دام برس:

رصدت مديرية الآثار والمتاحف التخريب والتنقيبات غير المشروعة الناجمة عن الاعتداءات التي قامت بها المجموعات الإرهابية المسلحة على امتداد مساحة سورية وذلك من خلال تقرير موسع اشتمل توثيقا لجميع الاعتداءات على المواقع الأثرية والمتاحف السورية بمختلف أنواعها يضاف لها رصد ظاهرة تزييف الآثار التي نشطت خلال الفترة الأخيرة.

وأوضح بيان المديرية أن لصوص الآثار نشطوا تحديدا في المواقع الأثرية الساخنة والبعيدة لصعوبة تأمين الحماية مع نقص أعداد الحراس وبعدها عن المجتمع المحلي ويمكن تحديد أهم التعديات في الحسكة حيث بينت دائرة آثار الحسكة في تقرير لها أن المواقع الأثرية شمال المحافظة بحال جيدة إلى الأن ولم تتعرض لتنقيبات غير مشروعة وخاصة المواقع المهمة التي تنقب فيها بعثات أثرية سورية وأجنبية منذ سنوت طويلة مثل مواقع "تل موزان وتل ليلان وتل بيد وتل عربيد" وتضم هذه المواقع بعضا من أهم الممالك القديمة في هذه المنطقة.

كما بينت الدائرة أن موقع حموكار بخير لكن تعرضت تلال مجاورة له لبعض التنقيبات السرية أما مواقع" تل بري وتل براك وتل حلف" فلم تتعرض لاعتداءات وتخريب.

وبين تقرير صادر عن دائرة آثار الحسكة أن الفضل في عدم وجود أعمال تخريبية في هذه المواقع المهمة ومواقع مجاورة ومحيطة بها يرجع للتعاون الذي يبديه المجتمع المحلي واللجان الشعبية المحلية في المنطقة في حين لا تتوافر معلومات دقيقة حول المواقع الأثرية في جنوبي المحافظة لصعوبة وصول الآثاريين والحراس إليها.

أما في الرقة فبين تقرير دائرة آثارها أن قلعة جعبر آمنة لكنها مغلقة حاليا وبالنسبة لدير الزور شهد موقع دورا أوروبس أعمال تنقيب سرية محدودة ولوحظ وجود خمس مخالفات بناء على أن الأضرار اقتصرت فيه على سرقة تجهيزات مادية تعود للبعثة العاملة في الموقع وسرقة موجودات متحف "دورا اوروبس" وهي نسخ وليست قطعا أصلية.

وأوضح بيان مديرية الآثار والمتاحف أن مواقع عدة لأعمال تنقيب سرية لم تتعرض للاعتداءات أهمها مواقع حلبية وزلبية وتل الروم وتل الكسرة لكن اللصوص سرقوا أبواب حماية مداخل بوابات الأبراج ومداخل موقع حلبية الأثري في دير الزور كما سرقت أدوات التنقيب الخاصة بالبعثة الأثرية السورية الفرنسية العاملة في الموقع واحدى كرفانات تخديم الموقع التي تملكها مديرية السياحة في المحافظة ولا توجد معلومات دقيقة عن حال موقع ماري الأثري.

وافاد تقرير دائرة آثار دير الزور بتاريخ 2-11-2012 بتعرض بعض المواقع الأثرية الممتدة بين معدان غربا إلى مدينة البوكمال شرقا لعمليات تنقيب سرية إذ سرق بيت البعثة ومركز الزوار في موقع ماري.

وفي إدلب نشطت أعمال التنقيب غير المشروع في موقع إيبلا الأثري نهاية شهر كانون الأول 2012 بعد أن انخفضت وتيرة التنقيبات غير المشروعة خلال فترة سابقة وفق تقارير لدائرة آثار إدلب التي أوضحت أن أعمال التنقيب غير المشروع في إيبلا تعود إلى طبيعة الموقع من جهة حيث لا يمكن التكهن بمكان وجود اللقى الأثرية ولا تشكل بمعظمها مطمعا للصوص وبفضل جهود أبناء القرية من جهة أخرى الذين ساهموا في الحد من عمليات التنقيب.

وبين البيان أن دائرة آثار ادلب أوردت معلومات تفصيلية عما قامت به المجموعات الإرهابية المسلحة في إيبلا إذ تبين أن التخريب تسبب بتضرر المنشات الحديثة التابعة للموقع مثل مبنى الاستراحة في مدخل التل الشمالي والمبنى المنشأ حديثا إلى الجنوب الغربي من الموقع والذي كان سيصبح مركزا لقطع التذاكر واستقبال الزوار وكذلك غرفة التخديم في مركز التل مع مرافقها أما الأضرار التي طالت الموقع الأثري واوابده فكانت بجزئها الأكبر ذات منشا طبيعي إذ أدت الأحوال الجوية خلال موسمي الشتاء إلى تخريب بعض الجدران وتهدمها التي كانت تحظى بترميم وتجديد سنوي من قبل البعثة الأثرية العاملة في الموقع وبغياب البعثة تعرضت هذه الجدران لأضرار يمكن تعويضها لاحقا بالترميم وإعادة التأهيل.

