دام برس :
تراجع الجيش السوري بشكلٍ حاد عن محاور شمال منطقة سهل الغاب ووسطها اليوم الأحد، تاركاً مواقعه القتالية تحت ضغط الاشتباكات لصالح ميليشيات تنظيم “القاعدة” التي تقدمت نحوها وسيطرت عليها.
وبعد ان تراجع الجيش السوري في الأيام الماضية في قرى “فريكة، فرفور، المشيرفة وغيرها”، في الجزء الشمالي، ومن ثم “فورو، البحصة”، في الجزء الاوسط، تابع الإنكسار ليشمل مناطق حساسة وهامة تعتبر معاقل للجيش السوري كبلدات: “الزيارة، المنصورة، خربة ناقوس وواسط” التي دخلها تنظيم “القاعدة” عبر جيش الفتح اليوم مسيطراً عليها بشكلٍ كامل، ومتمكناً من إغتنام آليات عسكرية، بحسب ما أظهرت صور بثتها ميليشيات المعارضة.
التراجع الحاد هذا، أدى إلى إنكشاف بلدة “جورين” التي تعتبر قاعدة عمليات الجيش السوري ومعقله الأبرز، حيث بدأ “جيش الفتح” يحشد في القرى تلك الواقعة في الجانب الشرقي فيما باشر بتغطية نارية يبدو انها تمهيدية نحو البلدة إنطلاقاً من “خربة ناقوس” شرقاً والقرى الواقعة إلى شمالها. وتفيد معلومات “الحدث نيوز”، ان النساء والأطفال من عائلات “جورين” بدأوا بالخروج من البلدة نحو قرية “صلنفة” في ريف اللاذقية والبلدات الامنة المجاورة، فيما إختار الرجال حمل السلاح إلى جانب الجيش السوري للدفاع عن قريتهم، حيث تشهد المنطقة حالة من الحشد الواسع.
ويسعى الجيش السوري ومن معه من أهالي وقوات حليفة، للمحافظة على “جورين” بالحد الأدنى ومنع تمدّد “جيش الفتح” إليها لما تشكل من حالة قيادية بالنسبة إلى الجيش السوري، وخط إمداد أساسي له من منطقة الساحل، وسقوطها بيد تنظيم “القاعدة” يعرض منطقة ريف اللاذقية إلى خطرٍ مباشر هو الأول من نوعه منذ بدء الحرب في سوريا خاصةً وان “القرداحة” تبعد عن “جورين” مسافة 30 كلم تقريباً.
مصادر واسعة الإطلاع، كشفت لـ “الحدث نيوز”، ان قوات الجيش بدأت عملية إنتشار في المحيط الشرقي من “جورين” بهدف تعزيز خطوط التماس والدفاعات بوجه تقدم مرتقب تقوم به ميليشيات تنظيم “القاعدة”، حيث عزّزت نقاطها في “مشاريع البارة” وهي منطقة سهليّة واقعة بين “جورين” و “تل واسط” وإستحدثت نقاط اخرى مُدعّمة بالمدرّعات وذلك بهدف توسيع رقعت الدفاعات وإشغال القوات الزاحفة بخطوط دفاع اساسية مشكلة من عدة درجات متسلسلة من خطوط الحماية.
إلى ذلك، نشرت ميليشيات “جيش الفتح” مشاهد تظهر خروج أرتال عسكرية كبيرة تابعة للجيش السوري من بلدة “الزيارة” يوم أمس وتوجهها نحو “خربة ناقوس” وذلك قبل وصول المجموعات المسلحة إلى داخل البلدة. وعلى ما يبدو، ان هذا التراجع أتى بعد إنهيار دفاعات البلدة. التراجع هذا، تتابع نحو “جورين” بعد إحتلال “الزيارة” وتقدم الميليشيات المسلحة نحو “خربة ناقوس”.
ويثير سياق التراجع هذا علامات إستفهام كبيرة حول الهدف منه، خاصةً وانه هذا الأمر عرّض مناطق واسهة في سهل الغاب إلى الإنكشاف والسقوط، ونقل المعركة في وقتٍ قياسي جداً إلى معقل الجيش في “جورين”. الغريب في الأمر، أن أبرز المتشائمين لم يكن يتوقع وصول ميليشيات “تنظيم القاعدة” إلى تخوم “جورين” في هذا الوقت القاسي. وإستغربت مصادر، كيفية تقلب المزاج في الجيش السوري، فهو كان قد إتخذ المبادرة قبل أسبوع وبدأ بهجومٍ مضاد على معاقل المسلحين في التلال المحاذية لادلب والتي سقطت بأيدي “القاعدة”، ما لبثت أن تحوّلت الإستفاقة تلك بشكلٍ غريب وغير مفهوم إلى سياق من التراجع الطويل والخطير على كافة المحاور حتى “جورين”. ما حصل يثير أسئلة بحاجة إلى أجوبة خاصة وأنها جرت على جبهة حساسة جداً.