Logo Dampress

آخر تحديث : الأحد 28 نيسان 2024   الساعة 23:47:43
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
معادلة الكيماوي والحل السياسي .. بقلم: عفيف دلا
دام برس : دام برس | معادلة الكيماوي والحل السياسي .. بقلم: عفيف دلا

دام برس:

في الرياضيات يسود المنطق الرياضي فلا نتيجة حقيقية لعملية غير منطقية، وفي السياسة يسود المنطق السياسي النفعي البراغماتي في سياق الحرب النفسية القائمة على الكذب والتضليل والمناورة على حساب الخصم، فكثيرون يقولون أن السياسة لا تستند إلى منطق لكن هي في الحقيقة تستند إلى منطق وربما منطق خاص بها لا يماثل بالضرورة المنطق الرياضي المجرد في وضوحه ومباشرته في الشكل وإن كان لا بد أن يرتكز إليه في المضمون والجوهر  فمن قال أن السياسة لا تقوم على حسابات الربح والخسارة المرتكزة إلى تحليل رياضي ومنطقي دقيق جدا يفوق ربما أعقد المعادلات الرياضية التقليدية ففي السياسة هوامش الإبداع والابتكار حاضرة وبقوة بمعنى أن تشكيل معطيات جديدة بمنطق جديد أمر قائم في العمل السياسي فكم من أزمات خلقت لتحقق أهدافاً في غير محيط الأزمة وكم من حدث سياسي كان مجرد غطاء لتمرير أحداث أخرى وكم من فعل تكتيكي يتم لخدمة هدف استراتيجي قريب أو متوسط أو حتى بعيد المدى الزمني .
وفي هذا السياق نفهم معطى السلاح الكيماوي في إطار الفعل التكتيكي الذي يخدم هدفاً استراتيجياً في خضم المواجهة مع الخصم فتشكيل معادلة السلاح الكيماوي كان بحد ذاته رقماً ذا وزن نسبي كبير في رصيد سورية في إطار مواجهتها مع إسرائيل دون أن يستخدم فعلياً كأداة حرب عسكرية ومن هنا ندرك أن أهمية السلاح لا تكون فقط في مزاياه التدميرية بقدر ما تكون فعلياً بكونه رقماً صعباً يشكل وزناً نسبياً هاماً في صميم المعركة القائمة سياسياً .. وفي نفس سياق فهمنا لهذا المعطى نسأل هنا : هل كان السلاح الكيماوي السوري هو الرقم الوحيد الموجود في رصيد سورية المؤهل للمواجهة مع أعدائها ؟؟
وبالتالي يفهم ربما أولئك الذين ظنوا ان قبول سورية بوضع ترسانتها في المخزون الكيماوي تحت الرقابة الدولية هو تنازل من موقع الضعف وهذا منطقي بالنسبة لهم إذ هم لا يفقهون في التكتيك والإستراتيجية ولم يقرؤوا ربما عن المنطق الرياضي القائل أن القدرة على إنتاج معادلات جديدة يحتاج إلى أرقام ذات قيمة حقيقية لا وهمية تفضي إلى نتائج معينة نستطيع من خلال معرفتها إدراك ما إذا كانت قيمة الرقم الموجود في طرف المعادلة الأول تساوي ذاك الموجود في الطرف الآخر فنكون بحق أمام معادلة رياضية قابلة للحل الأمر الذي نطلق عليه في السياسة مقايضة أوراق بأوراق أو تبادل مصالح وفي المنطق السياسي ذاته نقول للمطبلين والمزمرين لفكرة التنازل : ألم يكن من الصعب إنتاج معادلة ما أصلاً لو لم تكن قيمة الرقم الكيماوي السوري مساوياً للرقم الأمريكي بالحد الأدنى وإن لم يكن كذلك ما كان ليكون متاحاً لسورية أصلاً استخدام رقم الكيماوي في معادلة ما لأن الأمريكي "الأقوى" من وجهة نظر هؤلاء كان ليفرض ما يشاء دون الحاجة للدخول في مقايضة حتى لو كانت نتيجتها التخلي عن فكرة العدوان على سورية ولديه من هوامش التدخل الكثير الكثير من مجلس الأمن إلى الخروج عنه ومن تشكيل حلف عسكري معاد إلى القيام بالعدوان منفرداً .. وما حصل لم يكن هذا ولا ذاك ... فكيف نفسر منطقياً ما جرى ؟؟؟ وهل يستطيع مجمع المطبلين لفكرة التنازل تفسير ذلك ؟؟
ما من دولة تملك عقلاً إستراتيجياً تستطيع من خلاله إدارة صراعاتها وأزماتها إلا ويكون لديها عدد من الأوراق الجاهزة للمقايضة في مرحلة ما من مراحل صراعها مع الخصم وتحقيق مكاسب من خلالها وإلا ستعرض نفسها في لحظة ما إلا خسارة كل شيء وبالتالي الهزيمة المباشرة لعدم قدرتها على امتلاك ما يمكن أن تواجه به خصمها وانعدام هامش المناورة لديها فتصبح مكشوفة كلياً أمامه وبالتالي سيدرك الخصم متى وكيف ينقض عليها ويقوضها بالكامل.
من هذا المنطلق نفهم قبول الأمريكي بالمبادرة الروسية وهرولته تجاهها بأنه ليس من موقع القوة الفعلية وإلا لكان استفاد من انكشاف خصمه وانقض عليه دون اللجوء إلى الاتفاق مع الروسي الذي قدم له سلم النزول من على شجرة التهديد بالعدوان على سورية مع حفظ ما تبقى من ماء الوجه دون الظهور بمظهر المهزوم أو المتراجع وهذا كان جل ما يريده الأمريكي بعد يأسه من أدواته الإقليمية وهروبه من الاستمرار في المواجهة التي تفضح تراجع قوته وقدرته على الساحة الدولية في ظل وجود أقطاب جدد تسعى لممارسة الندية السياسية معه والتمظهر كقوى دولية جديدة تؤسس لمنظومة عالمية جديدة تنهي عصر القطبية الأحادية في العالم .
معادلة الكيماوي السوري أنتجت اتفاقاً روسياً أمريكياً بدوره أنتج مؤتمراً دولياً لحل الأزمة السورية تحت عنوان الحل السياسي للأزمة السورية ورغم كل الضجيج السياسي والصخب المرافق لخطابات محور العدوان على سورية من التلويح مجدداً بالعدوان العسكري وإبقائه على الطاولة إلى التهديد بقرار أممي تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة العسكرية من قبل الأمم المتحدة إلا أن شيئاً لم يحدث فعلياً على الأرض فلا فصلاً سابعاً في قرار مجلس الأمن 2118 ولا حديث عن عقوبات على الحكومة السورية حتى إن لم تلتزم بتعهداتها في نزع ترسانتها من المخزون الكيماوي ، فهل كان ليطالعنا أولئك المطبلون لنظرية التنازل من موقع الضعف بآرائهم حول الضعف الذي يمسح كل تهديدات الغرب عندما يكون في ملعبه الأممي وبعد أن فرض تنازلاً مزعوماً على الدولة السورية بشأن سلاحها الكيماوي ؟؟ فهل كان الغرب ليتنازل عن سقف مطالبه وتهديداته بعد أن بات قاب قوسين أو أدنى من تنازل سوري يكون مقدمة لتنازلات جديدة ؟؟
هذا هو السياق المنطقي الذي كنا نتحدث عنه فلا يستقيم الحديث عن سياق ما دون مشاهدة نتيجة منطقية تنسجم معه فكيف يستقيم الحديث عن التنازل السوري والتراجع الغربي عن سقف التهديدات ؟؟ وكيف يستقيم أيضاً وجود سورية في موقع الضعف والدعوة للحكومة السورية بالجلوس على طاولة جنيف 2 بعد أن كانت في نظر الغرب فاقدة للشرعية ؟؟
فمعادلة الكيماوي السوري شكلت معادلات جديدة وهاهي بوادر هذه المعادلات تظهر تباعاً تغيراً في المواقف الدولية بشكل تدريجي وما ينعكس منها على المحيط الإقليمي والدولي من تشتت وتمزق لأدواتها في الداخل السوري واقتتال على طريق التصفية وتخبط وارتباك إقليمي مشوب بالحذر مما هو آت على خلفية الاتفاق الروسي الأمريكي الذي ربما سيجز رؤوساً كبيرة ويأتي على عروش وممالك وحكومات ادعت أنها صقور وتبين أنها ذباب لا أكثر ..
 

الوسوم (Tags)

الكيماوي   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   الحديقة البيضا
سوريا صامدة ولكن ستنتصر
محمد جبارة  
  0000-00-00 00:00:00   نفس السيناريو
1-عام67 كان العدو يهدف لسقوط النظام التقدمي وطالما فشل في ذلك فقد انتصرنا 2-عام73 انتصرنا بعد ان دفعنا العدو خارج خط وقف اطلاق النار السابق 3-عام82 انسحبنا من بيروت تحت انظار العدو وبذلك انتصرنا 4- سلمنا السلاح الكيماوي لاننا متفوقون بالمعادلات الرياضية وبذلك انتصرنا 5- اللهم استرنا من النصر القادم 6-انشروا يا دام برس ليستمر الانتصار
قومي  
  0000-00-00 00:00:00   تحطم الأسطورة
تحطمت أسطورة القوة الأمريكية على عتباتك سورية الحبيبة
راميا شعيل  
  0000-00-00 00:00:00   يوجد أصعب
إن السلاح الكيماوي لا شك بأنه رقم صعب ولكن يوجد لدى سوريا الأصعب منه وهو صمود شعبها وجيشها
كرم بترا  
  0000-00-00 00:00:00   لا يعني فقدان القدرات
تنازل سوريا عن سلاحها الكيماوي لا يعني أنها فقدت قدراتها فهي لم تستخدم هذا السلاح سابقا" أبدا" وكانت تنتصر دائما"
نهى درويش  
  0000-00-00 00:00:00   لم تعد الأقوى
انتهت سياسية القطب الواحد و أدركت الولايات المتحدة أنها لم تعد الأقوى
طارق حجلي  
  0000-00-00 00:00:00   يتخبط وحيدا&quot
وجد أوباما نفسه وحيدا" بعد أن تخلى عنه حلفاءه وتركوه يتخبط باحثا" عن مخرج
حاتم زركش  
  0000-00-00 00:00:00   حبل النجاة
وجدت أميركا بالمبادرة الروسية حبل النجاة الذي يسحبها من ورطتها
مازن كوسا  
  0000-00-00 00:00:00   قلب الموازيين
اليوم سورية لعبت دورا" كبيرا" في قلب الموازيين العالمية
رامي فهد  
  0000-00-00 00:00:00   انتصار بحد ذاته
أن تجعل سورية أميركا تتراجع عن توجيه ضربة عسكرية لها هذا انتصار كبير بحد ذاته
كمال زهرة  
  0000-00-00 00:00:00   اهتمام أميركا الأول
اهتمام أميركا بالدرجة الأولى هو حماية إسرائيل وقد وصلت إلى ما تريد بتسليم الكيماوي السوري
سليمان معري  
  0000-00-00 00:00:00   آلاف السوريين
لحتى أميركا و روسيا يصفوا حساباتهم , قتُل آلاف السوريين
نسرين نعمة  
  0000-00-00 00:00:00   بلدي
بلدي بحاجة شعبها وجيشها وبعدين كلو بينحل
زاهر عمول  
  0000-00-00 00:00:00   مننتصر
الله يحميكي سوريا بدنا حل بدنا قوة ومننتصر باذن الله
وهيب صافي  
  0000-00-00 00:00:00   ازمة
الازمة ستنتهي قريبا وستحل كل المشاكل باذن الله ولن نهان
حمد حنو  
  0000-00-00 00:00:00   محميه
الله يحمي سوريا تعذبت كتير وتعبت كتير وصار الوقت انو الكل يحميها
باسل عرفات  
  0000-00-00 00:00:00   غالية
سوريا غالي ولح ننتصر قريبا
هالة غلو  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz