Logo Dampress

آخر تحديث : الأحد 28 نيسان 2024   الساعة 21:46:14
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الصناعة الوطنية قاطرة إعادة الإعمار..! بقلم: علاء أوسي
دام برس : دام برس | الصناعة الوطنية قاطرة إعادة الإعمار..! بقلم: علاء أوسي

دام برس:

يحتل قطاع الصناعة أهمية في الاقتصاد الوطني بتأمينه احتياجات البلاد، وقَطْره عملية التنمية، ويساهم في علاج مشكلات البطالة المتفاقمة، وفي تنويع مصادر الإنتاج والدخل والصادرات، وبالتالي زيادة الناتج المحلي الإجمالي الذي يؤدي لرفع معدل النمو الاقتصادي ، إضافة إلى تلبية احتياجات التجارة الخارجية. وفي الوقت ذاته يعد قطاع الصناعة سوقاً لتسويق كثير من المنتجات الزراعية التي يتم تصنيعها بدلاً من استخدامها أو تصديرها كمواد أولية، الأمر الذي يزيد من قيمتها المضافة كما في الصناعات النسيجية، وهنا تبرز أهمية التنمية الصناعية التي هي عماد التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة إضافة إلى الزراعة.
وعلى الرغم من الحديث المتكرر عن رغبة المعنيين وأصحاب القرار بتطوير القطاع الصناعي إلا أن الصناعة مازالت بحاجة إلى تعزيز مكانتها تعزيزاً صحيحاً، إذ إن مساهمتها لاتزال منخفضة، فهي تسهم بنحو 11% من الناتج، وهي نسبة متدنية نظراً للإمكانات الكبيرة والمقومات المتميزة التي تزخر بها سورية، الأمر الذي يتطلب بناء صناعة قوية تملك القدرات التنافسية والتصديرية، وهو ما يتطلب جهداً حكومياً مضاعفاً، وخاصة في ظل الأزمة الحالية التي انعكست سلباً على القطاع الصناعي بإضافة أمراض جديدة إلى أمراضه المزمنة التي كان يعانيها سابقاً، إذ بلغت قيمة الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بالقطاعين العام والخاص منذ بداية الأزمة 336مليار ليرة سورية، منها نحو 230 مليار ليرة أضرار القطاع الخاص، وأضرار القطاع العام نحو 106 مليارات ليرة، وذلك وفق ما أفاد به وزير الصناعة في بداية تشرين الثاني الماضي، مشيراً إلى أن هذا الرقم ليس نهائياً، لعدم القدرة على الوصول إلى بعض الشركات والمنشآت، لوجود العصابات الإرهابية فيها أو في محيطها، وتقدير الأضرار بشكل واقعي إلى جانب حساب بعض الأضرار في شركات القطاع العام حسب القيمة الدفترية فيما القيمة الفعلية تتجاوز ذلك بكثير.
لقد أدت الأزمة إلى تراجع مساهمة القطاع الصناعي أكثر فأكثر وحرق الأبنية والمستودعات والآلات،مع صعوبة تأمين حوامل الطاقة اللازمة وارتفاع أسعارها كثيراً، و صعوبات النقل وإيصال البضائع، ما أدى لإغلاق الكثير من الفعاليات الصناعية والتجارية بسبب ضعف الإجراءات والتدابير الأمنية المتخذة من أجل حماية المنشآت الصناعية العامة والخاصة، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية الجائرة التي فرضها علينا المعسكر الغربي ومشايخ الخليج وتركيا، ما أدى إلى تراجع الإنتاج الصناعي، وتراجع الاستثمارات وارتفاع نسب البطالة، كل ذلك مصحوب بقصور حكومي في تفعيل دور الحكومة في العملية الاقتصادية.
لقد أدت  السياسات النيوليبرالية التي انتهجها الفريق الاقتصادي في العقد الماضي إلى محاصرة صناعتنا في عقر دارها، فقد عملت على تهميش الصناعة الوطنية لحساب الانفتاح على الخارج قبل تمكين قطاعات الإنتاج العامة والخاصة الرئيسية في البلاد، في محاولة لتقليص سيطرة الدولة على القرار الاقتصادي ثم السياسي، وذلك بدلاً من تعزيز مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي من أجل تنشيط الاقتصاد الوطني، فأغرقت الأسواق المحلية بالبضائع الأجنبية كالصينية والتركية وغيرها، فتراجعت حصة الإنتاج المحلي في السوق السورية، إضافة إلى محدودية نتائج تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة في قطاع الصناعات التحويلية، فواجه اقتصادنا الوطني الأزمة المركبة بهيكلية اقتصادية ريعية هشة، اشتغل على تكريسها منذ بداية الألفية الجديدة مهندسو التحول الاقتصادي، عاملين على تهميش القطاع العام الصناعي والخدمي الذي لعب دوراً رائداً خلال عقود، وكان سنداً للجماهير الشعبية، فماطلت سنوات في إصلاح هذا القطاع وتطويره، ثم أعدت الخطط لخصخصة أهم قطاعاته.
أيضاً شجعت هذه السياسات وحفزت الشركات الكبيرة والقابضة التي وجهت نشاطها نحو القطاعات الريعية، وهيمنت هذه الشركات على الشركات العائلية والصغيرة والمتوسطة وسببت الخسائر الكبيرة لها، علماً أن أغلب الصناعات الوطنية هي شركات واستثمارات عائلية صغيرة ومتوسطة، وهي تشكل في سورية نسبة تتجاوز 90% من النشاط الاقتصادي والحرفي، وتشغل نحو 65% من القوة العاملة، وتسهم بنحو60% من الناتج المحلي الإجمالي، وتتميز بسهولة تأسيسها نظراً لعدم حاجتها إلى رأسمال كبير، وقدرتها على الإنتاج والعمل في مختلف القطاعات الاقتصادية، وتعمل على تحقيق التوازن في عملية التنمية الاقتصادية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتسهم كذلك في تطوير المهارات والتكنولوجيا المحلية، إضافة إلى أنها نواة لمشاريع كبيرة، وتعد الأداة الأكثر قدرة على القضاء على ظاهرة البطالة والفقر في المجتمع.
كيف ننهض بصناعتنا الوطنية؟
لإعادة النهوض بقطاع الصناعة في مرحلة إعادة الإعمار في القطاعين العام والخاص نقترح الخطوات التالية:
1- إعادة تأهيل البنى التحتية من طرق ومشاريع الطاقة الكهربائية وسكك الحديد.. وذلك وفق برنامج زمني يأخذ بالحسبان مستلزمات إعادة إقلاع قطاعات الإنتاج الرئيسية.
2- مساعدة القطاع الصناعي العام والخاص على إعادة إعمار ما تهدم من المنشآت، وتأمين مستلزمات الإنتاج، والتوسط مع المصارف العامة والخاصة لتسهيل سياسة الإقراض والتمويل الصناعي الذي يمتاز بارتفاع تكاليفه وصعوبة شروطه.
3- إعادة النظر بسياسات الانفتاح والتحرير، ولا نعني هنا العودة إلى غلق الأبواب.. بل الانفتاح على الاقتصاد الإقليمي والدولي بقدر ما يحقق الفائدة لصناعتنا الوطنية وإنتاجنا الزراعي، ومراجعة الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي وقعتها الحكومات السابقة،  وإلغاء ما كان منها مجحفاً وضاراً بقطاعاتنا الإنتاجية، ووضع ضوابط على المستوردات التي لها مثيل بالإنتاج المحلي.
4- تطوير الصناعة الوطنية في كل حلقات الإنتاج وتحسين قدرتها التنافسية، بإعادة النظر في التشريعات الاقتصادية والقوانين التي تمس الصناعة وتحدّ من نموها، وإقرار الاستراتيجيات الجديدة التي تلبي الاحتياجات وتسهم في زيادة معدلات النمو والتصدير، وتحسين وتبسيط كل الإجراءات الإدارية الحكومية فيما بين الوزارات المهتمة بالعمل الصناعي.
5- تشجيع الصناعة الوطنية في المرحلة الراهنة من أجل سد حاجة السوق المحلية والحد من الاستيراد، مع وضع سياسة تسويق فعالة لتصريف المنتجات، والتأكيد على مبدأ التكامل والتشابك بين أنشطة القطاعات المختلفة.
6- وضع برنامج زمني لإصلاح القطاع العام الصناعي،  والاهتمام بالمصانع الصغيرة والورشات والحرف والمشاغل، لما لها من دور محوري في تسريع وتيرة النمو وخلق فرص للعمل، لذا ينبغي إدماج استراتيجية تنمية تلك المشروعات ضمن استراتيجية صناعية شاملة، وربطها باحتياجات التنمية التي تحددها هذه الاستراتيجية.
7- تأسيس حاضنات صناعية والاهتمام بالبحث العلمي في المجال الصناعي والارتقاء بمستوى التعليم، لتحديث وتطوير الصناعات وتحسين قدرتها التنافسية بالتعاون مع الجهات المعنية داخلياً وخارجياً، والتشديد على التقيد بالمواصفات القياسية ومتطلبات الأمان، مع وضوح الاستراتيجية والرؤية للقطاع الصناعي، لنتمكن فيما بعد من إيجاد مناخ جاذب لعودة الاستثمارات المحلية واستقطاب استثمارات أجنبية.
8- إعداد دورات تخصصية للعاملين بغاية رفع مستواهم الفني والمهني وتحسين أدائهم وتنمية قدراتهم وتطوير الخبرات الصناعية المتخصّصة في مختلف المجالات بما يمكّنها من مواكبة التطورات الحديثة والمستجدة، على أن تكون هذه الدورات إلزامية، ومن جهة أخرى إقامة دورات تدريبية وتأهيلية للعاطلين عن العمل والمهجرين، لتوفير اليد العاملة المدربة واللازمة في الصناعات ذات الأولوية في مرحلة إعادة الإعمار، كالاسمنت والحديد والكابلات والألمنيوم والصناعات الغذائية والطبية التي تلبي الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
9- الاهتمام بالزراعة وإيلاء التصنيع الزراعي أهمية من جديد، لتأمين مواد أولية للعديد من المنتجات مثل الصناعات الغذائية والنسيجية لاسيما أن هذه الصناعات تحتاج إلى أيد عاملة كثيرة، وهي تلبي احتياجات السوق المحلية إضافة إلى تحقيقها قيمة مضافة أعلى.
10- الشفافية والمحاسبة للحد من الهدر، ومكافحة الفساد بجميع أشكاله وتجلياته، فهو يعطل تنفيذ الخطط التنموية، ويحبط آمال الجماهير الشعبية بعملية التنمية برمتها، فحكم القانون، وإشاعة الديمقراطية الحقيقية، واستقلالية القضاء، واستقلالية أجهزة الرقابة والمحاسبة عن السلطة التنفيذية، كلها تمثل المقومات الأساسية لإعادة الإعمار. ختاماً، إن تدهور الوضع الاقتصادي الحالي الذي تعيشه سورية يمكن تجاوزه باعتماد الحلول السياسية لأزمتنا الوطنية، وتغليب الحكمة ومصلحة الوطن على المصالح الشخصية.
الصناعة الوطنية هي القاطرة الحقيقية لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة، وهي اليوم أمانة في أعناق الحكومة، فهل من خطوات لإنقاذها..؟!

علاء أوسي
 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz