دام برس:

زعامات تدخل التاريخ من أوسع أبوابه لتحتلّ أنصع صفحاته وأعلى قممه ... وزعامات يرفسها التاريخ ليخرجها عنوة الى مزبلته ...
عندما ننظر الى زعماء العالم نظرة متفحّصة ، نجد أن للتاريخ موقفا من كل منهم ...
وساذج من يظنّ للحظة أنه قادر على العبث بالتاريخ أوالتلاعب بتفاصيله إلى الأبد ...
لا شك أن البعض يحاول تزوير التاريخ بما يخدم مصالحه ، ولكن ( عاجلا أم آجلا ) ، سيكتشف الناس عملية التزوير وجريمة التلاعب ، لنرى بالتالي من يتصدى لعملية تصحيح الوقائع التاريخية ولإرجاع الأمور الى نصابها ...
من حيث المبدأ ، كل الزعماء من رؤساء وملوك وأمراء وسلاطين ورجال دين وسياسة سيدخلون التاريخ ... فالتاريخ كما أراه ، يشبه مدينة كبيرة ... مدينة لها قصورها وشوارعها وحتى شبكة المجاري الخاصة بها ... مدينة تتسع للجميع ... ولكن المهمّ بالأمر ، أين سيكون مكان إقامة هذا الزعيم أو ذاك في هذه المدينة الفسيحة .
ففي الوقت الذي سنجد فيه زعيما وطنيا ناضل من أجل حرية شعبه واستقلال وطنه وقضى عشرات السنين في السجن جرّاء ذلك ( مانديلا كمثال ) ، يتربّع في قصر منيف على أجمل ربوة من روابي التاريخ ، سنجد في المقابل ( زعيما ) عنصريا ( إيان سميث كمثال ) الأبيض الذي حكم ما كان يعرف بروديسيا ، يلوذ بأحد أنابيب المجاري كفأر أجرب .
وهكذا ... يمكن لنا ( نحن الشعوب العربية ) تصوّر مكان إقامة زعمائنا في ( مدينة التاريخ ) ... ولا ينفع المزوّرين تزويرهم ، فسرعان ما تكتشف شعوبنا بحدسها الفطري هذا التزوير وتصححه لتضع كل زعيم في المكان اللائق به .
هناك زعماء عرب يستحقون بجدارة مكان الصدارة وأعلى قمم المجد على صفحات التاريخ ...
وهناك بالمقابل ( زعماء وما هم بزعماء ) ، سنجدهم يتزاحمون ويتقاتلون للظفر ولو بقدم مربّع داخل أنبوب مجاري أو على سفح مزبلة التاريخ الهائلة ...
هل نحن مضطرين لذكر أسماء ؟ ... لا أعتقد ، لأن القائمتين طويلتين لكلا الصنفين من الزعماء ، ولأن شعوبنا تعرفهم ، والأهم ، لأن التاريخ يعرفهم .
ولكني ( مع ذلك ) لن أستطيع إنهاء مقالي هذا دون الإشارة بشكل سريع ومقتضب إلى من رأيتهم ( رأي العين ) يعتلون أعلى قمم التاريخ ويسكنون أجمل قصوره ، وكذلك من رأيتهم ( رأي العين أيضا ) يتزاحمون من أجل الحصول على قدم مربّع واحد على إحدى مزابل التاريخ ...
رأيت الرئيس الخالد جمال عبد الناصر وبن بلّة والراحل حافظ الأسد وعبد الخالق محجوب والسيد حسن نصرالله والشيخ عز الدين القسام والرئيس بشار الأسد والشيخ عبدالله العلايلي والشيخ عبد الله القصيمي وشافيز وكاسترو ولينين وجيفارا وغاندي وتهرو وماوتسي تونغ... رأيتهم ومعهم آخرون قد دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه وفي المكان الذي يليق بقاماتهم الباسقة وتضحياتهم من أجل شعوبهم وأوطانهم ...
كما رأيت على إحدى مزابل التاريخ الحمدين القطريين وبرفقتهم العديد من زعماء مشيخات النفط والكاز الخليجيين وزعماء 14 آذار في لبنان وأردوغان ومحمد مرسي ومبارك والسادات وإمام الجميع الشيخ يوسف كوهين القرضاوي وفيلسوف الفتنة عزمي كوهين بشارة وفيصل القاسم ، وعدد لا يحصى من أصحاب الأقلام المسمومة من أقزام الصحافة العربية ومارينز التدخل السريع لصالح المؤامرة الصهيوأمريكية على شعوبنا ... ومعهم وفي معيّتهم رأيت غولدامائير وبن غوريون وديان وشامير وبيغن وبلفور وبوش ( الأب والإبن ) وشاه إيران ... وآخرين كثيرين .
أيها الزعيم العربي ... عليك الإختيار ... فمكانك بالتاريخ من اختيارك ومن صنع يديك !ا
عاطف زيد الكيلاني
Atef.kelani@yahoo.com
الأردن / عمان