Warning: session_start(): open(/var/cpanel/php/sessions/ea-php56/sess_i28j4lr1g8h6kgockeloh94ps6, O_RDWR) failed: No space left on device (28) in /home/dampress/public_html/include.php on line 2

Warning: session_start(): Cannot send session cache limiter - headers already sent (output started at /home/dampress/public_html/include.php:2) in /home/dampress/public_html/include.php on line 2

Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /home/dampress/public_html/include.php:2) in /home/dampress/public_html/include.php on line 93
العالم قد تغير .. بقلم: عفيف دلا

Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 27 نيسان 2024   الساعة 00:39:01
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
العالم قد تغير .. بقلم: عفيف دلا
دام برس : دام برس | العالم قد تغير .. بقلم: عفيف دلا

دام برس:
أجل لقد تغير العالم .. وبين التغير والتغيير يكمن حضور الفعل الإنساني أو عدمه أي الوجود في موقع الانفعال أو الفعل والقبول أو عدم القبول بذلك إذ إن امتلاك القدرة على التحكم بعوامل التغير وتحويلها إلى عوامل تغيير يحتاج إلى إمكانات كبيرة جدا وربما استثنائية فضلاً عن اختيار اللحظة التاريخية المناسبة لتحقيق هذا التغيير والإفادة من نتائجه .. فالظواهر الاجتماعية والاقتصادية التي قد تتشكل بفعل تراكمات متنامية في البنية الاجتماعية ومنظومتها والبنية الاقتصادية ومرتكزاتها قد تحدث تغيرات هائلة على المستوى العالمي وتصبح بحد ذاتها ظواهر عالمية من حيث تأثيرها لكن القوى الكبرى تستقرئ هذه الظواهر فتحلل طبيعتها وتتحكم بعوامل تشكلها وتكيفها لخدمة مصالحها الإستراتيجية وبالتالي يدخل الفعل الإنساني على حالة التغير فيحولها إلى حالة تغيير موجه، فالفقر يمسي إفقاراً والجوع يصير تجويعاً والانقسام يصبح تقسيماً والاغتراب يغدو تغريباً ..
وتغير العالم لا يكون فقط على مستوى تغير اللاعبين الكبار فيه وتوزع موازين القوى داخله بل أيضاً على مستوى صيرورة التغير وعوامل تشكله أي أدوات تشكيل المعادلات الإقليمية والدولية وحجم تأثيرها في لحظة ما والقدرة على إحداث تغير نوعي واستراتيجي على المستوى الدولي والدليل على ما ذهبنا إليه في فهم معنى تغير العالم هو ما يحدث في هذه المرحلة التاريخية فلم يعد القوي قوياً متفرداً بقوته أو محدود المنافسين فالتكتلات الإقليمية والدولية باتت اليوم حاجة ملحة لتحقيق توازن إستراتيجي مطلوب لحفظ الاستقرار الدولي نسبياً ومنع حدوث تصادم بين القوى الكبرى تكون الدول الضعيفة فيه ساحات صراعها ..
ولعل المفاجئ اليوم في هذه المرحلة التاريخية أن تستطيع دولة كسورية الخروج من محيط الانفعال إلى محيط الفعل دولياً وتجاوز التأثير في الملعب العربي والإقليمي فقط والذي انحسر تأثيرها فيه نتيجة غياب الشريك العربي واقتصار الشريك الإقليمي على إيران فقط رغم وجود مصالح إستراتيجية كثيرة لكن العمالة والتآمر الذين وصلا حتى النخاع في النظام الرسمي العربي لم يسمحا بتمدد هذا التأثير لسورية وانتقاله من واقع الدولة المؤثرة في محيطها الإقليمي إلى واقع التكتل المؤثر في المنطقة بكاملها وربما في العالم بأسره وبالتالي فرض هذا الواقع ضرورة اعتماد سورية على تحالفات إقليمية ودولية راسخة يمكن توظيفها في لحظات تاريخية حاسمة أو أزمات كبرى كهذه الحاصلة اليوم في كسر إرادة الأحلاف المعادية التي تريد النيل من سورية باعتبارها دولة لا تزال على سكة الصراع مع الكيان الصهيوني أي في اشتباك مع المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وعلى الرغم من وجود هذه الأحلاف الإستراتيجية لسورية منذ فترات سابقة من عمر الصراع مع المشروع الصهيوني في المنطقة إلا أنها ما كانت لتتبلور وتتمظهر إلا في أوج مراحل الصراع مع هذا المشروع بقيادة  الولايات المتحدة وحلفها المعادي العربي والإقليمي والأوروبي ومع اشتداد الصراع وتحوله إلى صراع وجود لأحد الطرفين تبدأ المعادلات الجديدة في التشكل من رحم الأحلاف الإستراتيجية الموجودة وتأخذ مظاهر حادة في التعبير عن نفسها مما قد يستتبع ولادة لمنظومة عالمية جديدة تغير قواعد الصراع الدولي وموازين القوى العالمية وهذا ما حصل على خلفية الأزمة السورية اليوم ..
