Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 27 نيسان 2024   الساعة 00:47:47
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
دبلوماسية الطاقة الأيرانية والطرف الثالث في الحدث السوري .. بقلم : محمد احمد الروسان
دام برس : دام برس | دبلوماسية الطاقة الأيرانية والطرف الثالث في الحدث السوري .. بقلم : محمد احمد الروسان

دام برس:

سنحاول في هذه العجالة أن نفكّك المركّب ونركّب المفكّك في مشروع الغاز الأيراني – العراقي – السوري والذي جمّد لجهة شقه العراقي – السوري فقط، ... ما قبل الحدث الأحتجاجي السياسي السوري والتصعيد في الساحة السياسية السورية كساحة خصم من قبل الطرف الثالث الأخر بفترة من الزمن، وقع فيما مضى وزراء النفط في ايران والعراق وسوريا اتفاقية بقيمة تزيد عن عشر مليارات من الدولارات، لنقل الغاز الإيراني إلى القارة الأوروبية عن طريق العراق وسوريا ولبنان ليصار الى نقله عن طريق البحر الأبيض المتوسط إلى الغرب وتحديداً القارة الأوروبية، وكل ذلك عبر مشروع خط عملاق يربط ايران والعراق وسورية ولبنان لتصدير الغاز الى وجهته وحسب اتفاق الأطراف، مما يجسّد الربط الأستراتيجي في تكتل سياسي – اقتصادي فريد من نوعه.
لكن وبسبب ما يجري في المنطقة الشرق الأوسطية من احداث بفعل عوامل داخلية وخارجية اكثر من الداخلي وخاصة عبر الحدث الأحتجاجي السياسي السوري، فانّ هذا الخط الأستراتيجي العملاق بات يعاني من تحولات طارئة ذات بعد حربي استعماري مع تحديات في محطات انشائه وأهميته لدول وشعوب محطات خط أنابيب الغاز هذا.
هذا الخط حظي خلال فترة ما قبل الربيع العربي وما زال باهتمام طهران وبغداد ودمشق وبعض الدول الأخرى مثل لبنان كما أثار اهتمام مسؤولي السياسة والطاقة في أوروبا قاطبةً، لكن خلال العامين والنصف الماضين اصطدم هذا المشروع بتحديات جديدة بعد التغيرات الحاصلة في المنطقة خاصة في سوريا وعبر حدثها، حالياً هناك ثلاث دول لها رأي أخر في هذا الموضوع واستمرت بإجراء محادثات في سياق تنفيذ هذا المشروع خطوة بخطوة رغم التحديات، وبعيداً عن التنسيق الموحد بين الدول الثلاث، يبذل العراق وإيران مساعي كبيرة في سبيل تنفيذ هذا المشروع الأستراتيجي رغم التآمر القطري – الغربي - الصهيوني.
مؤخراً أعلن العراق عن موافقته لنقل الغاز الطبيعي الإيراني عن طريق أراضيه إلى سورية، لكن بالرغم من وجود مسافة طويلة تفصل عن تنفيذ هذا المشروع بشكل واقعي، يتوجب القول أن خط أنابيب الصداقة يمنح كل الدول المشاركة فيه ميزات وقدرات متعددة الأمر الذي سيجعل هذه الدول لا تغمض عينيها عن النفع الذي ستحققه من وراء هذا المشروع.
*طهران وأهدافها المشتركة مع الآخر المسلم والعربي:-
بلا شك أنّ لطهران أهداف عميقة واستراتيجية من وراء اتمام ما تم الأتفاق عليه في انفاذ واتمام خط الآنابيب الغازي الأستراتيجي هذا، حيث تعتبر ايران بعد روسيا الفدرالية ثاني أكبر دولة في العالم من حيث امتلاك منابع الغاز، ولديها قدرة على تأمين جزء كبير من احتياجات القارة الأوروبية من الطاقة عن طريق خط أنابيب غاز يصل إلى أوروبا مثل خط "ناباكو"، لكن معارضة الولايات المتحدة الأمريكية (وعبر المؤسسة الأمنية والرئاسية العميقة فيها وعبر مفهوم الدولة العميقة) وإلى حد ما أوروبا الغربية، حرمت الجمهورية الأسلامية الأيرانية من التحول إلى قوة من خلال تصدير الغاز فتم التصعيد في الساحة السورية وعبر حرب كونية بالوكالة عبر بعض العرب وخاصة مشيخة قطر وبعض شقيقاتها العازبات، وتسعى طهران التي تستحوذ على حصة صغيرة من تجارة الغاز العالمية من خلال خطة استراتيجية تعنى بالتنمية الداخلية في الداخل الأيراني وان لجهة بعض ساحات مجالها الحيوي لرفع حصتها من هذه التجارة. 
