Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 27 نيسان 2024   الساعة 00:47:47
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
انقلاب الساعات الست ..بقلم: أنس وجيه حبوس
دام برس : دام برس | انقلاب الساعات الست ..بقلم: أنس وجيه حبوس

دام برس:

بات من المؤكد أن الانقلاب الأخير الذي حصل في تركيا ، هو انقلاب حقيقي قام به أردوغان نفسه لإطلاق عملية تطهير شاملة لمعارضيه ، سواء من هم في الجيش أو في مؤسسات الدولة المختلفة ، والذين أطلق عليهم لقب : الكيان الموازي من أنصار الداعية فتح الله غولن و من العلمانيين.

فمرة أخرى، يثبت الأتراك أنهم صنّاع دراما محترفون وبارعون من خلال سيناريو الانقلاب الذي أعده أردوغان ، و ذلك بالتنسيق مع الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية التي كان لها الفضل في الكشف المبكر عن نية بعض القيادات في الجيش للإطاحة بنظام أردوغان؛ عبر المعلومات الدقيقة والتقارير الموثقة التي حصلت عليها . فتم الاتفاق على مساعدة الانقلابيين بشكل غير مباشر وتشجيعهم على المضي قدماً بما عزموا عليه ، دون إغفال المتابعة الدائمة والمراقبة اللصيقة لهم لضمان عدم حدوث أي طارئ من شأنه إنجاح مساعي الانقلابيين.rفكانت قاعدة أنجرليك الجوية التركية هي غرفة عمليات الانقلاب المفترض .

وتم اتخاذ الإجراءات الاحترازية والتدابير المضادة للتحركات والأعمال التي سيقوم بها الانقلابيون الخونة حسب وصف أردوغان ، وذلك قبل إعلان ساعة الصفر من قبلهم.

فأردوغان كان بعيداً عن مسرح الأحداث وقت وقوعها ، وبقضي إجازته في منتجع مرمريس . وكان القصر الرئاسي خاوياً إلا من حراسه وبعض موظفيه ، و بعد بضع ساعات تم نقله من الفندق الذي كان يقيم فيه وفق خطة أمنية محكمة. وأعطيت الأوامر لقوات الأمن الخاصة وللميليشيات الأخوانية لتكون على أهبة الاستعداد و جاهزة للنزول إلى الشوارع، لإجهاض الانقلاب فور تلقي الإشارة من أردوغان عبر خدمة سكايب من خلال تطبيق فيس تايم الأمريكي و وسائل التواصل الإجتماعي التي لم تُحجب .

كما أن موقف أمريكا الغامض في بداية الانقلاب ، كان له دور في خداع و تضليل الانقلابيين وإيهامهم بنجاح الانقلاب بهدف دفعهم للاستمرار بتنفيذ مخططهم. فكانت تصريحات الإدارة الأمريكية مريبة بعض الشيء ، وتحمل في طياتها التأييد المبطن للانقلابيين من خلال وصف الانقلاب بالانتفاضة التركية ، و التأكيد على أن البيت الأبيض يتابع عن كثب ما يجري في تركيا . rوأتت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لتوحي بتأييد الانقلابيين إذ قال : الانقلاب لم يتم بطريقة احترافية .

و لعل تسريب أحد الضباط في البنتاغون أنباء عن طلب أردوغان اللجوء إلى ألمانيا ، عبر شبكة MSNBC الأمريكية ، كان يهدف إلى إيصال المعلومة إلى وسائل الإعلام العالمية لغايةٍ في نفس يعقوب !!

و بعد أن أكل الانقلابيون الطعم ، اتضحت الرؤية وبدى موقف الولايات المتحدة من الانقلاب واضحاً وحازماً بل و رافضاً له ، فعادت عبارة التأييد المطلق لأردوغان - التي كان أوباما قد أطلقها في أكثر من مناسبة - تتردد على الأسماع.

وقد قام الأمريكيون بالتشويش على أجهزة الملاحة والقتال في طائرات ال F16 و الأباتشي التابعة للانقلابيين عبر الأقمار الصناعية بميزة التحكم عن بعد ، لدرجة أنها يمكنها جعلها تنفجر ذاتياً .

فكانت تلك الطائرات عاجزة عن قصف و تدمير أي هدف من الأهداف المحددة لها . كما قامت طائرات ال F16 الأمريكية بإسقاط العديد من الحوامات التي تقل الجنود والضباط الانقلابيين أثناء قيامهم بعمليات إنزال في القصر الرئاسي والبرلمان وأماكن أخرى.rو مما يؤكد فرضية المؤامرة على الانقلابيين ، أن التصدي للانقلاب من قبل أنصار أردوغان وقوات الأمن لم يكن ارتجالياً أو عفوياً ، فلم نرَ أي ارتباك أو تخبط لديهم ، بل على العكس كانت أعمالهم منظمة و مدروسة وكأنهم كانوا على علمٍ مسبقٍ بمخطط الانقلاب ؛ لذلك قاموا بوضع سيناريو للرد السريع عليه و إفشاله .

أما ظهور رئيس الوزراء التركي يلدريم ، الذي تُرك حراً طليقاً كغيره من كبار القادة الأتراك ، و تأكيده على فشل الانقلاب من الساعات الأولى ، و ثقته بأن الأمور كلها تحت السيطرة ، أثار الشكوك والشبهات بأن ما يجري لم يكن سوى مسرحية هزلية .rو هكذا ، فإننا نرى أن أردوغان كان من أكبر المستفيدين من هذا الانقلاب الفاشل الذي استغله كمطية لتحقيق مآربه وتنفيذ مخططاته في إعادة هيكلة أجهزة الدولة ، و إجراء تغييرات جذرية في قطاعات الجيش ، بل والقضاء على العلمانية تماماً. و الأخطر من ذلك كله ، هو تحويل تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي ، و بالتالي حصول أردوغان على صلاحيات مطلقة تمكنه من التفرد بالحكم وممارسة استبداد السلطة.

و نستطيع أن نستنتج أن أردوغان مازال أحد اللاعبين الأساسيين في المنطقة ، و أن دوره في إثارة الأزمات أو في استخدامه كورقة في حل النزاعات وتحقيق التسويات لم ينتهِ بعد . ما يفسر استمرار الدعم الأمريكي له ، لهذا فإن أمريكا لن ترفع البطاقة الحمراء في وجهه ، على الأقل في الأيام القليلة القادمة .

أنس وجيه حبوس- عضو اتحاد الصحفيين

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz