دام برس:

دخـــول حــزب الله عـلـى خـط الأزمــة الســـوريــة بصــورة مـبـاشــرة فـي المعــارك الـدائــرة فــي منطقــة القصـيــر بـالتحـديــد , مـا كـان بــدافــع الانحـيــاز والتـخـنـدق المـذهـبــي ومـا إليــه مـِنْ تــفـاهـات التحـليــل التـي يـذهــب لهـا  البعـض فــي اســهـالاتاســتشــراقهـم للأحــداث , فـالـعـامـل المـذهـبـي مـاكـان فـي  يـومـا مـا مـِنْ مـوجهـات بـوصلــة تـاريــخ الحـزب ولا مـن ســتراتيجـيات مقـاومــتـه , ولعـل الـبرهـان الأقــربلـذلـك  والــذي لا يتنكـر لــه اصحـاب الشـــأن حـتـى وهـم غـارقيـن اليــوم فــي مســتنقـع نجـاسـة مـا وصـلـوا اليــه مـِنْ دنـاءة حـال وذلــة مصيــر , بعـد أن غـادروا خــندق الشــرف وارتمـوا فـي احضـان التـرف , وبـاعـوا دمـاء الشهـداء وتاجـروا بالقضيـة ,وقـايضـوا البنـدقيـة المقـاومـة بـحفنـة دولارات مـوزويــة , دعمــه اللامحـدود  للمقـاومـة الاســلاميـة ( الســـنيــة ) فـي غــزه وفـلســطيـن , كمـا إنَ المعـروف عـن النظـام الســـيـاســي فــي ســوريـة إنــه نظـام عـلمـانـــي لا مكــان للـطـوفنـة والعـرقنــه المجتمعيـة والدينيـة والمذهـبيــة فــي ايـدولوجـيـاتــه وثـقـافــتــه , وهــذا مـا يســقـط نظـريــة مــذهبيــة حـزب الله التـي عـلـى مـا يبـدوا إنَ اعـداء المقـاومـة لـم يجـدوا غـيـرهـا وســيلــة كيـديـة للنيــل مـن صـوابيــة المنهـج والمـوقف الاخـلاقــي والمبدئـي والعقـائـدي المقـاوم , الـذي اعلن فيــه ســيـد المقـاومـين نصـر الله وقــوف الحـزب والمقـاومـة الـى جـانب ســـوريـة الأســد فـي تصـديهـا للمـؤامـرة والعـدوان .

بـلــدة الـقصـيـر وإنْ كـان لـجغـرافـيــة مـوقـعهــا أهميــة ســـتـراتيجيــة محـوريــة بـالنســبـة للـجيش العـربي الســوري وخــطط قــادتــه الـعســـكرييـن الميـدانيـة , و الـسـيـطـرة عـليهـا واســتعـادتهـا مـن ايـادي العصـابـات الارهـابيــة لهـا اهميـة اضـافيـة بـاعتبـارهـا ورقــة دعـم اضــافـي بيـد حـلفـاء ســوريـة عـلـى طـاولـة الحـوار المســتقـبلـي فــي مـؤتمـر جــنيـف 2 المـزمع انعـقـاده فــي يـوليـو القـادم , لكنهـا ومـا حـولهـا وامـتـداد لهـا بـالنســبـة لحـزب الله ظهـرا للمقـاومــة يــجـب أنْ لا يبقــى مـكشـوفـا فـي اوقـات الســلـم والحـرب  , وإنَ وجـود أي مـوطـيء قـدم هنـاك للـجمـاعـاتالتكفيـريـةالارهـابيـة المسـلحـة المدعـومـة مـن قطـر والسعوديـة وتـركيـا , إنمـا هـو وجـود جهـد فعـلـي للعـدو الصهيـونـي خـلف خـطـوط المقـاومـة , وهـذا يعنــي قصــم ظهـرهـا وجعلـهـا محـاصـرة ومثلمـا قـال الســيـد حسـن نصـر الله ( الغـبـي مـن يتفـرج عـلـى العـدو يـزحـف اليــه ويـقـف ليتفـرج والعـاقـل مـن يتصـرف بمسـؤوليـة فـي هـذة الحـالـة) , فمخـططات محـاصـرة حـزب الله وعـزله ومـِنْ ثــم تجـريـده مـن ســلاح المقـاومـةوالقضـاء عليه , ليست خـافيــة عـلـى الحـزب وحـلفـاءه فـي طهـران ودمـشـق , وهــذا مـا دفــع قيـادة المقـاومـة وبمـؤازرة الجيش العربي السـوري وبـالتنسـيق الاستخبـاراتــي والعمليـاتـي مـع داعميهـا الاقليميين والدوليين الـى تــوجيـة الضـربـة الاســتبـاقيـةالاجهـاضيــة الـى مـخطط محـاصـرة حـزب الله , الـذي كـانـت تضـع اللمسـات الأخيـرة لـتنفيـذة غـرف العمليـات المشـتـركـة لنخـب الاسـتخبـارات الاسـرائيليـة والامـريكيـة والفـرنسيـة والبريطـانيـة وذيـولهـا القطـريين والسعوديين والاتـراك والاردنيين .