بالرغم من الظروف السياسية والاقتصادية والعقوبات المفروضة على طهران، من قبل المجتمع الدولي( أمريكا + اسرائيل) التي أدت إلى عدم تمكن طهران من لعب دور بارز وخلّاق في سوق الغاز العالمي، إلا أن خط غاز الصداقة الذي سيصل إلى القارة الأوروبية العجوز يمكن أن يضاعف من حصة ايران في التصدير، ونظراً لوجود تحديات وعقبات أمام "خط ناباكو" تأمل طهران أن يصل خط الغاز الإيراني –العراقي-السوري في المستقبل إلى اليونان وايطاليا.
*الخشية والخوف من الدور التركي المتعاظم:-
في سياق أخر بالرغم من أن لتركيا دور هام في ترانزيت الغاز إلى القارة الأوروبية، إلا أن الدول المنتجة (إيران) والمستهلكة للغاز(دول الاتحاد الأوربي) تخشى من الدور المتعاظم لتركيا في الأسواق العالمية، في ضوء هذا تستطيع ايران التواجد بقوة في الأسواق الإقليمية والأوروبية من خلال مد خط الأنابيب هذا وبصرف النظر عن فائدته الاقتصادية يحاول الإيرانيون زيادة نفوذهم السياسي.
تعي طهران جيداً الظروف الأمنية في الغرب وسوريا، وتداعيات ذلك على العراق ولبنان والأردن والمنطقة ككل، لكن كخطوة أولى تفكر بتنفيذ سريع لخط الأنابيب ليصل إلى العراق، وعلاوةً على اتفاقية الغاز الأخيرة التي وقعت بين بغداد وطهران، فإن صادرات الطاقة الإيرانية إلى جانب التطورات الحاصلة في خط أنابيب غاز ايراني آخر مع الباكستان تزيد نوعاً ما من قوة وقدرة دبلوماسية الغاز الإيراني مقابل المنافسين الإقليميين، كما تساهم في تحسين موقع ايران في كسب أسواق غاز جديدة في المنطقة والعالم.
*العراق وأهدافه من هذا الخط الغازي:-               
وللجمهورية العراقية أهداف استراتيجية جمّة عبر هذا الخط الأستراتيجي، وكونه يحتل العراق المرتبة الثالثة عشر بين الدول التي تعتبر منبع لاحتياطي الغاز في العالم، إلا أن هذه المنابع ما زالت إلى حد كبير دون استثمار، وخلال السنوات الأخيرة خطت الحكومة العراقية خطوات في مجال انتاج وتصدير الغاز، عبر إجراء مناقصات لتسليم حقول الغاز إلى شركات دولية ومع ذلك ما تزال تواجه أزمة مع تصاعد الطلب الداخلي على الغاز، كما تتطلع بغداد إلى قضايا أخرى كحقها في عبور الغاز الإيراني من خلال أراضيها إلى غرب آسيا حتى أوروبا، كما تتطلع في المستقبل للمنافسة مع تركيا للعب دور في ترانزيت الغاز وتصديره عن طريق هذا الخط إلى غرب آسيا ومنها إلى أوروبا، هذا وقد طبق برنامج حُدد مسبقاً من المقرر في المرحلة الأولى أن يتم تشغيل خط أنابيب الصداقة منتصف العام الحالي ليصل إلى العاصمة بغداد وسيحصل العراق عام2013 على 20-25 مليون متر مكعب من الغاز، وهي كمية   يمكن أن تؤمن جزء من احتياجات العراق وخاصة احتياجات المحطات في هذا البلد.
