الرئيسية  /  رأي دام برس بقلم مي حميدوش

من حريم السلطان إلى أردوغان سورية لن تكون ولاية عثمانية .. بقلم : مي حميدوش


دام برس :

سجل التاريخ بأن العثمانيين لم يتركوا أثراً حضارياً واحداً في أيٍ من البلاد التي احتلوها، وكانوا دوماً يتركون البلاد التي يطئونها أسوأ حالاً مما استلموها.  فكانوا بذلك أكثر احتلال متخلف في تاريخ الاحتلالات، بعد التتار والمغول.  ولم يعرف عنهم إنجازٌ واحد في العلوم أو الفنون أو الآداب أو العمارة طوال فترة حكمهم (وليس فقط في نهايته)، على عكس التراث العربي الغني بمثل هذه الإنجازات. 
عندما اجتاحت جحافل العثمانيين أرض العرب، لم يكن ثمة فارق حضاري كبير بين العرب وأوروبا، بالرغم من الضعف الكبير الذي كان يعتور الأمة العربية.  وكانت القبائل التركية تفتقد لأبسط أسس التقدم الحضاري التي كان العرب وغيرهم من الأقوام الإسلامية و العربية قد خبروها وطوروها على مدى ألف عام تقريباً قبل العثمانيين.  ويمكن أن نلحظ أن الدول الأوروبية الشرقية التي حكمها العثمانيون تتأخر خلف أوروبا الغربية والوسطى بالنسبة نفسها التي رزحت  فيها تحت التخلف العثماني. 
والأهم هو أن تعميق التخلف الحضاري وإعادة إنتاجه في الظل العثماني كان عامل الضعف الأهم الذي سمح للاستعمار الغربي أن يستخدم تقدمه العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والثقافي ليخترق الأمة العربية ،  فالعثمانيون لم يحافظوا على سيادة الأمة إزاء الاستعمار الأوروبي كما يبدو في الظاهر، بل هيئوا أفضل الظروف لهيمنة الاستعمار الأوروبي من خلال إنتاج كل عوامل الضعف الداخلي، الحضاري والاجتماعي، التي تنزع من الأمم عناصر قوتها وتجعلها أعجز من أن تتمكن من المقاومة.
اليوم وبعد أن أصبحت الجمهورية العربية السورية دولة ذات سيادة وتحولت من ولاية عثمانية إلى دولة محورية في العالم دولة قادة محور المقاومة على مستوى العالم، يريد أصحاب الحرية السلمية من مرتزقة للناتو ومن سلفيين تكفيريين أن تعود سورية إلى ولاية عثمانية.
لا يخفى على أحد بأن اردوغان يسعى لإقامة خلافة عثمانية اخوانية، اليوم تحولت تونس ومصر وليبيا إلى ولايات عثمانية أكان ذلك في العلم أو الخفاء، وليتحقق حلم هذا السلطان لابد من سقوط سورية.
وبعد أن فشل ذلك السلطان بفرض حكمه على الشعب العربي السوري الذي بقي صامدا ملتفا حول قيادته الحكيمة وجيشه البطل كان لابد له من أن يعيش في الوهم ويصدر فرمانا يقضي بتعيين والي للسوريين وتكون مدينة غازي عنتاب مقر للولاية.
يتوقع هذا الوالي أن يكون حاكما لولاية سورية متحكما بمصير شعبها ولكنه قد نسي أن السوريون ناضلوا وبذلوا أرواحهم من أجل سيادة وطنهم الأجدى أن يعود هذا الوالي إلى قصر السلطان ليعتني بحريم السلطان.
لقد نسي بعض السوريين جمال باشا السفاح وأعواد المشانق، ومن منهم لم يقرأ التاريخ ليشاهد " أخوة التراب " تلك الملحمة التي جسدت تاريخ الاحتلال العثماني، مال باشا السفاح الذي عين والياً على سورية في تلك الفترة، وأول وصمة عار في تاريخه الإجرامي سجلت بإعدام الوطنيين الأحرار العرب شنقاً حتى الموت في السادس من أيار 1916، وكانت فترة حكمه الأعنف في الممارسات التركية والتي جرت بعد وصول جمعية (تركية الفتاة) المدعومة من الحركة الصهيونية إلى الحكم.
سورية كانت وستبقى قلعة للصمود والمقاومة وستبقى دمشق وحلب وادلب وكل ذرة تراب في سورية حرة سيدة مستقلة، ستبقى راية العز والكرامة خفاقة عالية في سماء الوطن.
 

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=28&id=24826