دام برس:
إن استخدام المصطلحات الخاصة بحقول العلم هو طريقة لتناول المواضيع و إسقاطها في قالب اللغة و من ثم إخراجها بمزيجٍ ملون لا يحمل إلاَّ طعم العشق للوطن و الإخلاص له ... هذا إن كان القلم وطنياً روحه تتشبث بتراب الوطن و تتجذر فيه لا تخرج منه إلاّ إلى السماء .
لكن اللغة و مصطلحاتها و كل كلماتها لا يجب أن تعرض على بسّطات الباعة و أن نهرق معانيها و نغدق في استخدامها ... فكل موارد الدنيا إن بات التبذير ديدنها نضبت و جفت و من تغدق عليه المدح و الثناء مع قلة عقله عليك أن تتوقع منه الجنون و الغرور فتراه يضع نفسه موضع النجوم و الأقمار لكن الحقيقة أن أرضهم جافة و متشققة لا ماء بها و لا جداول و لا رزق ... أرض جدباء قاحلة لا حياة فيها و معادنها ... إن وجدت ... معادن صدئة لا قيمة لها سوى أنها مليئة بالكزاز و الجراثيم القاتلة ...
من أطلق على الفنانين ... كل الفنانين ... ألقاب النجوم و الأقمار و الصواعق و البيارق و الكواكب ؟؟ يبيعون الألقاب على قارعة الطرقات و يضعون النياشين الفارغة على صدور حاقدة و يقلّدون التيجان لرؤوسٍ فارغة تسطّحت أدمغتها فلا ترى فيها تلافيف غائرة بل أدمغةً محدبة كتلك التي تراها في الطرقات و كالمطبات الهوائية تمر بها الأفكار بصعوبة فتسمع صوت مرورها كصوت تحطم الزجاج فتضيع الفكرة و تخرج كل المقدمات بنتائج خاطئة ... و لا شك أن من بعض الفنانين السوريين من هو وطنيٌ بامتياز اتخذ موقفه المعلن من بداية هذه المؤامرة مصرحاً بولائه و انتمائه العقائدي لبلده يفديها بأغلى ما يملك و يسقيها بدمه كي تزهر فيها شقائقٌ لمستقبلٍ تخطه دماء السوريين يرجون أملاً لأبنائهم عسى أن لا يكون بعيداً ...
صحيح أن الحرية هي رحم الإبداع ... منها تولد الأفكار و تورق ثماراً طيبة تحرك عجلة التقدم و تضخ التطور في المجتمع و تحشد الطاقات لتدعيم بنيانه ... لكن هذه الحرية ليست مطلقة و إباحية و شاذة و هي بذات الوقت ليست حالة من التطور العشوائي غير المتجانس الذي لا ينطوي تحت إيقاع الضبط فتنحو منحى السرطان لتجد خلاياه تأكل الجسد فينهار المجتمع ... و لا شك أن في كلامي هذا ما يخالف المعنى المطلق لكلمة (حرية) و أنا هنا أخالف كل المنظرين الذين تطرّفوا في تشخيص معنى الحرية ... أذكر أنني قرأت كتاباً لكلود بيبيار رائد الرأسمالية الفرنسية المعاصرة كان عنوانه سيقتلون الرأسمالية يسرد فيه هذا المنظر تطرفه الرأسمالي ذاكراً أن تحديد الرأسمالية بالحرية هو تقييدٌ لها فهي يجب أن تكون مطلقة لا يحددها شيء و لا يقيدها قيد ... هذه نظرته و لكن هل حتى الحرية تقييداً ؟؟!... لن نجوب أكثر و لكن لو كان ذلك صحيحاً لكان مجتمع الغاب هو المجتمع الأكثر تحرراً في العالم لا قانون يقيده إلا قانون الغلبة للأقوى فهل يريدون حياة الحيوان ؟! هم لا يريدونها إلا لنا نحن ما اصطلح على تسميتنا بشعوب بلدان العالم الثالث تلطيفاً للكلمة حيث بعضهم كان أكثر صدقيةً في طرح المصطلح حين أماط اللثام عما يجول بأفكارهم عنا فقال شعوب بلدان العالم المتخلف ... و هي ما تحاول ما اصطلح على تسميتها ((بالثورة السورية)) ترسيخه و تحقيقه ... يشوهون بها كل أخلاقنا و معتقداتنا ... فأهل هذه البلدان في ثورتهم للتحرر يأكلون البشر و يلتهمون الأعضاء و قائدهم أبو صقار و أبو قتادة و أبو مسلم البغل و الضبع و ما شابه ... بينما رواد حرية تلك البلدان فولتيير و مارتن لوثر كينغ و ليوناردو دافنشي و مايكل أنجلو ... علمانية و فنٌ و إبداع بينما تسيل دماؤنا فيما دعوه بالحرية من مرتزقةٍ قتلة يحاولون أن يكونوا رواد (( النهضة السورية )) في