وأوضحت دائرة اثار إدلب أن الموقع تعرض لأضرار ذات منشأ بشري ركز العابثون فيه على قطاعات محددة هي الأكروبول حيث انتشرت حفر عشوائية في بعض ساحات القصر الملكي وخاصة حول غرفة الأرشيف وحاول الإرهابيون الدخول على شكل أوكار تحت بعض الجدران بهدف الوصول إلى سويات أقدم غير منقبة سابقا إضافة إلى تخريب جزئي للدرج البازلتي الواقع في الجناح الإداري للقصر بغية اختراق الطبقات وهناك عدة آبار تم تفتيشها مجددا رغم أنها منقبة سابقا
من قبل البعثة العاملة في الموقع وحدوث تخريب لسويات أثرية في أجزاء من القصر "ي" وثمة حفريات على قمة الأكروبول لا تشكل خطرا على سوياته الأثرية.

كما بينت تعرض القصر الشمالي "بي" وملحقاته ومعبد عشتار الكبير إلى حفريات قليلة في بعض القاعات لا تشكل خطرا وتم تفتيش بعض الآبار المنقبة سابقا والقصر الجنوبي "فف" الواقع في منحدر الأكروبول تعرض لبعض التخريب بحفريات صغيرة لا تؤثر على المبنى إذ يمكن الترميم لاحقا.

ونقب المعتدون في عدة قطاعات من معبد الصخرة المؤشر ب "اتش اتش" وهو معبد مهم في إيبلا خلال فترة البرونز القديم "منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد" وتعرض لأضرار بسيطة اقتصرت على حفرة واحدة كما تم تفتيش بئر واحد وتعرض القصر الملكي "كيو" للاعتداء أو التخريب ولم تتعرض الأسوار والبوابات وغير ذلك من قطاعات التل الأثرية لأي أذى.

وبين تقرير مفصل لدائرة التجمعات الأثرية بإدلب أوضاع التجمعات الأثرية الخمسة في محافظة إدلب التي أدرجت في حزيران 2011 على لائحة التراث العالمي مع ثلاثة تجمعات أثرية اخرى في محافظة حلب مثلت بمجموعها القرى الأثرية في الكتلة الكلسية شمال سورية أو ما يعرف باسم "المدن المنسية أو الميتة" إذ اختلفت طبيعة الأضرار بين تجمع وآخر حيث لم تتعرض مواقع تجمع جبل باريشا الذي يضم "باقرحا-الديرونة-دار قيتا-خربة الخطيب" لتعديات عمرانية أو تنقيبات سرية بفضل تعاون الأهالي في المحيط القريب للتجمع كما لم تتعرض مواقع تجمع جبل أعلى الذي يضم "قلب لوزة-قر بيزة-لكفير" لتخريب أو تعديات حسب تقارير المراقبين باستثناء أضرار طالت الأبواب والمداخل الحديدية لكنيسة قلب لوزة.

وبين التقرير أن وضع تجمع جبل الوسطاني الذي يضم "كفر عقاب-الفاسوق-بنصرة" سليم بشكل عام ولا توجد تعديات خطرة بينما عانى تجمع جبل الزاوية البارة الذي يضم "البارة-وادي مرتحون-مجليا-بترسا-بشلا-بعودا-سرجيلا-دير لوزة-شنشراح-ربيعة" من تعديات وتخريب في بعض أجزائه حيث كسرت ثلاثة توابيت حجرية داخل المدفن الهرمي المعروف ب"المذوقة" وكسر ساكف بوابة وخلع باب معصرة الزيتون وسرقت أربعة تيجان أثرية إضافة إلى سكن بعض الأهالي حوالي 15 مغارة واستصلاح بعض المغارات والمدافن البيزنطية المنحوتة بالصخر كما شوهت بعض الواجهات في الموقع بسبب اعتداءات المجموعات الإرهابية وهي واجهة قلعة أبي سفيان "واجهات المدافن الهرمي-الصومعة" "الواجهة الشرقية لإحدى الكنائس الخمس" واجهة المدفن الهرمي "المذوقة" من جهة الشمال والشرق الواجهة الشرقية لدير الرهبان.