فالتحدي الكبير الذي واجه العالم من خلال فرط عقد الشرق الأوسط والسيطرة الأمريكية المطلقة عليه والتي كانت ستسمح للولايات المتحدة الأمريكية بالاستمرار في موقع قيادة العالم لعقود قادمة واضعة القوى العالمية برمتها تحت الأمر الواقع والذي عملت الولايات المتحدة على تشكيل عوامل وجوده خلال مراحل زمنية طويلة في هذا الجزء من العالم بالاعتماد على إستراتيجية التغيير الممنهج لواقع المنظومة المفاهيمية والقيمية فيه والتحكم بكل عوامل التغير داخله على مستوى كل البنى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وجعلها عوامل تغيير لتحقيق المصلحة الأمريكية وحسب فكل الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تم اللعب في مفردات تشكلها، فالدين الذي كان يشكل قاعدة النظام العلائقي الاجتماعي بات اليوم يرزح تحت نير التطرف ومظاهره داخل المجتمعات العربية واوجد مرتسماته السياسية والاقتصادية فأحزاب إسلامية واقتصاد ومالية إسلامية وهذا يعني تكريس الحالة الاستقطابية مع باقي المكونات الدينية التي إما ستقبل بالذوبان في بوتقة الأسلمة أو التمسك أكثر بخصوصياتها أي تكريس مظاهر التباين خوفاً من الاندثار وفي ظل تشتت الوعي الوطني ومشروعه الكفيل بصهر كل تلك المكونات في بوتقة الوطن وفي ظل تكثيف الخطاب الإعلامي باتجاه التشرذم والتفتت الديني وجدنا أنفسنا أمام ظاهرة جديدة تريد ابتلاعنا من خلال مفردات مأنوسة في الذاكرة الاجتماعية لأبناء هذه المنطقة ..
ولذلك فإن حنكة إدارة القيادة السورية للأزمة تتجلى في التعامل مع مفردات المشروع الاستعماري فما يواجهنا من حيث المنظومة المفاهيمية والقيمية لا بد من مواجهته على نفس المستوى من خلال تكريس المنظومة القيمية الوطنية وما يواجهنا على مستوى المعادلات الإقليمية كان لا بد من تشكيل مقابلات لها فكما كان الحلف المعادي خليجياً وتركياً كان المقابل هو حلف سوري عراقي إيراني تضاف إليه قوى المقاومة في لبنان وما واجهنا على مستوى المعادلة الدولية من حلف أمريكي أوروبي قابله حلف بريكس ، وقد يعتقد البعض أن قضية المصالح تطرح نفسها هنا وبالتالي المسألة مسألة مصالح ولا تأثير للسياسة السورية متناسين أن وجود المصلحة لم يأت بمحض الصدفة بل هناك سياسة صنعت تلك المصلحة وهناك عقل استراتيجي حولها من مجرد مصلحة ظرفية مرحلية إلى مصلحة إستراتيجية وأوجد لها سياقاً تتحرك ضمنه ومصالح أخرى تتلاقى معها فيعزز بعضها بعضاً .. وهنا يبرز تفوق العقل الاستراتيجي السوري في تشكيل معادلات العلاقات المقابلة للمعادلات المعادية وخلق منظومة المصالح الاستراتيجية التي تضمن قوة وثبات هذه المعادلات في وجه محاولات التغيير الممنهج من قبل الحلف المعادي ولهذا السبب تجلت قدرة سورية على تجاوز محيطها الإقليمي كركيزة للمواجهة من البوابة القومية العربية فقط وتشكيل ركائز مواجهة أخرى تتجاوز تغير واقع ودور المحيط الإقليمي العربي وخيانته وفي نفس الوقت مواجهة تحديات المشروع الصهيوني في المنطقة وفي سورية تحديداً .
فلم يلبث محور المقاومة أن عقد حاجبيه حتى أقلعت طائرات الغرب نحو الشرق حاملة مسؤوليه بقلوبهم المضطربة؛ يسابقون الزمن ليحطوا رحالهم في عواصم الحلف السوري يستجدون الحل ويبتلعون مواقفهم السابقة فكاميرون يصل موسكو بعد كيري وفابيوس يقترح وضع جبهة النصرة على لائحة الإرهاب وأشتون راضية جدا عن التقارب الأمريكي الروسي الذي كان ينتظره الأوروبيون بفارغ الصبر ليعودوا على سكة السياسة التي ما كانوا ليجدوها لولا هرولة الأمريكي باتجاه روسيا والاتفاق على تطبيق جنيف وعقد مؤتمر دولي لحل الأزمة السورية التي بات حلها الضامن لبقاء معادلات التوازن في المنطقة والعالم ...               وفي نفس السياق نجد المستعرب والإسرائيلي المتخبط فالأول يتجه نحو إيران للبحث عن فرصة في الوقت الضائع والثاني يقصد بكين في سعي لخلخلة ثبات موقف بريكس لكن من الزاوية الصينية ظناً أنه قادر على إيجاد تمايز ما بين الموقف الصيني والروسي لكن دون جدوى فالتكتيك لا يقوى على الإطاحة بالإستراتيجية وخاصة إذا كان التكتيك من غير مصدر صانع الإستراتيجية لأنه في هذه الحالة يكون متأخراً جداً في اللحاق بمسار المصلحة الإستراتيجية وعاجزاً عن التعويض لما فاته في السابق .