*سورية وأهدافها من هذا الخط:-
السوريون قياساً بالعراقيين ليس لديهم كميات غاز مثيرة للاهتمام، لكنهم بالإضافة إلى تأمين احتياجاتهم من الغاز من خلال مشروع خط الآنابيب ذاك، يفكرون بنقل الغاز بالعبور إلى الأردن ولبنان وكذلك يفكرون بتصديره عبر موانئهم إلى جنوب أوروبا. لكن مع ظهور تحديات أمنية تركز دمشق على حضورها في هذا المشروع، لأنه في حال إحلال الاستقرار وتأمين الأمن في سوريا سيكون لدمشق مشاكل حادة و متصاعدة مع تركيا، مما سيصعب أي شكل من أشكال تبادل الطاقة بين البلدين، لذا تنظر دمشق بجدية كبيرة لخط الغاز الإيراني-العراقي-السوري.
وعلى الرغم من أن العلاقات السياسية المتميزة بين ايران والعراق وسوريا تستطيع أن تسّرع من إنهاء خط أنابيب الصداقة، لكن ما تزال هناك تحديات كبيرة متعددة تلقي بظلالها على هذا المشروع الأستراتيجي، وفي سياق أخر يجب بحث الشروط القانونية ودراسة كيفية التنفيذ وتأمين رأس المال اللازم للتمويل وقضايا أخرى، مثل الأمور المالية وقيمة الترانزيت وضمان تصدير النفط والغاز، وبالرغم من المسافة البعيدة التي تفصل عن تنفيذ خط أنابيب غاز الـعشر( 10 ) مليار دولار الإيراني – العراقي – السوري، إلا أن أهم تحدي يواجه هذا المشروع هو التعقيدات الأمنية في العراق والمحافظات الغربية المضطربة والمشكلات الأمنية على الحدود العراقية-السورية- وعدم توضح صورة الحرب الداخلية في سوريا ومستقبل النظام السياسي فيها، بعبارة أخرى سيكون أهم تحدي أمام إنشاء خط أنابيب الصداقة هو كيفية تأمين أمن هذا الخط، لذلك تسعى الأطراف الثالثة في الحدث الأحتجاجي السياسي السوري، وكعنوان وهدف فرعي لكنه على مستوى عالي من البعد الأقتصادي الأستراتيجي، الى التصعيد تلو التصعيد وعبر سورية كساحة خصوم الى افشال هذا المشروع الأستراتيجي.
*لرؤية ايران الغازية أفاق واسعة شاسعة:-
انّ لهذه الرؤية الفوق استراتيجية لأيران أفاق واسعة وشاسعة ومفيدة حول مشروع هذا الخط، حيث يبدأ مشروع هذا الخط الغازي الأستراتيجي، من مدينة "عسلوية" في ايران ويعبر الأراضي العراقية ليصل إلى سوريا وهناك إمكانية ليصل إلى لبنان والبحر المتوسط لينتهي في القارة الأوروبية، ويبلغ طوله وحسب ما نشر في وسائل الميديا الدولية تقريباً أكثر من ستة وخمسين الف كيلو متر، لكن بوجود التحديات الحالية وخاصة الأمنية سيكون من الصعب التنبؤ بتنفيذ هذا المشروع بشكل كامل في مدة زمنية قصيرة، حالياً في المرحلة الأولى نظراً لنوع التعاون الإيراني العراقي في مجال الغاز سيجري مد خط الأنابيب ليصل إلى العراق ليصل لاحقاً إلى سوريا بعد توضح مجرى الظروف الأمنية في سوريا وتحديد المستقبل السياسي فيها، لكن يجب الانتباه إلى أنه نظراً لقدرة استيعاب خط الآنابيب هذا(ينقل يومياً 110 مليون متر مكعب من الغاز) سيكون هناك إمكانية لزيادة الاستيعاب لتصدير الغاز إلى الدول الأخرى مثل الأردن ولبنان، وسينخرط العراق أيضاً في تصدير غازه باستخدام هذا الخط، وفي حال إشاعة الاستقرار في سوريا يستطيع مشروع خط الأنابيب هذا أن يزيد من قدرة دبلوماسية الغاز الإيراني في مواجهة المنافسين الإقليميين ومجارات الدوليين، بحيث ستكون الخطوة اللاحقة جعل الأماني الإيرانية في تصدير الغاز إلى دول الاتحاد الأوربي حقيقة واقعية.

 المحامي محمد احمد الروسان*
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

www.roussanlegal.0pi.com
mohd_ahamd2003@yahoo.com
 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz