دام برس:
يروي التاريخ أن امرأتين احتكمتا عند القاضي على طفل ، تدعي كل منهما أنه ابنها ، فقرر القاضي أن يقسم الطفل نصفين و يعطي كل منهما نصفاً ...
رفضت إحداهما و تنازلت عن حقها بالطفل ، و وافقت الثانية عل شطر الطفل نصفين ... فظهر الحق بأن الطفل ابن التي رفضت ، لأن خوفها على حياته دفعها إلى القبول بأن يكون ابنها حياً مع غيرها على أن يموت ..... و حكم القاضي بالعدل و الحق و المنطق و العقل و أعاد الطفل لأمه التي لا يقدر خوفها بمقدار ..
و لكن لو أن نفس القاضي عاش حتى هذا الزمن ... لضاع عقله و منطقه عندما يسمع تلك المرأةً التي فتحت يديها متوجهةً إلى الله داعيةً بكل جوارحها ، أن يموت ابنها المحارب الملفوح بشمس الوطن ، على أن يبقى حياً بين يدي إرهابي مجرم معدوم الأخلاق و الإنسانية و التاريخ و المستقبل .
ستضيع حكمته عندما يرى تلك الأم التي عاد ولدها أشلاء متبعثراً ... و زغاريدها تملأ البيت بقهر فرحها و تزج بابنها المتبقي ليلحق بأخيه على درب الوطن و الشهادة .
سيتحدث التاريخ عن هذا الزمن .. و أي زمن ؟؟
ولكن بعيداً عن التاريخ كيف نخاطب هذه الأم بطهارة ومعنوية كلمة (( أم )) و بقدسية قلب الأم بكل ما يحوي من الرقة و الحنان وهمس الحب الصافي المعتق الذي يعجز بشريٌ عن إدراكه بأي حروف تخاطب و بأي أفعال تواجه و إذا كنا عاجزين عن الوفاء للأم فكيف نقترب من أم أصبحت أم الشهيد ؟؟ .. كيف نقترب من رمز رموز التضحية و قد اقترن اسمها بالشهيد، (( أكرم من في الدنيا و أنبل بني البشر )) و ما هي ماهية مصطلح أم الشهيد بكل ماتحوي طيات أحرف هذا المصطلح من قيم البطولة و الكرم و التضحية و العطاء و الألم و القهر و الفخر ...
صَمتُ العجز يقهر أعلى الأصوات و قَهر القلوب يُسكت أبلغ الشعراء .... يا أم الشهيد .. يا أقدس الأمهات .. يا أمي ...
صبراً.. فالنصر قريب .
المهندس علي برهوم