كتبت مي جميدوش

سنة مرت على الأزمة والهجمة الشرسة التي ألمت بسورية, وعشر سنوات مرت على دمج وزارة الاقتصاد والتموين في وزارة واحدة سميت وزارة الاقتصاد والتجارة , إلا ان ما طبق على أرض الواقع بعد الدمج من مراقبة للأسواق وعملية ضبط لها , لم يكن حسب رأي خبراء الاقتصاد مقنعاً فالتقصير كان واضحاً في آلية الرقابة على الأسواق , رافقه ضعف في التنفيذ للإجراءات المتخذة بحق المخالفين , وبالتالي كانت آلية العمل تقليدية للغاية , ولم يطرأ في السنوات الماضية أي تغيير في ضبط الأسواق, سيما انه في كل عام تتكرر المشكلة نفسها من ارتفاع الأسعار وازدياد المخالفات وتمادي المحتكرين من التجار. 

ولعل حالة التبعثر المكاني لإدارات الوزارة و توزعها في أماكن مختلفة هنا وهناك من العاصمة , يشير إلى طبيعة الدمج الحاصل والحالة للتخبط الميداني والتطبيقي في كيفية سيطرتها على الأسواق، وطالما طلب المواطن بعد قرار الدمج التموين والاقتصاد ان تعاد الثقة للأسواق وأجهزة الرقابة عليها التي بدت على ارض الواقع ضعيفة لا تفي بالغرض المطلوب , ولكن في السنوات الماضية المواطن كان الحلقة الأضعف في وصول الأسواق إلى حالة من الفلتان والفوضى ، وهذه الثقة ان تحققت فيمكن أن تعيد على الأقل التوازن لصورة وزارة الاقتصاد في قمعها للمخالفات والتشديد على الأسواق بشكل يرضي الجميع.

ويرى المراقبون للأسواق أن الفساد كان له دوراً أساسياً في إخفاق عمليات الرقابة الجارية على الأسواق إضافة إلى إخفاق الجهاز الرقابي نفسه وارتفاع سطوة التجار في السوق وقدرتهم على التزوير والتلاعب بالمواصفات, فقد وصلت تسعيرة رجل التموين إلى 500 ليرة سورية, وما إن يقبض المبلغ المعلوم حتى تحل القضية والمخالفة , ويتابع التلاعب واللعب في قوت المواطن مشواره اليومي المعتاد. ولكن كل هذا التلاعب من الممكن أن نضعه جانباً ونتغاضى عنه نوعاً ما, أما أن يكون الوطن في أزمة مر عليها حتى الآن السنة وهناك من يُحارب المواطن بلقمة عيشه فهنا الطامة الكبرى التي يجب وضع الحد الكبير لها, وضرب من يقوم بتلك الأفعال ليس بيد من حديد فقط بل من نار تكوي يديهم وعقلوهم التخريبية, فخطرهم لا يقل خطراً عن ذلك الإرهابي الذي يعيث في الأرض فساداً وتقتيلاً وتخريباً.

لهذا من الواجب تكثيف الجهود وتفعيل دور الرقابة الصارمة بشكل كبير أكثر من ذي قبل. ألم يحن الوقت لجعل علاقة الفلاح, علاقةً مباشرة مع الدولة دون الرجوع للتاجر المُستغل. فالقوانين السابقة التي تحولت بالاقتصاد السوري إلى اقتصاد السوق الاجتماعي لم يلمس خلالها المواطن إيجابية لاقتصاد السوق الاجتماعي، إنما واجه المستهلك الجانب السلبي، وذلك بسبب هذا التضخم بأسعار السلع الأساسية التي لم تتوازن مع الزيادة في الأجور التي قدمتها الحكومة على فترات متتالية لهذا كله وقف المستهلك الآن حائراً ومتسائلا: هل ما يحصل حالياً في الأسواق من زيادات كبيرة هي بسبب تحرير السلع والأسعار أم لأسباب أخرى, وتعاون ما بين بعض المسؤولين والتجار المتعاونين على تخريب الوطن وتهديم بنية أبناءه؟ والآن وكما ذكرنا وبعد مرور سنة على الأزمة, وما حملته من صمود قض مضاجع المتآمرين الذي راهنوا على صمود سورية وشعبها, ألا يجب أن توفر وزارة التموين المنتظرة الحماية للمواطن الذي حمى سورية بصموده الأبي, وتحاسب من يُخرب ويتلاعب بالمواطنين ومقدرات الدولة, كل هذا بات في رهن الإجابة من وزارة التموين القادمة والتي ننتظر منها الفعل الكبير لوطن وشعب عظيم.