Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 26 نيسان 2024   الساعة 23:39:10
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
نظام آل سعود والمتاجرة بالقضية الفلسطينية وتعرية المعرى .. مصطفى قطبي
دام برس : دام برس | نظام آل سعود والمتاجرة بالقضية الفلسطينية وتعرية المعرى .. مصطفى قطبي

دام برس:

النهج الذي اختطه نظام آل سعود، والمنخرط في إطار رؤية إقليمية ودولية تتناقض مع المصالح العربية، تجاه المسائل التي تتعلق بالأمن القومي العربيكان من الخطورة بمكان، وعرض هذا الأمن ليس لاختراقات هنا وهناك فحسب، بل لنكبات عديدة ساهمت في شرذمة الوضع العربي وتهميش القضايا القومية، وإضعاف الشعور بهذه القضايا إلى أبعد الحدود.

فاجأتني المسرحية السعودية، بموقف مملكة آل سعود من اختيارها عضواً لمدة عامين في مجلس الأمن الدولي ممثلة عن قارة آسيا، ومكمن المفاجأة كان في الأسباب التي أعلنتها وسائل الإعلام السعودية، ودفعت المملكة لرفضالمقعد على خلفية تقصير مجلس الأمن في حق القضية الفلسطينية وتعامله بمعايير مزدوجة مع حقوق الدول والشعوب التي تزعم المملكة أنهاتدافع عنها، وهو كلام حق أريد به باطل.

وللذين يريدون التمحيص في التصرف السعودي وأسبابه الحقيقية… فهي المرة الأولى التي تلجأ بها سلطات آل سعود إلى هذا الموقف ”المحزن المضحك” على الرغم من مضي نحو أكثر من خمسة عقود على احتلال فلسطين.‏

إنه من الأولى بالأسرة السعودية الحاكمة أن تحاسب نفسها قبل أنتلوم الأمم المتحدة على تقصيرها في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين. فأسرة آل سعود هي من أهملت القضية الفلسطينية وفرطت بحقوق الشعب الفلسطيني،

وكلنا يتذكر محاولة الملك السعودي عبد الله في قمة بيروت العربية تمريرمبادرته للسلام مع إسرائيل دون أن يدرج حق عودة الشعب الفلسطيني إلىأرضه فيها، كما أن الأسرة السعودية تستمر بتمويل بناء مستوطنات الاحتلال الصهيوني من فوائد أموالها المنهوبة من مقدرات الشعب السعودي الموضوعة في البنوك الأميركية.‏

فالنهج الذي اختطه نظام آل سعود، والمنخرط في إطار رؤية إقليمية ودولية تتناقض مع المصالح العربية، تجاه المسائل التي تتعلق بالأمن القومي العربي كان من الخطورة بمكان، وعرض هذا الأمن ليس لاختراقات هنا وهناك فحسب، بل لنكبات عديدة ساهمت في شرذمة الوضع العربي وتهميش القضايا القومية، وإضعاف الشعور بهذه القضايا إلى أبعد الحدود.

في سياق إلقاء الضوء، وتعرية المعرى، وليس بعيداً عن الاصطفافات القائمة، وبخاصة فوق مساحة معينة من هذه الأرض، ومن المهم تسليط الضوءعلى حكام (الحجاز ونجد) بوصفهم قاطرة العمل التآمري على المشروعالمقاوم. ولكي لا تأخذنا التفصيلات، لابد من التركيز على بنية النظام السعودي، فهو نظام ديني، رجعي، أعرابي، متخلف، ليس له شبيه في العالم،فهو الأكثر رجعية، ولوذاً بالشوارع الخلفية فيما يتعلق بقضية فلسطين، وقداستطاع أن يبعد واقع ما هو عليه عن تسليط الضوء بالمال لا بأي شيء آخر،واشترى سكوت الذين يختلف معهم، عربياً، بالمواقف السياسية تارةً، وبصرف الأنظار عنه تارة أخرى، وكأنه كتلة مستقلة، معزولة، لا علاقة لها بما حولها،وهذا مخالف لسنن الحياة وتشابكاتها، وليس خافياً الدور الذي قام ويقوم به النظام السعودي، فهو حريص على إبقاء الأمور كما هي في مجتمعه، مظهرإسلامي، كابح، وسلطة ملكية وراثية،‏ وضخ للبترول إلى حيث الآلة الغربية،وإبقاء المجتمع على ركوده، وكأن ما هو عليه هو الحالة الدينية والدنيوية المثلى،بل والتي لا يجب مسها، بسبب ما يخلع عليها وعلى نفسه من قيم ذات مواصفات دينية.

 

في (أيلول 1932)، أعلن عبد العزيز آل سعود، نفسه ملكاً على السعودية، معتمداً على أنصاره البدو من الحركة الوهابية المتزمتة في تثبيت دعائم حكمه. واعتبر الملك الجديد نفسه الحامي لأرضالإسلام، كسباً لولاء الشعب، الذي لا يجمع فيما بينه أي ولاء مشترك.

وقد وفر النفط للعائلة المالكة نشوء علاقات قويّة مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية. حيث قام عبد العزيز بإنهاء سيطرة بريطانيا على موارد النفط فيبلاده، وفتحها للشركات الأمريكية، تلبية لطلب الرئيس الأمريكي (فرانكلين روزفلت) الذي التقاه على ظهر الطراد (كوينسى) في البحيرات المرة في مصر، وحدثه آنذاك عن البترول وفلسطين معاً. كان الملك عبد العزيز محرجاًحين طالب الثورة الفلسطينية عام (1936) بإيقاف هجماتها على القوات البريطانية، اعتماداً على وعد بريطاني وهمي بالحد من هجرة اليهود إلى فلسطين، ولم تتوقف حينها هجرة اليهود. فقد لعب الملك عبد العزيز دوراً في إقناع زعماء فلسطين، وعلى رأسهم الحاج الحسيني من أجل إيقاف انتفاضة(1936) نزولاًَ عند رغبة بريطانيا. على أمل أن تستجيب لمطالب العرب فيإيقاف الهجرة اليهودية إلى فلسطين.

نَشر القائد طه الهاشمي في مذكراته في جريدة (الحارس) البغدادية، وكان رئيساً للجنة العسكرية المنبثقة سنة (1947 ـ 1948) عن جامعة الدول العربية للإشراف على حرب فلسطين. قال الهاشمي: (إنّ الحكومة السعودية أبرقت للجنة العسكرية عن أسلحة معدّة لإنجاد فلسطين موجودة في”سكاكة” بالصحراء السعودية، فأرسلت الحكومة السورية طيّارات عسكرية فأحضرت تلك الأسلحة لدمشق، وسلّمتها إلى المصنع الحربي التابع للجيش السوري لفرزها وتبويبها، فإذا هي أسلحة عتيقة متعددة الأنواع،والأشكال، فيها الموزر والشنيدر، والمارتيني…، وفيها بنادق فرنسية، وإنجليزية، وعثمانية، ومصرية ويونانية، ونمساوية وكلها بدون مخازن وكلها صدئة ”خردة” لا تصلح لقتال).

لم يقدم الموقف السعودي إلى القضية الفلسطينية، لاعتبارات قومية أوإنسانية، وإنما شكلت الاعتبارات الدينية أساس موقفها تجاه ما يحدث على أرض فلسطين، وفي جوهرها المسجد الأقصى الشريف الذي يعد المساس فيه مساساً بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف.

يذكر ناصر السعيد في كتابه (تاريخ آل سعود)، أنهم تظاهروا في يوم(17 ـ 6 ـ 1947) في يوم أطلق عليه (يوم فلسطين) في منطقة رأس تنورةرفضاً لتقسيم فلسطين، وطالبوا بقطع البترول عن أمريكا وبريطانيا لدعمهم الليهود، فكان جواب آل سعود: (بأن البترول الذي تطالبون بقطعه إسمه ـالذهب الأسود ـ وقطعه يعني اكتنازه في الأرض، وهذا ينهى عنه القرآن).