والتوجه نحو الحل السياسي لم يتكرم الغربي به على سورية بل فرضته بندقية الجندي العربي السوري وخطواته المتسارعة على الأرض وعززته خيارات محور المقاومة في معرض الرد على العدوان الإسرائيلي على سورية في 5/5/2013 والذي استهدف بعض المنشآت العسكرية ومنها مركز البحوث العسكرية في جمرايا ، هذا العدوان الذي عاد على أصحابه فقلب السحر على الساحر فجعل بيت العنكبوت في مهب رياح المقاومة الآتية من الجولان هذه المرة والتي ظن الإسرائيلي أن الريح قد ضلت طريقه وما عرف أن رياح النصر السورية تخرج من كل شبر من أرضها فتمزق راياته السوداء وترفع علم سورية ليعانق علياء السماء .
نعم هي البندقية وعقدة الحاجبين تغير لغات الغرب ومفرداتها الاستعمارية وتجعل من الكرامة والإباء والعنفوان القاموس الأوحد لأهل القلم وأصحاب البندقية وتجعل الانتصار عنوان الزمن الآتي الذي بدأ في جنوب لبنان ويمد يديه اليوم ليعانق هضبة الجولان ، وهي الأوراق والمعادلات التي اوجدها العقل الاستراتيجي السوري عبر عقود خلت .. فلم تكن كلمة سماحة السيد حسن نصر الله في الذكرى الخامسة والعشرين لإنشاء إذاعة النور كسابقاتها فهي في هذه المرة ترجمت معنى مصطلح " محور المقاومة " وأبرزت قوته الإستراتيجية على مستوى مواجهة وإيلام العدو الإسرائيلي عندما تصل إلى مستوى الإعلان المباشر عن التزود بالأسلحة من سورية وبأسلحة نوعية كاسرة للتوازن والاستعداد لفعل كل ما يلزم لتحرير هضبة الجولان المحتلة ..
لعل الأزمة بالنسبة لكثيرين مرحلة خسائر كبرى مادياً وبشرياً وربما إستراتيجياً من وجهة نظر البعض لكنها في الحقيقة كلفة التحول السوري من دولة ترتبط بمحيطها الإقليمي والعربي وترتكز عليه إلى دولة متحررة من قيد العلاقة مع أنظمة هذا المحيط ولاسيما العربي بعد إنكاره للقومية العربية وانتمائه للصهيونية ومن دولة تتحرك في سياق الثابت من معادلات الأمن القومي في المنطقة ومعادلات الصراع العربي الإسرائيلي إلى دولة تغير الثابت الصدئ في هذه المعادلات لتجترح معادلات جديدة على مستوى منظومة الأمن القومي الإقليمي والدولي وتغيير عنوان صراعها مع إسرائيل فيغدو محور المقاومة بديل الطرف العربي الذي لم يعد موجوداً إلا كمصطلح في كتب تاريخ هذا الصراع ..
نعم هي سورية قد غيرت وجه العالم وغيرت معادلات المنطقة وأكدت أنها أيضاً تملك مفاتيح التحول من موقع الانفعال إل موقع الفعل وأدوات تحويل عوامل التغير إلى عوامل التغيير الممنهج فمعيار القوة لم يعد محصوراً بامتلاك عوامل القوة الذاتية فحسب بل أيضاً امتلاك الحنكة في تشكيل معادلات يمكن في لحظة تاريخية معينة أن تخلق عالماً جديداً ينبثق من وحي الصراع المحتدم بين القوى الآفلة والقوى الصاعدة ، فقد أصبحت سورية جزءاً من العالم الجديد الذي سيلفظ العالم القديم ومنظومته الصدئة ومن يريد فعلاً مواكبة هذا التغير الكبير في العالم عليه أن يقدم أوراق اعتماده لأسياد العالم الجديد ويغير مفردات لغته التي كان كثيرون يرددونها من ورائه وفي الحقيقة لا أسهل من تعلم اللغة الجديدة في السياسة فمفردات اللغة القديمة المتعلقة بإسقاط الدولة السورية تصبح في القاموس الجديد الحوار مع الدولة السورية وما كان يعرف بالثورة الشعبية تصبح مجموعات إرهابية ترتبط بالقاعدة وما كان يعرف بجيش يقتل المدنيين يصبح الجيش الذي يقضي على القاعدة ويصبح الرئيس الأسد القائد الذي ينتصر على الإرهاب في الشرق الأوسط .. وعندها فعلا سيعلن أن العالم قد تغير .

الكاتب والباحث السياسي والاقتصادي - عفيف دلا

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz

Warning: Unknown: open(/var/cpanel/php/sessions/ea-php56/sess_i28j4lr1g8h6kgockeloh94ps6, O_RDWR) failed: No space left on device (28) in Unknown on line 0

Warning: Unknown: Failed to write session data (files). Please verify that the current setting of session.save_path is correct (/var/cpanel/php/sessions/ea-php56) in Unknown on line 0