دام برس:
كثيرة هي الأحداث التي جرت في العامين الماضيين لتغني تاريخنا الزاخر بالألم والبطولة بأهات خلفتها نيران الغدر والخيانة من البعض والجهل وعدم استخدام العقل من البعض الأخر ولتترك هذه الأحداث جرحاً عميقاً في قلوب السوريين الحقيقيين وندماً وحسرة على ما ضيعنا من الأمن والأمان في وطننا
ومن هذه القصص قصة لم تروها الجدات للأحفاد ولم تصبها لوثة التاريخ وتحور أحداثها لتجعل من اشخاصها ملائكة أو شياطين حسب الهوى وهي لا توافق كما لا تخالف تابوهات دينية ولا تتضمن اشتقاقات ولا اسقاطات فلسفية فهي ببساطة قصة حدثت في قرية حدودية وادعة أهلها طيبون بطيبة أرضها
فقد اعتادت القرية على العيش بسلام ووئام مع أبنائها ومع جيرانها من القرى الأخرى من الديانات والمذهب والطوائف المختلفة واعتاد أهلها مشاركة الجيران مناسباتهم الاجتماعية والدينية كأن يشعلوا شمعة في الكنيسة وأن يحضروا القداديس والأكاليل وحتى تناول الخبز المقدس في أعياد الحي الشرقي من القرية وأن يتمتعوا بعشرات الأصناف من الحلوى في الخامس والعشرين من أب من كل عام مع جيرانهم من القرية المجاورة التي تداخلت أبنيتها مع أبنيتهم كما تداخلت عائلات القريتين بقراباتهم وبالمثل اعتاد جيرانهم مشاركتهم كل مناسكهم الرمضانية وأعيادهم من الفطر إلى الأضحى إلى عيد مولد النبي الأمي الكريم
وكان في منتصف هذه القرية دكان يقال له دكان أبو سليمان على اسم صاحبه ويعتبر هذا الدكان القديم ركن من أركان القرية وتجد فيه كل ما يخطر على البال من الهريسة إلى الحلاوة الحمصية إلى الحلاوة الشوشية إلى الإبرة والخيطان ورغم وجود عدة حوانيت في القرية إلا أن أبو سليمان جعل دكانه مميزاً بدماثة أخلاقه وطيب معشره وعلاقته الودودة مع كل الأهالي ومعرفته كل الآباء والابناء والأجداد والأحفاد وحكاياتهم ومناسباتهم الاجتماعية المختلفة حتى صار مرجعاً لحل الخلافات عن الحدود بين الأراضي و التسلسل الزمني للأحداث فما من اثنين يختلفان إلا و يتفقان على الأخذ برأي أبو سليمان
ولأن الزمان غدار ولا يبقى على حال فقد تغيرت الأحوال بعد أن جاء الغرباء تسبقهم لحاهم وأفكارهم تنفيذاً لفتاوى الجهاد التي أطلقها علماء وشيوخ الفتنة ليزرعوا مفاهيمهم الجديدة عن التدين بتربية اللحية والجهاد بقتل حماة الديار وتخريب منشآت الدولة والتقرب إلى الله بالذبح والاغتصاب وأكل القلوب و الغاء الجهاد ضد الصهاينة والأمريكان وكل من يدنس الأقصى لأنه بشرعهم محرم شرعاً فقد حض القرآن الكريم على التعامل مع أتباع الديانة اليهودية ولكنه لم يحض حسب زعمهم على عدم قتل المسلم لمجرد الخلاف بالرأي ولا على عدم خطف أتباع الديانة المسيحية
وعندما بدأ فتية القرية يتأثرون بالأفكار الغريبة ويتركون لحاهم علق أبو سليمان لافتة كبيرة في صدر الدكان كتب عليها " شفرات الحلاقة مجاناً " وبعد أن انتشرت في القرية الاسلحة وصارت الكلمة للمهربين واللصوص والزعران ولم يعد يؤخذ برأي العقلاء وراجت تجارة السلاح والذخيرة علّق أبو سليمان لافتة جديدة مكتوب عليها "الحلاقة عليك والشفرة علينا " ودأب أبو سليمان على شراء شفرات الحلاقة والأعلام ذي العيون الخضراء وتكديسها في حانوته كلما كانت الأوضاع الأمنية تسمح له بالذهاب إلى المدينة