فخلال الخمسينيات والستينيات، وضعت العلاقات السعودية ـالأمريكية، العائلة المالكة في موقف مناقض للمد القومي العربي بزعامة جمالعبد الناصر. ففي عام (1964)، تولى حكم المملكة، فيصل، بعدما فشل أخوهسعود خلال فترة حكمه التي امتدت سبعة شهور، تولاها بعد وفاة والدهما عبد العزيز. فقد قاد فيصل المملكة في الفترة التي كانت تشهد المد القومي العربي، وحاول السير في طريق متوازن بين الولاء للعالم العربي والحفاظعلى مصالح المملكة الخاصة. ففي تلك الحقبة، أثار الشعار الذي رفعه القوميون العرب (بترول العرب ملك للشعب العربي) مخاوف الشعب السعوديالتي تجعل من نفطهم ملك لكل العرب. وأيضاً مخاوف الأسرة المالكة، التيكانت ترى في فلسفة الاشتراكية العربية خطراً على مصالحها، كونها مع توزيع ثروات البترول العربية على كل العرب.

فالتغيرات الجذرية التي أصابت العديد من أنظمة الدول العربية خلال الخمسينيات والستينيات، مترافقة مع صعود جمال عبد الناصر والوحدة مع سوريا، وسقوط النظام الملكي في العراق. جعلت الملك سعود يقع في مؤامرة هزلية لاغتيال جمال عبد الناصر، زادت من النقمة الشعبية للجماهير العربية على آل سعود، ومن عزلة المملكة. وفي الوقت الذي كان فيه الثوريون العربيعملون على تدعيم روابطهم مع الاتحاد السوفييتي، كان آل سعود يعملون على توثيق علاقاتهم مع الولايات المتحدة الأمريكية.

عمل فيصل تدريجياً على خروج المملكة من عزلتها، وحاول السيطرة على شؤون البلاد الخارجية. كما لجأ إلى استخدام الدين، (الإسلام) كسلاح ودرعواق في وجه عبد الناصر. وتجلى الصراع بين راديكالية عبد الناصر وخط فيصل المحافظ، أما على أرض اليمن، ففي عام (1962) شهد هجوم جنوباليمن الماركسي ضد الشمال الذي تجمع للدفاع عن إمامهم، محمد البدر،فدعم عبد الناصر الجنوب بإسم الثورة والقومية العربية مقابل دعم فيصل للإمام. واستمر القتال خمس سنوات وضعت فيها السعودية أموال النفط فيوجه عبد الناصر، وانتهى القتال بهزيمة عبد الناصر في عدوان (1967)، التيأدت إلى القضاء على سطوة الدول الراديكالية كلها. ورغم أن الهزيمة أصابت العرب جميعهم، إلا أن الشغل الشاغل لآل سعود، لم يتعد قضية القدس، وهوما كان يشغل بالهم أكثر من قضية الفلسطينيين وأرضهم الضائعة.

ففي نفس العام، قام فيصل بزيارة لندن لعلمه بالهجوم الإسرائيلي المؤقت الذي سوف تشنه على قطاع كبير من الدولة العربية حتىيتغيب عن الأحداث. وبعد رجوعه من لندن، في اليوم (7 حزيران)،وعندما كانت الطائرات الإسرائيلية تقصف المطارات السوريّة والمصرية وجيوشها وتتقدم لاحتلال الضفة الغربية وسيناء والجولان،

كان فيصل يقنع الشعب باحتفال جماهيري أقامه في ملعب السباق بمناسبةعودته من بريطانيا بصداقة الدول الغربية. فما كان من الجماهير الموجودة إلاأن رددت شعارات حماسية تدعو فيها لموت لأمريكا، وسقوط الغرب، وللمعتدين والمتواطئين، كما طالبوا بقطع البترول عن المعتدين. فما كان من فيصل إلا أنهرب من البوابة الخلفية. كتب الملك حسين في كتابه (حربنا مع إسرائيل) عن الملك فيصل: (إن الإمدادات السعودية دخلت الأردن بعد الحرب وحين انتهى كل شيء).