وأوضح التقرير المفصل لدائرة التجمعات الأثرية بإدلب أنه في موقع سرجيلا كسرت لوحات الدلالة والتابوت الحجري الموجود في مدخل الموقع كما يسكن بعض أهالي قرية كفر رومة في حوالي عشرة بيوت أثرية بسرجيلا أما في مواقع وادي مرتحون مجليا بترسا بشلا بعودا دير لوزة.. سكن واستصلح بعض الأهالي 7 مغارات كما جرت أعمال تنقيب سري محدودة في أماكن متفرقة ولم تسجل أي تعديات في مواقع شنشراح وربيعة كما جرت تنقيبات سرية في تجمع "جبل الزاوية-المعرة الذي يضم-جرادة رويحة" وطالت مخالفات البناء الحديثة موقع جرادة ضمن التجمع كما شوهت بعض الواجهات في موقع جرادة إضافة إلى بعض التنقيبات السرية المتفرقة في بعض المواقع الأخرى بالمدن المنسية كما سرقت مقرات وبيوت البعثات الأجنبية في محافظة إدلب.

أما في حلب فأورد بيان مديرية الاثار والمتاحف أن كهف الديرية في جبل سمعان تعرض لأعمال تخريب شملت مربعات التنقيب والمقاطع الأثرية التي نقبتها سابقا البعثة الأثرية العاملة في الموقع وسرقت عدة التنقيب وكمية كبيرة من ألواح واعمدة خشبية موجودة ضمن المستودع كانت تستخدم في أعمال التنقيب.

وأوضح البيان أن موقع أفاميا في حماة يعد من أكثر المواقع تضررا بسبب أعمال التنقيب السري المتواصلة في الموقع التي تتركز في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية والغربية من المدينة حيث سرق الكثير من أحجار البناء من موقع الأندرين الأثري في حين تم الحد مؤخرا من أعمال التنقيب غير المشروع في حمص في بعض المدافن غير المنقبة في موقع تدمر الأثري وقد تمت السيطرة على الوضع حاليا وتأمين حماية الموقع بشكل عام.

وأضاف البيان أنه لا أضرار تلحظ بالنسبة لدمشق وريفها باستثناء سرقة موجودات بيت البعثة الوطنية العاملة في تل سكا الأثري وتضرر المشهد الثقافي في موقع اللجاة بدرعا الذي يعتبر متحفا في الهواء للمكتبات الصفائية بينما لم تسجل محافظات اللاذقية وطرطوس والسويداء أضرارا وفق التقارير الواردة من دوائر الأثار في هذه المحافظات كما في القنيطرة باستثناء مخالفة بناء تمت إزالتها في موقع الرفيد وبعض المخالفات العمرانية الأخرى.

ولفت بيان مديرية الأثار والمتاحف أنه من خلال فحص عينات من بعض المصادرات تبين أن حركة تزييف الآثار نشطت مجددا خلال الفترة الأخيرة إذ يعمد لصوص الآثار إلى تزييف قطع ومحاولة تسويقها وبيعها على أنها قطع أصلية وأثرية وخاصة لوحات الفسيفساء والتماثيل التدمرية.

وأكد البيان أن جميع القطع الأثرية وضعت في أماكن آمنة وتم تركيب أجهزة إنذار في بعض المتاحف والقلاع وزيادة عدد الحراس وتكثيف دوريات المناوبة كما تم تبليغ الإنتربول عما فقد أو عن كل ما انتشر على الهواتف النقالة من صور يعتقد أنها للقى أثرية سورية غير مكتشفة وغير مسجلة ربما وصل إليها لصوص الآثار عبر التنقيب غير المشروع في المواقع البعيدة حيث تم التعاون مع المنظمات الدولية لتبادل الرؤى والأفكار والمعلومات حول الوضع الراهن للتراث الثقافي السوري.

وكانت المديرية العامة للآثار والمتاحف أقامت مؤخرا بالتعاون مع منظمة الايكوموس ورشة عمل عبر الانترنت بهدف تعزيز مهارات الكوادر الوطنية السورية على "أساليب وتقنيات حماية التراث الثقافي في حالات الخطر" بمشاركة خبراء دوليين من منظمتي الايكوموس والايكروم واتخاذ إجراءات بين وزارة الثقافة" المديرية العامة للآثار والمتاحف والجهات المختصة لتأمين حماية المواقع الأثرية وبفضل هذا التعاون أعيدت مسروقات أثرية عبر مصادرات في دمشق وطرطوس وتدمر وحمص وحماة ودير الزور بلغ مجموعها حوالي 4 آلاف قطعة تبدأ من خرزة وتنتهي بتمثال أو لوحة فسيفساء علما أن هناك نسبة من هذه المصادرات تبين أنها مزيفة.

كما أطلقت المديرية الحملة الوطنية تحت شعار "سورية بلدي" لإشراك المجتمع الأهلي في حماية آثار سورية العريقة التي يفخرون بها من السرقة أو التخريب أو الطمس باعتبار الأمر مسؤولية جماعية ينبغي على الجميع تحملها والعمل متضافرين لصون الآثار ونقلها بأمانة إلى أجيال المستقبل.