهدائهم وأنهم فخورون بهم كثيراً بل ويتشرفون بشهادتهم، وطالبوا بان يتم احترام تضحيات شهداء مجازر اللاذقية ومشاعر ذويهم بشكل أكبر من ذلك، كما طالبوا بمحاسبة من يقف وراء ما حدث في المقبرة خصوصاً المسؤولين الذين حضروا وغادروا مسرعين.

كما استغرب الأهالي والحضور عدم إقامة مراسم دفن كما تجري العادة للشهداء حيث لم يتم تشييعهم في موكب رسمي وغابت الفرقة النحاسية ولم يتم عزف لحني الشهيد ووداعه، في وقت من المفترض فيه في تشييع كهذا أن تكون الأمور مرتبة على أفضل ما يرام.

فوق حزن أهالي الشهداء على فقدان أبنائهم ازدادوا حزناً بفعل ما حدث، وهم الآن بأمس الحاجة لمن يمسح دموعهم ويسمعهم كلمة طيبة، ويعوضهم عن شعورهم بقلة الاهتمام وهذا لن يكون إلا بالاستماع إليهم قولا وفعلا.
 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=11&id=31077