 

بعد هزيمة حزيران، لم يعطِ الفلسطينيون الدول العربية الفرصة لكي ينسواقضيتهم، وولد شعور الهزيمة وفقدانهم الأمل بقدرة العرب على تحرير أرضهمإلى تفجير طاقات الشباب الفلسطيني الثائر في مخيمات اللجوء، ليعلنواالحرب الشعبية ضد كل من يتوانى عن دعم مطالبهم في وطنهم فلسطين. ولميكن أمام النظام السعودي الحليف للنظام الأمريكي الداعم الأول لـ(إسرائيل)،إلا الدفاع عن نظامهم وتوزيع النفط وعلاقاتهم مع الأمريكان. فكان على حكامآل سعود دعم الفلسطينيين ليحموا أنفسهم من هجمات الفدائيين التي قدتصيب المصالح الأمريكية على أرضها. فما كان من فيصل إلا أن طلب منحليفه الرئيس الأمريكي نيكسون السعي لإيجاد حل دبلوماسي للصراعالعربي ـ الإسرائيلي، لأن إطالة النزاع ستشكل خطراً على العلاقاتالأمريكية ـ السعودية. وفي الوقت نفسه، بدأ يضخ الأموال لحركة فتح، ودعاكذلك إلى مقاطعة البضائع والشركات العربية التي تتعامل مع (إسرائيل).

 

كان الملك فيصل يأمل بأن يؤدي السلام إذا ما حل بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى إخماد الراديكالية العربية، وإضعاف نفوذ الاتحاد السوفيتي في المنطقة. فقد اعتبر نفسه الملك المسلم الذي يحارب الشيوعية في العالم العربي.

 

ومع موت عبد الناصر وترأس السادات مكانه، أسهمت السعودية في إبعاد مصر عن الاتحاد السوفيتي. ففي (تموز 1972)، ومقابل طرد السادات للروس من مصر، قام فيصل بزيادة المعونة السعودية السنوية لمصر، وجمع مايقرب من (500) مليون دولار من دول الخليج الأخرى لشراء الأسلحة لمصرو(450) مليون دولار لتدعيم ميزان المدفوعات. وفي صيف (1973) توجه فيصل للقاهرة ليؤكد أن السعودية سوف تفرض حظراً بترولياً على الدولالمؤيدة لـ(إسرائيل) إذا قامت مصر بمهاجمة (إسرائيل) في الأراضي التياحتلتها عام (1967). رغم أنها في السابق، رفضت تسليم عبد الناصر سلاح النفط، لكنها لم تبخل على السادات بذلك، كونه أبدى استعداده للتفاهم مع السعوديين مقابل إنقاذ بلاده اقتصادياً، فالسادات لم يكن يمثل تهديداً لهم،وقد اتضح بعد ذلك أن السادات أرادها حرباً من أجل توقيع (كامب ديفيد)على عكس السوريين الذين أرادوها تحريرية وخذلهم السادات.

 

في حرب تشرين (1973)، كان هناك خط تلفوني مباشر بين القاهرة والرياض، وكان السعوديون يراقبون سير الحرب. وفي الأسبوع الثاني منها،مع بداية التراجع وتزايد الخسائر للجيوش العربية، وتخصيص نيكسون (2.2)بليون دولار كمساعدة عسكرية لـ(إسرائيل). ذعر فيصل من أن تتعرض المملكة لعزلة عربية في بحر الغضب العربي من الموقف الأمريكي، فبدأ الحظرالنفطي وارتفعت أسعار البترول بشكل جنوني، وأصرت الدول المنتجة بأنهاستستمر بقطع النفط حتى يتوقف الدعم الغربي لـ(إسرائيل). ولكن الأمر لميطل، فالملك فيصل يدرك وعائلته المالكة بأن أمريكا هي الحاضن والداعم لهمفي وجه أعدائهم الداخليين والخارجيين. فمع فصل القوات المصرية والسوريّةوالإسرائيلية، وجهود كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي المستميتة، رفعت السعودية الحظر عن النفط. حين ناشد كيسنجر الملك فيصل لكي تعيد السعودية ضخ البترول، بحجة أن حظر النفط يقف عقبة في طريق الجهودالأمريكية من أجل عملية فك الاشتباك في حرب تشرين (1973).

 

ولم يمض عام حتى وصل فريق تابع لوزارة الدفاع الأمريكية للرياض لوضع استراتيجية عسكرية أمريكية ـ سعودية مشتركة لضمان أمن المملكة.

