دام برس
ما سأورده اليوم هو سرد لحدث جلل جرت أحداثه في أقدس وأطهر الأمكنة على وجه البسيطة …. لن أتطرق خلال السرد لتقييم أخلاقي أو موقف شخصي من الحادثة ومرتكبيها فهذا ليس بيت قصيد مقالي هنا …. في العشرين من شهر تشرين الثاني عام ١٩٧٩ وبعد صلاة الفجر يتحصن السعودي جهيمان العتيبي مع عشرات من مؤيديه داخل الحرم المكي معلنا إنقلابه على آل سعود الفاقدين للشرعية بسبب فسادهم وتدميرهم لثقافة البلد وحضارتها وإنعدام العدالة بين أفراد الشعب السعودي وإستئثار آل سعود على موارد البلاد والعباد حسب خطبة جهيمان التي ألقاها في الحرم المكي على أتباعه وتم نقلها على بعض قنوات التلفزة العربية والأجنبية أنذاك … السلطات السعودية وجدت نفسها محرجة أمام الرأي العام العربي والعالمي فمن جهة هو إنقلاب واضح ومن جهة أخرى هناك قدسية الحرم وحرمة سفك الدماء داخله …. ونظرا لخطورة الوضع الذي بات يهدد كيان آل سعود عمدت الأسرة الملكية الحاكمة بجمع أهم رجال الدين في المملكة وكان عددهم خمس وثلاثون رجل دين وكانت الخلاصة صدور فتوى منهم وبالإجماع تبيح التدخل العسكري لإنهاء التمرد … وعلى الفور حشدت المملكة عشرة ألاف جندي من الحرس الوطني السعودي لإنجاز مهمة الإقتحام … سقط عشرات القتلى دون نجاح في تحقيق الهدف ... وبعد إسبوعين إستقدم النظام السعودي قوات من النخبة الفرنسية وإستشاريين في الإستخبارات الفرنسية إختصاص إقتحام … وفي معركة طاحنة تم إستخدام صنوف الأسلحة الخفيفة والثقيلة من عربات مصفحة ودبابات وإغراق الحرم بالماء وصعقه بالكهرباء وإستخدام الغازات المحرمة التي تسبب شلل الجملة العصبية وكذلك إستخدام التسميم بالغاز وهذاكله معروف وموثق وعلى هذا المنوال ولمدة يوم كامل تحول الحرم إلى خراب ودمار وحرق … وكانت مشاهد الأشلاء والدماء لأكثر من ثلاثمئة جثة تسبح ببحر دماء على أرض الحرم …. كانت صور قصف المآذن بالدبابات سيدة المشهد وأثار المجنزرات محفورة على بلاط الحرم … إنتهت المجزرة وإنتهى الإعتصام … وإنتهى كل من شارك فيه بقطع الرأس بالسيف ممن نجا من الإقتحام … الملفت بالأمر أن جهيمان قائد المجموعة كان ضابطا سابقا في الحرس الوطني السعودي والكثير من عناصر الحرس إنضموا إليه ومن المعروف في السعودية أن ضباط الحرس الوطني هم من النخبة ومن المواليين لآل سعود … كما أسلفت أنا لست هنا بصدد التقييم الأخلاقي أو إبداء الرأي الشخصي فيما فعله جهيمان … ولكن الشيء بالشيء يذكر …. إسمحولي أيضا بسرد الحادثة الثانية والتي وقعت في مكة عام ١٩٨٩ من خلال حدوث تفجيرين أثناء أداء مناسك الحج إعتقل على إثرها عشرون حاجا كويتيا لم يسمح لهم بتعيين محامي ولم يحضر أي ممثل عن السفارة الكويتية وتم الحكم عليهم بقطع الرأس بالسيف في الساحات العامة … بعد كل هذا العرض والشرح أصل معكم إلى بيت القصيد سوريا وأحداثها والمسلحين التكفيريين المدعومين من آل سعود والقطري الصغير … السعودية وفي كل المحافل والمنابر ليل نهار تستنكر بأشد العبارات تدخل وعنف الجيش السوري في القضاء على المسلحين … العجب العجاب كيف يكون دخولكم وإقتحامكم أقدس مقدسات الأرض < الحرم المكي > وضربه بالنار والحديد وإراقة الدم الذي حرم الله بداخله كيف يكون هذا مشروعا وتحريرا والذي يحدث في سوريا عنفا مفرطا من قبل الجيش على حد زعمكم …. يا آل سعود ليعلم صغيركم قبل كبيركم أن كل ذرة تراب من سوريا بالنسبة لنا طاهرة مقدسة ولن نسمح لأي كان بتلويث طهر بلادنا بلاد الشام وبالرجال والأرواح نفتدي ترابنا … فلا تحللوا لأنفسكم وتحرموا على غيركم ….كفو عن التدخل ببلدنا وبالشامي نقولها اللي بيته من زجاج لا يرمي على السوريين الحجارة وقد أعذر من أنذر .