دام برس:
ثمة هلع يصيب حلف أعداء سورية، بعد أن اختفى تماماً أي ذكر لحمدَيْ قطر، بحيثلم يعد يُعرف ما إذا كانا في بلادهما، أو يقضيان أيامهما في إحدى الجزر البعيدة،وبعد أن صارت أخبار محمد مرسي في مصر تنحصر على إشارة سير رابعة العدوية.. أما رجب طيب أردوغان، فلعل ما بدأت تصفه به الصحافة التركية لهو خيردليل على حاله، لدرجة بتنا نحتار إن كان جحا من أصول تركية، كما تقول بعض الروايات، أو من أصول عربية كما تقول روايات أخرى.. وبالتالي كان السؤال الذي طرحه صحافي تركي: هل سيُبحث عن أردوغان بين الأنقاض في سورية.. أو بين الأنقاض في مصر..؟ في كل الحالات، فالأنقاض غداً أو بعده أو بعد بعده ستُجرف وتُرمى في الأودية السحيقة، أو في أي مكان.
ثمة نوع من العودة إلى البداية في الحرب على سورية، وعليه أصبح الأمل الوحيد المتبقي عند السيد الأميركي هو العودة إلى “الأمير الذهبي”، وإن كان لونه أسمرمائلاً إلى الزرقة، عنينا به الأمير بندر بن سلطان، الذي يبدو أنه فرض نفسه على عمه الملك وأبنائه بقوة الإرادة والإدارة الأميركية التي يبقى أمرها الوحيد المطاع، لأنه فيالوقت الذي تصفَّى مراكز القوة التي خلفها أبوه الأمير سلطان وأخوه الأمير خالدفي وزارة الدفاع، يتقدم هو ليكون الآمر الناهي بقوة ترؤسه المخابرات العامةالسعودية من جهة، وبسبب علاقاته البعيدة الراسخة مع الـ”C.I.A” منذ أن زُرع سفيراً للرياض في واشنطن.
مع مطلع الألفية الثالثة، ووصول صديقه جورج بوش الابن، تعاظم دور الأمير الأسمرالغامض، فأوحى لربيبه المتطير في البيت الأبيض بالحرب العالمية على العراق، بحجة التنسيق مع “القاعدة” من جهة، وبذريعة أسلحة الدمار الشامل من جهة أخرى، وفي الوقت الذي تبين ألا أثر للثاني، كانت قوافل “القاعدة” بمختلف الأسماء والجنسيات تدخل إلى بلاد الرافدين مع الجحافل الأميركية، لتبدأ حرب التكفير والتهجير والقتل،وتدمير وتقسيم العراق.
هكذا يعود الأميركي إلى أميره الأسمر الغامق الذي يميل إلى الزرقة، وعلاقاته في الحرب على سورية.
تفيد علاقاته بأنها متشعبة ومتعددة، وتمتد في كل الاتجاهات، خصوصاً مع خلايا“القاعدة” القديمة ومتفرعاتها الجديدة من “جبهة النصرة” و”لواء التوحيد” و”دولةالعراق الإسلامية”، وهلم جرا.. على أن أهميته الاستثنائية وضرورته القصوى صارت أكثر إلحاحاً بعد انتصارات الدولة الوطنية السورية، خصوصاً بعد معركة القصير..
هكذا، اتُّخذ قرار تلزيم السعودية والأمير الأسمر الأزرق ملف متابعة الحرب على سورية، وهذا التلزيم بمنزلة الوكالة عن “تفليسة” الآخرين؛ كل الآخرين في حربهمعلى سورية.. وغايته ببساطة إمساك الرياض من قبل سيد حلف أعداء سورية بملف متابعة الحرب على بلاد الأمويين، بعد أن استهلك المعسكر الغربي وعملاؤه كل وسائلهم وأساليبهم وخبراتهم لإسقاط الدولة الوطنية السورية..
هل ستنجح مملكة الذهب الأسود حيث فشل الآخرون؟
من الواضح أن الأميركي والغرب على سيرتهم الاستعمارية الدائمة، ففي الوقت الذي يحاولون فيه تطوير أشكال التدخل في سورية والمنطقة، يمارسون أوسع سياسة كذب ونفاق لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، إذ إنهم في الوقت الذي يدعمون كلوسائل الإرهاب المسلَّح في سورية وفي أكثر من مكان العالم (مالي والصومال واليمن والبحرين..) يُصدرون قرارات ولوائح الإرهاب تزامناً مع خوض مفاوضات سرية مع “حركة طالبان” و”القاعدة” في الدوحة.
حاولوا اتباع هذه الأسلوب مع القيادة السورية ومع الرئيس بشار الأسد، فهذا الغرب المنافق أجرى اتصالات بعدة طرق ووسائل مع الدولة الوطنية السورية، من أجللقاءات سرية على مستوى خبراء لمكافحة الإرهاب، لكن دمشق اشترطت أن تكون لقاءات سياسية وأمنية علنية، وببرنامج عمل واضح يسبقه الإعلان صراحة عن إدانتهم للحرب العدوانية على سورية.
أمام هذا، يعود السيد الأميركي إلى الأمير السعودي الأسمر الغامق بندر بن سلطان، للاستفادة من خبرته واندفاعته وعدائه لسورية والعروبة والمقاومة.
ولهذا فالأمير الذي تمرّن على العمل السياسي في لبنان، حينما كان يأتي مفاوضاًمنذ أواسط العام 1983، بعد الاجتياح “الإسرائيلي” للبنان عام 1982، وكان من“ثمرات وساطته” تفجير بئر العبد سنة 1985 الذي استهدف العلامة السيد محمدحسين فضل الله (رحمه الله)، يبقى لبنان ذات أهمية استثنائية بالنسبة إليه، بسببتداخل الحدود اللبنانية – السورية ليس بمعنى الجغرافيا، إنما بمعنى السياسة والأمن والاقتصاد والاجتماع.
الثبات