دام برس

أدرك المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي ما يعترضه من تعقيدات منذ تسلم مهمته في حل الأزمة السورية، واصفاً إياها بشبه المستحيلة من دون أن تحول بينه وبين متابعتها بجهد لافت , مصمماً على الوصول إلى حل يرضى به الأطراف كافة، وإن كانت متعددة التوجهات وتختلف مصلحة كل منهما، وهذا ما يحول حتى الآن دون التمكن من الالتقاء على جامع مشترك.
وما يسمعه الإبراهيمي في تجواله على الساحتين العربية والدولية مجرّد تعبير عن رغبة لا تعني مضمونها العملي عندما يصل البحث إلى تقريب وجهات النظر , لا سيما بين واشنطن واستطراداً المجموعة الأوروبية وبين موسكو وبكين من دون استثناء الجهات الإقليمية خصوصاً الطرفين المعنيين في سوريا، فما تقبله جهة ترفضه الثانية منذ اندلاع الأزمة قبل عشرين شهراً على الرغم من كثرة التدمير للبنى التحتية ومؤسسات الدولة حتى  وصلت للمعالم الأثرية والتاريخية النادرة الناتجة عن الأعمال الإرهابية المشينة التي يرتكبها مرتزقة الناتو.
ويدخل في هذا الإطار رفض الاقتراح الجديد الهادف إلى وقف ما يجري من أحداث ولو في عيد الأضحى المبارك ، وكذلك اعتماد الحوار أسلوبا لفتح الطريق أمام تبادل وجهات النظر مباشرة، غير أن التباعد بين الطرفين وإصرار كل منهما على هدفه يطيل عمر التصادم المرعب الذي جعل الإبراهيمي نفسه يتحدث على تهديد سلام العالم في حال ابتعد الحل وازدادت المخاوف من تداعيات صعبة، وقد عجز مجلس الأمن  ومن حذا حذوه عن تطبيق ما عرض من اتفاقات عن تفاهم , لاسيما اتفاق جنيف , كي يأخذ به المعنيون لكنه كان دائماً يصطدم بممانعة متبادلة تشارك فيها أكثر من جهة.
وما يعرفه الإبراهيمي هو أن الوضع معلق بمعجزة اتفاق أميركي - روسي وصيني، فالاتهامات متبادلة والتصريحات تبلغ أحياناً حد التجريح والاتهام فيزداد التباعد وتستمر المعاناة، وهناك من يتوقع تطوراً جديداً بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، فواشنطن منشغلة بها ولا تريد الانجرار إلى ما يشغلها عنها في ظل احتدام التنافس بين اوباما ورومني بدليل عدم التجاوب مع تشبث إسرائيل بعدوان تعرف هي وأميركا مدى نتائجه على المنطقة والعلاقات الدولية.
ويتمتع الإبراهيمي بنفس طويل مستنداً إلى نجاحاته في حل أكثر من أزمة، وهو يدرس ويقارن ويمزج بين الآراء والاقتراحات التي سمعها , وبات قريباً من إعداد ما يوفق بينها لعرض خطة تأخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن يقبله الأطراف المعنيون في المنطقة وخارجها، وسيكون جديراً بجائزة نوبل في حال نجاحه في مهمة صعبة ومعقدة باتت تفرض إيجاد حل ناجع لها.
إن مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية بشأن الصراع السوري يحاول إقناع الحكومة السورية والمعارضة بقبول هدنة والسماح بنشر مراقبين تابعين للأمم المتحدة في البلاد لمراقبة الالتزام بها ، ولكن السؤال الأهم أين دور السيد الإبراهيمي من الدعم الخليجي التركي للعصابات المسلحة، هل يستطيع أن يوقف إمدادات السلاح والمقاتلين، إن أي مبادرة بغض النظر عن نوعها تحتاج لكي تنجح إلى التزام الإطراف بها, فهل يحصل على موافقة الدول الداعمة للإرهاب في سورية لوقف توريد السلاح والإرهابيين المرتزقة لقتل الشعب السوري , أم أنه تعلم فقط صف الكلام ؟  وسنبقى ننتظر .