دام برس:
لم يتأخر فقد كان على العهد وجدد الوعد بالنصر وفي توقيت لا يخلو من رمزية في محاكاته لزمن مضى لكن بوجه مغاير اليوم عن ذاك الوجه الكئيب المثقل بالانكسار في الخامس من حزيران 1967 فهو قد عاد اليوم بوجه رسمت ملامحه الكرامة والعزة، ليقول للعدو الإسرائيلي ولوكلائه من مرتزقة الدم والإرهاب في الداخل أن زمن الهزائم ولى وجاء زمن الانتصارات فعلاً فهي الرسالة السورية بمعاني المقاومة التي كسرت شوكة الجيش الذي زعموا ذات يوم أنه لا يقهر وبأن مواجهته انتحار وأن الانتصار عليه رابع المستحيلات .. فعندما قرروا أن يجربوا الانتحار وجدوا العزة وعندما حاكوا المستحيل قهروه في عقر غطرسته ..
هو التاريخ لغة لا يكتبها إلا القوي وقد أثبتنا أننا الأقوياء .. أقوياء بصبرنا ومكابرتنا على الجراح ..أقوياء بإيماننا بأنفسنا، قضيتنا، وطننا وبالله الذي هو نعم الولي ونعم النصير ..
ليست المعركة في القصير هي تلك المعركة العسكرية التي تتحدث فيها لغة السلاح فقط بل هي أيضاً لغة الكبار الذين يعرفون كيف يجعلون البندقية تتحدث بكل لغات العالم ويجعلون أيضاً رصاصها رسائل لكل المعادين لنا بأننا لسنا في مسار المعركة طرف منفعل يمكن أن ينتصر باستجماع أسباب النصر فحسب بل نحن طرف فاعل وما كنا في أي لحظات الاشتباك إلا كذلك وهل من رسالة أبلغ من محاكاة الخامس من حزيران الذي نزعنا اليوم من ذاكرته نكسة العرب في زمن الضعف لنرسخ مكانها انتصار الجيش العربي السوري ومحور المقاومة على إسرائيل في زمن أردناه أن يكون زمن الانتصارات ولنزرع في النفوس بذور العنفوان والكرامة والقوة .. فلا مكان للصدفة في حسابات الجيش العربي السوري فالمعركة ليست لهذه المرحلة من التاريخ بل للتاريخ بأكمله والنصر لن يكون آنياً أو مرحلياً بل استراتيجياً ..هكذا نكون وفينا بعهودنا ولو جزئياً لشهدائنا وذويهم ونكون التزمنا بصلاتنا أمام شقائق النعمان في بيادرنا ..
هي المعركة بمعناها العسكري الذي قطع خطوط الإمداد الرئيسية بين شمال ووسط وجنوب سورية ودمر غرف العمليات الأمنية والإستخباراتية والعسكرية الرئيسية للمجموعات الإرهابية المسلحة في سورية والمقر الرئيس للعناصر الاستخباراتية الأجنبية والآليات والأسلحة العسكرية الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية والتركية التي دمرت بالكامل وهذا يعني استعادة السيطرة على الطريق الواصل دمشق بالساحل السوري وإغلاق الطريق أمام تدفق الإرهابيين من لبنان وبالتالي بدء العد التنازلي لانتهاء وجود الإرهاب في سورية الذي تقهقرت معنويات مجموعاته فلم يعد لهم إلا خيارين إما الاستسلام أو السحق تحت أقدام جيشنا الباسل .. والمعركة بمعناها السياسي هي فقدان الولايات المتحدة ومن معها لورقة الضغط بالإرهاب وبالتالي فقدان الوقت الذي من شأنه أن يتيح لها حفظ ما تبقى لها من ماء الوجه من خلال انعقاد المؤتمر الدولي المترقب في جنيف لبحث المسألة السورية والذي سيعطيها الفرصة للهروب من مواجهة حقيقة هزيمتها الإستراتيجية في سورية وبالتالي فقدان هيبتها كقوة كبرى في هذا العالم وما سيترتب على ذلك من فقدان مجموعة من أوراق اللعب الدولية التي تمسك بها الولايات المتحدة في العالم وتراجع نفوذها الدولي ..
ولذلك وصل صراخ إسرائيل حتى البيت الأبيض الذي يقف عاجزاً أمام إصرار السوريين على الصمود وبطولات جيشهم الوطني وانتصارهم ودون العجب من الصراخ الإسرائيلي الذي لا يدل إلا على أن معركة القصير هي معركتها وهزيمة من كان في القصير من إرهابيين هي هزيمتها ولذلك يحق للسوريين ولكل الشرفاء في العالم أن يتغنوا بهذا الانتصار الذي سيؤسس لانتصارات لاحقة في كل أرجاء سورية فحلب تنتظر بفارغ الصبر ودمشق تتحضر لعرس النصر .. ونحن كسوريين تتعزز ثقتنا بجيشنا ويزداد تحسسنا لقوتنا أما المدّعون لسوريتهم والقابعون في فنادق النجوم الخمس تحت مظلات الامبريالية والعدوان فيلاحقهم الخوف ويقترب الذل منهم حتى يلتصق بهم فلا يفارقهم فهم وإياه من كنه واحد ومن قال أن الخيانة لا تتجسد بشراً فيغدون عنواناً لها فهاهو البعض يبتلع لسانه والبعض لآخر يواجه هزيمته بمزيد من الوقاحة والكذب على نفسه وعلى من يخاطبهم آملاً أن ينفع الكذب في إعطاء جرعة معنويات لمن لا معنويات متبقية لديه من مرتزقة الدم فيكسب المشغلون مزيداً من الوقت قبل جنيف ويستفيدون من إطلاق أكاذيب جديدة للتشويش على مجريات هزيمتهم في سورية وللإيحاء بأن أي تسوية دولية مقبلة بشأن سورية ما كانت لتحدث إلا نتيجة تنازلات قدمتها القيادة السورية وليست نتيجة صمود أسطوي وانتصار إستراتيجي كبير غير وجه المنطقة لكن يبقى الفيصل هنا الذي يوضح الحقائق بجلاء طبيعة تداعيات انتصار سورية فحتى لو حاولت أمريكا ومن معها أن تعتم وتبهت الانتصار السوري إلا أنها لن تستطيع أن تعتم أو تلتف على  نتائجه في المنطقة وهي تشهد الآن الإرهاصات الأولى لهذه التداعيات في الساحة التركية والتي ربما يتجبر الولايات المتحدة أن تطيح برأس أردوغان لتحافظ على دور تركيا فتضحي بالرجل لتبقي على الحصان فأن تخسر واحداً أفضل من أن تخسر الاثنين معاً وحصان العمالة والإذعان للولايات المتحدة هو الأهم فراكبوا الحصان متوفرون وجاهزون .
هو الخامس من حزيران تغير في مضمون التقويم فلم يعد يكتب في ورقة الروزنامة يوم النكسة بل سيكتب يوم  الانتصار في القصير .. كم هي بليغة فعلا تلك البندقية التي يمسكها الجندي العربي السوري فهي أبلغ من أي متحدث لأنها تتحدث أفعالاً لا أقوالاً ... وإلى نصر أعم وأشمل نحن سائرون نحو حلب ومنها إلى كل شبر انتهاء بساحة السيف الدمشقي الأصيل.      
عفيف دلا