ومضت الأيام إلى أن قام بعض المسلحين من أهل القرية بالتعاون مع الغرباء تنفيذاً لمقولة "أنا وابن عمي على أخي وأنا والغريب على ابن عمي " بالهجوم على حاجز لحماة الديار وقتلوا بعض عناصره فأنزل أبو سليمان اللافتة القديمة وعلق لافتة مكتوب عليها "صار سعر شفرة الحلاقة مئة ليرة سورية " وعندما قاموا بحرق محصول القرية المجاورة علق لافتة جديدة مكتوب عليها "لحّق حالك الشفرة صارت بمئة وخمسين ليرة سورية " وعندما قاموا باختطاف عدد من الفلاحين من أراضي قرية أخرى عدل السعر إلى مئتي ليرة سورية وعندما قاموا باغتصاب أول امرأة عدل السعر إلى مئتين وخمسين ليرة وعندما قاموا بذبح أول طفل عدله إلى ثلاثمئة ليرة سورية وراح المسلحون يتندرون مع كل حادثة بأن أبو سليمان يرفع ثمن شفرة الحلاقة وأرسلوا خبيرهم الاقتصادي ودار بينه وبين أبو سليمان الحوار التالي :
* بعرفك عاقل يا أبو سليمان
- أنا بمنتهى العقل
* فماهي العلاقة بين سعر الشفرة وسعر صرف الدولار
- لاتوجد أي علاقة
* فلماذا تقوم برفع سعر الشفرة
- لأنني لن أبيعها لكم إلا بهذا السعر
* دعني أشرح لك هذه النظرية الاقتصادية
- تفضل
* عندما تغيب رقابة الدولة يصبح السعر محكوماً بالعرض والطلب وأنت ترى أنه لا يوجد طلب على شفرات الحلاقة ومع ذلك تقوم بزيادة السعر علماً أنه لا يوجد ولا حتى من يفكر بشراء شفرات الحلاقة بهذه الظروف
- لننتظر ونرى
و مضت عدة أشهر والمسلحون كل يوم يتمادون في جرائمهم و تجاوزاتهم وكثرت الشكاوى عليهم وغادر المدنيين المسالمين القرية وبقي الغرباء والمسلحين من أهالي القرية
وعندما وصلت قوات الجيش العربي السوري بعد تطهير القرى المجاورة وسمع الارهابين بنية القيادة تطهير القرية وإعادة بسط السيطرة عليها هرب الغرباء والمرتزقة منها وبقي من يقال عنهم المغرّر بهم من أهل القرية الذين قاموا برمي أسلحتهم وأسرعوا لشراء شفرات الحلاقة من دكان أبو سليمان الذي رفض أن يبيعهم إياها إلا بعد أن أحضروا خبيرهم الاقتصادي الذي اعترف أمامه بأنهم كانوا مخطئين فقال له أبو سليمان ألم اقل لك أنكم ستشترون وبالسعر الذي أفرضه ولن أرخّص لكم كي تدفعوا ثمن الدرس الذي كان عليكم أن تفهموه جيداً وهو أن الجيش العربي السوري إذا أراد تطهير أي منطقة فلن يقف في وجهه ارهابين ولا مرتزقة ولا كل من غرّر بكم وأوصلكم إلى هذه الحالة ولذلك ستدفعون ثلاثمئة وخمسين ليرة سورية للشفرة الواحدة وعليكم شراء علم الجمهورية العربية السورية مع شفرة حلاقة
0000-00-00 00:00:00 | الصديق Syrian Expatriate |
شكراً لمرورك صديقي . . . وتعليقك الواعي . . . وصدقت فالطلب الأهم حالياً هو كفانا . . . كفانا اجراماً بحق سوريتنا . . . كفانا اهدارنا لإنسانيتنا . . . كفانا | |
م فواز بدّور |
0000-00-00 00:00:00 | قصة ذكية و سهلة الهضم حتى عند الجهَّال - المُغرر بهم- |
شكراً إستاذ فواز بدّور على قصتك الخفيفة الظل والثقيلة المعاني. قصة ذكية و سهلة الهضم حتى عند الجهَّال المركوب عليهم، عفواً قصدي - المُغرر بهم- و يا ليتنا نكفّ عن إعفاء هؤلاء المجرمين و نقضي عليهم جميعاً حتى يعتبر فيهم كل من يجرء على التمرّد على الدولة. فوالله حرام أن ندع قلة مجرمة تغتصب الأكثرية من حولها .. و بعد إذٍ .. نقول صافي يا لبن. كفانا إجرام بحق المواطنين الشرفاء منا .. كفانا. | |
Syrian Expatriate |