الـذهـاب الـى جـنيـف ليس ســـُبـة ولا عـيبـا , وليس فيــه انـتقـاص مـِنْ القـرار الســيـادي الـوطنـي الســوري بـل العـكس هـو الصحـيـح تمـامـا , فـالقيـادة الســـوريـة ومـنـذ بـدايـة الحـدث الســوري دعـت الـى الحـوار والـتـزمـت بـتعهـدات وطنيـة واخـلاقيــة بهـذا الخصـوص مـع شــعبهـا اولا وحـلفـاءهـا ثـانيـا ,  وهــي بموافقتهـا الحضـور الـى مـؤتمـر جـنيـف 2 ودخـولهـا بالحـوار مـع اي معـارض سـواء فـي الداخـل والخـارج مـن دون شــروط مســبقـة , انمـا تــؤكـد للـرأي العـام فـي الشـارع السـوري والعـربي والدولـي مـصداقيـتهـا , وتجـســد الاخـلاقيـة الحقيقيـة لشــخـص الأخ الـرئيس بشــار الأســد , وتســحـب البســاط مـن تحـت اقــدام الـذيـن يـتشــدقـون بالحـريـات والتعـدديـات وشــرعيــة صـنـاديـق الاقــتـراع  والانتـخـابـات , وقــرار القيـادة بـالذهـاب الـى جـنيـف 2 لـم يــأتــي مـن مـوقـع الضـعـف , وإنمـا مـن مـوقـع الاقــتـدار , بعـد أن اســقـطـت ســوريـة المـشـروع الغـربـي واجهـضـت المـؤامـرة , وردت كيـد المـراهـنيين واثـبتت خـطـأ تقـديـراتهـم ووهـم رهـانـاتهـم .

المـرحلـة التـاريخيـة الـتي تمـر بـنــا تـفـرض علينـا ضـرورات الابتعـاد عـن الـديـمـاغــوجـيـات والشــعـاراتيـات الفـارغـة المنفصلـة عـن الـواقـع  , وتـوجـب عــدم تــفـويـت أي فـرصــة يـمـكـن أنْ تحــقـن الـدم الســـوري وتحـافظ عـلـى الـوحـدة الوطنيـة المجتمعـيــة الســوريــة حــتـى لـو اقــتضـى الأمـر المنـاورة بـالمـواقـف واللجـوء الـى البـراغمـات المـرحـلـي , فـالـدم الســوري غـالـي و لا يعـرف ثمنــه إلا اهلــه , وكـل قطـرة دمتـهـدر لا تعـوضهـا شــعـارات المتـاجـريـن , ولا انشـاءات اصحـاب الأغـراض والحـاقـديـن ,الـذيـن يـقـولـون عـكس مـا يضمـرون فـي قـرارات انفسهــم المليئــة بضغـائـن تـاريخيـةعـلـى ســـوريـة وجيشهـا وقيـادتهــا وشــخـص رئـيســهــا .

al_asadi@aol.com