القرن الواحد و العشرين !!! نهضةٌ لا تشبهها نهضة و أفكارٌ لا ترد في بال الآبالسة و الشياطين ... أكلٌ للأعضاء و جهادٌ للنكاح و تقطيع أطراف و قتلٌ على الهوية و سلبٌ و نهب و سفاح قربى و زناً على قارعة الطريق ... و ما يزيد الطين بلة أن يخرج حفنةٌ من الآفاقين و المرتزقة أيضاً الذين باعوا كل شرفٍ لديهم ممن دعوناهم نحن (( نجوماً )) بمواقف ترفضها حتى مكبات القمامة يؤيدون ثورة الضباع تلك ... نجومٌ إن أضعتهم تلاقيهم في الحانات و المراقص الليلية و بيوت الفسق و الهوى ، و الشيء الوحيد الذي يتميزون به عن أبناء الليل و بناته أننا سمحنا لهم أن يخرجوا على شاشات التلفزة و سوّقنا لأعمالهم المشبوهة فارتهن بعضٌ منا لأفكارهم المريضة و المدسوسة ... و بالغنا أكثر حين كرمّنا بعضهم ممن لا يستحق فنال أوسمةً و استحقاقات لم ينلها وطنيو الكتاب ورواد الفكر الحقيقيين ... نعم لقد وقعنا في فخ الحرية المطلقة ... معظم هؤلاء هم إرهابيون يمارسون البغاء الإرهابي على شاشاتنا حتى اللحظة و يشوهون كل البطولات و يبخسون الشهداء تضحياتهم و نحن ما زلنا نغرق في وهم الحرية الكاذبة ... إن من يقابل الوفاء و الكرم بالغدر و الطعن يجب أن يحاسب كما يحاسب القتلة و كما تحاسب العصابات المسلحة أولئك الذين سمحنا لهم بيدنا و بتأشيرة دخولٍ منا إلى كل بيتٍ و إلى كل عقل حتى إلى عقل الطفل لتخرج علينا ثورة الضباع هذه ... فساقطةٌ ككندا علوش مثلاً دخلت بيوت السوريين من كل نافذةٍ تلفزيونية بعدما ضمها الوطن و رفض حتى أن تكون لاجئة خرجت عائلتها من فلسطين مذمومةً مدحورة استهانت الخروج و لم تدافع عن أرضها لتقطن في سورية و ليضمها الوطن السوري و تعطف عليها قيادته ثم لتباشر ديدنها في الغدر و الطعن ... و مثلها كثر من السوريين أنفسهم أيضاً كمنى واصف و الخياط الذي لا ينفع أن يكون في أحسن الأحوال إلا إرهابياً فاسداً و قس على شاكلتهم ...
في ولادتهم من الخاصرة يحاول بعض إرهابيي الفكر أن يدمّروا كل قيم الشرف و الإخلاص التي يحملها رجال القوات المسلحة ، و هذا الفن الإرهابي لم يكن و ليد اللحظة بل كان عملاً مدروساً و ممنهجاً لخدمة الإسرائيلي و لن يكون إلا في هذه الخانة ... و من يدقق في عنوان هذه التراجيديا الخائنة يدرك معاني مفرداته ... فما هي الولادة من الخاصرة ؟ و أي ولادة ؟ و ما هي هذه الولادة ؟ ... إن كانت ولادةٌ لما تدعونه ثورة فها أنا أقول لكم : إن المشيمة متغلغلة ، و الولادة لن تكون إلا لمسخٍ ميت قتله الجيش في القصير و الخالدية و ريف دمشق و سيزهق روحه نهائياً في حلب و ستنجو المريضة و ستتعافى ... نعم ستتعافى و سنخرج أفواجاً إلى ميادين هذا الوطن نقبّل ترابه و ترفع قاماتنا انتصارات الجيش و سنحمل الرئيس الأسد على أكتافنا تسير به قلوبنا و تحميه رموش عيوننا ... و سنذهب لنقبل تربة كل شهيد و نكتب على كل شاهدةٍ لأضرحتهم المقدسة هنا جسد موسى و روح يسوع و كلام محمد و سيف علي و عدل عمر ... و هنا كل رمحٍ عربي و كل سيفٍ دمشقي و هنا تتنزل الملائكة و تطوف الأنوار و تسمع أصواتها تحمل الأجساد تغادر بها إلى السماء تحفّها ألطاف الرحمن و تراتيل القرآن و الإنجيل و كل أوتار داوود و سليمان و حواريو عيسى و مريم المقدسة و كل الأنبياء و الأصفياء ... و سنزرع في ساحة الأمويين سيفاً من جديد مُهر بالدم ( شرفٌ وطنٌ إخلاص ) و ستمتد هاماتنا لتعانق وجه السماء ... سنلفظ كل خائن و سنبني و طناً من جديد نعاهد فيه كل شهيد أننا سنتابع المسيرة و نحمل الشعلة ونحميها كما حمتها أجسادهم الطاهرة النظيفة و لوّنتها دماؤهم بلون الدم النقي الشريف ...