الرئيسية  /  أخبار

شامية في الغربة :ياجماعة شو اللي صاير عندكم ..فهموني ؟ ليش شو صاير ؟ كيف شو صاير !! ماعم تشوفو التلفزيون ؟؟


دام برس : شامية في الغربة :ياجماعة شو اللي صاير عندكم ..فهموني ؟ ليش شو صاير ؟ كيف شو صاير !! ماعم تشوفو التلفزيون ؟؟

دام برس

انا سورية في الغربة ... والغربة في مثل هكذا ظروف هي أسوء جزء في الموضوع ، أولا لأننا لانعرف بالظبط ماذا يحدث هناك وعلينا ان نعتمد على المحطات التلفزيونية ..محطة تقول لك كل شي بخير ..والأمن مستتب وصرنا في الربع الأخير من الأزمة ..وكلها يومين وبتخلص .. ومحطة تذكرني بأغنية (ولعها ولعها ..شعللها شعللها ) ولما يطوش حجرنا بالكامل ومانعرف شو عم يصير منتصل بالشام ...العيلة اليوم سهرانة عند أبو محمد لأن الله بعتلو صبي ... طيب ياجماعة شو اللي صاير عندكم ..فهموني ..
* ليش شو صاير ..
* كيف شو صاير ..!! ماعم تشوفو التلفزيون
* إي لاتصدقي كل شي بتشوفيه ... شوية زعران لقطهن الجيش ، إنتي إيمتى نازلة عالشام !! بالله بس تنزلي خبريني في كم شغلة بدي وصيكي عليهن ...
اغلق السماعة واقرر أن لا أسمع لأحد .. لأعيش حياتي مادمت انا اصلا مارح غير شي بالوضع ، واللي كاتبو الله بدو يصير ... ياربي بس كيف !!! والله ماعم اقدر ..هي الشام ... الشااااااااام مو قرص بعجوة متل مابيقولو ... هي الشام اللي نزلت من آخر الدنيا عند ولادة اولادي ..لكي تكون مكان الميلاد : دمشق ... دمشق .. يالهي كم هي جميلة هذه الكلمة ...
انا اعشق الشام ...
بكل مافيها ، بياسمينها ونارنجها وكبادها بحاراتها القديمة حيث بيوتها متهالكة تسند احداها الأخرى ..مثلي مثل الكثير من جيلي كانت مدارسنا بيوت على الطراز القديم المعروف في دمشق ، وكانت تتوسط مدرستي الابتدائية بحرة كبيرة من الرخام ، طبعا ابدا لم تهتم المدرسة بملأها بالماء لأنكم بتعرفو البنات شو ممكن يساوو .... قضيت فترة اخرى من طفولتي حيث كانت أمي مدرسة في إحدى المدارس فيما يسمى اليوم دمشق القديمة .. كنت اعشق ان أذهب مع صديقاتي الى بيوتهن واستمتع بالتفرج على البيوت وأرض الديار وسور الدرج الخشبي المتهالك وغرفها المبنية على الأكثر من اللبن لا أدري من ماذا بصراحة لكنها كانت تحتضن رائحة رطوبة خاصة لازالت تعبق في ذاكرتي ...
هذه المقدمة الطويلة ليست لأحكي عن بيوت الشام ..إنها فقط لأقول لكم كم أعشق الشام التي صنعت ذاكرتي ... أذكر في حرب ال73 حين انتصرنا على اسرائيل أني لم أكن في البيت ولا مرة أثناء حصول غارة ...كنت اذهب مع مدرستي الى المستشفيات والى معامل الكونسروة لنعلب طعاما ..جيشنا يحتاج أن يأكل ... كنا نشتغل بكل همة ونشاط .. حتى حبوب الأدوية عبأناها في العلب ... وعندما حصل النصر ...وزعنا نفسنا على مناطق الشام لنجمع الاعانات لمن تضرروا وقتها ..كان نصيبي منطقة الحريقة وسوق الحميدية .. والله العظيم أني اضطررت ان اطلب من إحدى كميونات الجيش الكبيرة ان تنقل تبرعات التجار والتي فاقت التوقعات وقتها ..اوصلني الجيش بالكميون وان أجلس فوق كومة من الأغراض بيجامات ،، حرامات ، جرابات ..كل مايمكن أن تتخيلو وجوده في تلك المنطقة ...حجم الكميون وماأحضرته أنا وزميلتي والتي كانت ابنة طبيب كبير معروق في سورية ومن عائلة معروفة ..أصاب إدارة المدرسة بالدهشة .... كنا فخورات ..سعيدات ..تذكرت هذا الموقف وانا ارى الجيل الجديد يعلب الأطعمة والاعانات للمتضررين ... والله اغرورقت عيناي بالدموع .... هذا هو الشعب السوري الذي اعرفه ..لماذا يريدون ان يشوهو الصورة ...نحنا رضعنا الوحدة ...وشربنا الإباء والكرامة مع كل نشيد سوري كانت حناجرنا تطلقه كل صباح في طابور المدرسة ... هاذا هو جيلنا ...
انا لست حزبية ولا بعثية ..ولم أكن حتى في اتحاد الطلبة ..وليست عندي أية اتجاهات سياسية ..ولن أقول أن ماكنا نعيشه كان المجتمع المثالي ... كتير انظلمو ..وكثر انضربو
..وكتير سجنو بدون أن يعرفو لماذا ... نعم ..عرفنا كل انواع الفساد والمحسوبيات والتسلط ، نعم كان لابد من ثورة على كل هذا ثورة تخرج منها سورية متجددة جديدة كما يخرج طائر الفينيق من رحم النار ..
لكن مايحدث اليوم في بلادي ليس ثورة ... اتمنى لو اصدق انها ثورة غايتها خير البلد ... اتمنى لو اصدق أن وحوش التاريخ الذين أكلو الشعوب علكوها وبلعو السكر فيها وبعدين بزقوها ، هؤلاء يهتمون بخير بلادي !!!؟ اتمنى لو أصدق ان هذا القتل الممنهج والاستهداف لشبابنا الغض الواقف على الحواجز يؤدي دوره في حماية أمن البلاد ...والذي حولوه ، فجأة وبقدرة قادر الى غول متوحش ..زومبي لايعيش إلا على لحوم الأطفال الغضة ولا يرتوي إلا بدماء ابناء الوطن ... ياجماعة حدا سأل حالو ... يعني الجيش من وين جايي !! من المريخ !! من كوكب ثاني ... اليس الجيش من ابناءنا المتطوعين والمجندين والذين افنو سنوات في الكليات الحربية !! اليس لكل واحد فينا أحد يعرفه في الجيش ..!! نزلت الشهر الماضي الى الشام من بلاد الغربة حيث أعيش ، استوقفنا مرة حاجز أمن من العسكر .. بينما كان يتفقد الأوراق كنت انظر في وجه هذا الشاب الذي على الأكثر لم يتجاوز العشرين من عمره .. لم تكن له انياب ولا كان فظا بالعكس ..كان وجهه طفوليا ..يحاول ان يداري برد الشتاء القارص بكل مالديه من ملابس وهو جالس في العراء مع زملاءه ... ربما أو بالتأكيد لديه أم تنتظره أو ابنة الجيران التي يحبها وقد وعدها بالبيت وفستان الفرح وزغروودة كبيرة ..... فقط الزغرودة حصلت عندما عاد الى أمه في صندوق خشبي شهيدا ...

شامية في الغربة

Copyrights © dampress.net

المصدر:   http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=12&id=20468