 

لقد رفع حظر النفط من قيمة هذا البلد في نظر أمريكا، وأصبح الدفاع عننفطه واحد من أهم بنود سياستها في الشرق الأوسط. واكتشف العرب بأننفط العرب هو ليس لكل العرب وأن ثروات السعودية لن تنتقل إلى الأمة العربية إلا على شكل مساعدات وهبات للحكومات العربية. وقد لخص أحمد الشقيري الرئيس الأول لمنظمة التحرير الفلسطينية حالة الإحباط بقوله: (لقد انتصربترول العرب على العرب).

 

شكل العام (1973) سنة ظهور السعوديين دائرة الضوء، وبدأت تحاول أن تجدلها مخرج بعيد عن مطالب العرب التي لا تنتهي، في الوقت نفسه كانت خشيتها مستمرة من غضب الفلسطينيين. ولم يجد فيصل مخرجاً إلا فيتدعيم وضعه باعتباره الزعيم للمحافظين الدينيين الإسلاميين، واعتمد الإسلام منهاجاً في سياسته الخارجية. ودعم موقفه في كتاب لأحد الأصوليين يدعوفيه لإحياء الخلافة الإسلامية بزعامة فيصل، وعبأ السعوديون أموالهم كحماةلمكة والمدينة، وأصبح رمز تلك الفترة (البترو ـ إسلام)، التي انتهت بمقتل فيصل عام (1975).

 

مع توقيع مصر اتفاقية (كامب ديفيد) عام (1978)، وقف آل سعود عاجزين عن اتخاذ قرار في اللحاق بمصر بركب السلام كما توقعت الولايات المتحدة الأمريكية. وأصبح موقف السعودية حرجاً جداً ما بين الاستجابة لرغبة أمريكا أو الوقوف لجانب الدول العربية التي تجمعت ضد مصر. وابتعدت السعوديةنهائياً عن الظهور أمام الرأي العام العربي. لتواجه بعدها الثورة الإيرانية عام(1979)، التي قادها الخميني مبشراً بالخلاص، وتطهير عالم الإسلام من الشيطان الأكبر (أمريكا)، الحامي الأول للنظام السعودي.

 

كان الخوف السعودي من انتفاضة داخلية للشيعة في المنطقة الشرقية،وأصبح الخطر الذي يهدد النظام الذي يستمد شرعيته من الإسلام واقعاًفعلياً. وأصبح الخوف من الإسلاميين المتشددين أكبر من موجة المد القوميفي الخمسينيات والستينيات. لقد كان اتهامات آية الله لهم بأنهم الفاسدين الآثمين لا يستحقون تولي شؤون الحج والكعبة. لهذا وقفت السعودية إلىجانب صدام في حربه ضد إيران عام (1980)، وتدفقت الأموال السعوديةلمساندة الجهود العسكرية العراقية. لم يكن من الصعوبة على المملكة أن تحتفظ بهويتها العربية، واتفاقياتها الدفاعية الأمريكية تبقى بعيدة عن الأنظار.

 

وبالنسبة إلى القضية الفلسطينية، عام (1981) قدم الملك فهد الذي خلف خالدمبادرة للسلام، لحل الصراع العربي ـ الإسرائيلي، كانت وما زالت السعودية ترى أن القضية الفلسطينية هي سبب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.كانت مبادرة فهد ترتكز على (8) نقاط: دعت لانسحاب الإسرائيليين من الضفةوغزة، وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية في تلك الأراضي التي بنتها (إسرائيل) منذ العام (1967). بناء دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. والتعويض العادل فقط للفلسطينيين الذي أخرجوا بالقوة من أراضيهم عام (1948). لقد اعتبرت السعودية بأن المبادرة التي قدمتها عادلة،وتقدم حلولاً عادلة لكلا الطرفين. وانتابها شعور بالإحباط لتجاهلها من حليفتهاالولايات المتحدة، وعدم قبولها من (إسرائيل). ومع هذا لم يكن العراق ذوالنظام البعثي يثير الراحة لدى النظام الملكي السعودي، وكانت لا تزل تبحثعن بديل للعروبة. ووجدوا المخرج بمجلس التعاون الخليجي، الذي تأسس عام(1981) بتوجيه آل سعود وإشرافهم. وقد وضح آل سعود بأنه ليس جزءاً منالجامعة العربية، وليس بخارج عن الروابط التقليدية للسياسات العربية.

