الرئيسية  /  رأي دام برس بقلم مي حميدوش

شراكة حقيقية بين الحكمة والتسامح .. بقلم : مي حميدوش


دام برس : شراكة حقيقية بين الحكمة والتسامح .. بقلم : مي حميدوش

دام برس:

طغت زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي التاريخية إلى سورية على المشهد العام في سورية، ولا سيما أن البطريرك الراعي أول بطريرك ماروني يزو سورية منذ الاستقلال بمباركة فاتيكانية في خطوة هدفها بلسمة أوجاع الشعب السوري على مختلف انتماءه وطمأنتهم وتشجيعهم على التمسك بأرضهم والثبات فيها، ذلك على الرغم من كل الضوضاء وأصوات الاعتراض لقوى التآمر في لبنان والتي لم يُعرها سيد بكركي اهتماماً.

وعلى الرغم من الطابع الكنسي والديني المعلن لزيارة البطريرك الراعي إلى دمشق،إلا أن دلالاتها السياسية كانت واضحة، سواء في توقيتها المتزامن مع احتدام المواجهة في سوريا في ضوء محاولة عصابات الناتو دخولهم إلى دمشق، أو في المواقف التيأطلقها الراعي وبلغت حد التأكيد أن الإصلاحات وحقوق الإنسان لا تساوي نقطة دم تسيل من مواطن بريء.

نصلي للسلام في البلاد بهذه الكلمات أرسل غبطته رسالته من قلب العالم العربي في دمشق هي رسالة للعالم أجمع جمعت بين مفرداتها كل المعاني الإنسانية وكل القيم الروحية.

يرى بعض المراقبين بأن قصة زيارة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي لسوريا بدأت منذ مدة حيث أرسل البطريرك الراعي كتاباً إلى الفاتيكان يطلب نصيحتها بخصوص اعتزامه القيام بزيارة كنسية لدمشق. لم يطل الوقت حتى ردالفاتيكان بتشجيع الخطوة. المبدأ في تأييدها، ينطلق من روحية المقولة الكنسية عينهاالتي جعلت البابا بنديكتوس السادس عشر يزور لبنان العام الماضي متجاوزاً سيلاً من التحفظات عليها، بعضها تذرّع بالأسباب الأمنية، وبعضها الآخر لم تخل خلفياتها من أسباب سياسية". ومفاد المقولة الكنسية، أنه في "زمن النوائب يجب أن يكون الراعي إلى جانب رعيته. ومثلما أن هذه المقولة زخمت قرار البابا بالمجيء إلى لبنان باعتباره المنصة الأنسب لإطلاق رسالة منه لمسيحيي المشرق بأن الفاتيكان إلى جانبهم،فإنه من باب أولى أن يحذو الراعي تجاه السوريين ذات الخطوة، وخصوصاً أنهم في عين عاصفة العنف في هذه المرحلة".

مع تسلم البطرك الراعي مهمته في بكركي حاول غبطته فتح صفحة جديدة في العلاقات بين بكركي ودمشق وذلك إيمانا منه بضرورة طي صفحة الماضي والبدء بترتيب البيت الكنسي لقد ساهم غبطته في إيصال رسائل واضحة إلى الدول الغربية حيث أوضح من خلال جولاته على العواصم الأوروبية والأجنبية عن الخطأ كبير في تعزيز دور المتطرفين في وجه التسامح.

لا يخفى على أحد بأن للراعي مكانة خاصة اليوم عند القيادة والشعب السوري بحيث لمس السوريون اختلاف الموقف بين غبطته وبين سلفه الكاردينال نصر الله بطرس صفيرالذي رفض مراراً الذهاب إلى دمشق.

مع بداية الأزمة السورية كان من الواضح اتخاذ البطريرك بشارة الراعي موقفا واضحا من تدمير سورية وسفك الدم السوري على يد حاملي الفكر التكفيري المتطرف لقد قالها غبطته ومن منبر بكركي بأن ما يحدث في سورية سينعكس سلبا على العالم أجمع.

وبمعزل عن التأويلات والاجتهادات في قراءة الزيارة، إلا أنه يسجل للبطريرك الراعي شجاعته، ليس فقط في تجاوز الحدود الجغرافية بين لبنان وسوريا، وإنما أيضاً فيكسر الحدود النفسية التي كانت تفصل البطريركية المارونية عن دمشق، في إشارة بليغة إلى رغبة الكنيسة في تنقية الذاكرة وتجديد التواصل مع السوريين، وإعادة ترتيب الأولويات على قاعدة أن الهمّ الأساسي في هذه المرحلة هو لحماية المنطقة من خطرالمد التكفيري.

باختصار إن الجرأة والإقدام شرطان ضروريان لتولّي مراكز قيادية، وكذلك الحكمةهكذا كان غبطة البطريرك بشارة بطرس الراعي في موقفه الوطني بامتياز.

هي شراكة حقيقية بين كل من يدافع عن القيم الإنسانية في زمان غابت فيه معاني الإنسانية بين أدوات القتل والتخريب هي شراكة بين الحكمة والتسامح هكذا كانت زيارة غبطته لباب الشمس في سورية. 


 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=28&id=25457