 

لقد تركت حرب الخليج الأولى آثاراً على السعودية حين أصبحت في وجه كلمن إيران والعراق.

 

فأصدرت السعودية فتوى بإسم شيخها عبد العزيز بن عبد الله باز،كبير العلماء الوهابية، أعلن فيها الحرب المقدسة ضد العراق.واستخدمت المال للضغط على العرب الذين وقفوا ضدها، وبهذا فقدت منظمةالتحرير الفلسطينية الأموال السعودية، ملايين الدولارات كل عام، بعدما زارالرئيس ياسر عرفات صدام حسين إبان حرب الخليج. وخسرالفلسطينيون العاملون في السعودية وظائفهم، وتعرض بعضهم للمعاناة،فاضطروا للخروج منها وطرد العديد منهم.

صحيح أن السعودية لم تطبع مع الكيان الصهيوني، لكنها قبلت بوجوده واحتلاله لأرض فلسطين. ففي خطة فهد للسلام، دعا للحصولعلى حق كل دولة في الشرق الأوسط للعيش بسلام. وبالتالي فالمملكة مستعدة للاعتراف بـ(إسرائيل) إذا ما نفذت جميع النقاط من خطة فهد المتعلقة بالفلسطينيين.

فوجئ السعوديون بتوقيع اتفاقية أوسلو، وأبدوا تحفظهم عليها، انطلاقاً من شعورهم بالغبن، لتجاهل الجميع مبادرة الملك فهد الذي يعتب بأنها قدمت شروطاً أفضل للفلسطينيين من أوسلو. ولم تمضِ سنة، حتى زار رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات، الرياض وكانت أول خطوة للتقارب بينالطرفين في أعقاب أزمة الخليج (1990 ـ 1991). وفي العام (1995)، كانت المملكة العربية السعودية أول دولة عربية تعترف بجوازات السفر الصادرة عن السلطة الوطنية الفلسطينية. كما وافقت لاحقاً على استيراد السلع التي تنتجها أراضي تابعة للسلطة الفلسطينية.

مع انتفاضة الأقصى عام (2000)، قدم الملك عبد الله في قمة بيروت عام(2002)، مبادرة السلام العربية، وتبنتها الدول العربية كمشروع عربي موحد لحل الصراع العربي ـ الإسرائيلي. وتتلخص المبادرة فيما يلي: الانسحاب من الأراضي المحتلة حتى حدود (4 حزيران) والقبول بقيام دولة فلسطينية فيالضفة وغزة وعاصمتها القدس وحل قضايا اللاجئين وفق قرارات الشرعيةالعربية. مقابل قيام علاقات طبيعية بين الدول العربية و(إسرائيل).

بعد خروج العراق من النظام الإقليمي العربي، ومحاولات فرض عزلة على سوريا نتيجة الضغوط الخارجية عليها، وتراجع الدور المصري في القضية الفلسطينية، وتحول مصر إلى وسيط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأخيراًبين الفلسطينيين أنفسهم. أدى هذا لبروز الدور السعودي في المنطقة في عهدالملك عبد الله، دون أن يكون ذا أثر فاعل بما يؤدي إلى تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني التاريخية في أرضه، ولم يتعد الدور السعودي أكثر من ظاهرة صوتية، ودفق الأموال في فترات محددة لتبرز كدور راع للسلام. رغم قدرتها فيما لو أرادت لتغير وجه الصراع العربي ـ الإسرائيلي لصالح العرب، فيما لواستخدمت النفط كسلاح سياسي.

وأخيراً وليس آخر، بالرغم من كل ما حققته القوى الاستعماريةوذراعها الوهابية السعودية المتآمرة على القضية الفلسطينية إلا أنأبناء الأمة العربية والأغلبية العظمى من الشعب العربي ما زالت متمسكة بحقها وإن أبناءها الأحرار اختاروا التمسك بجوهر الصراع في المنطقةوالأخذ برأي الجماهير العربية ولم يصابوا بالعمى السياسي الذي أصيبت بهمعظم الحكومات العربية وعلى رأسها مملكة الخليج الوهابي وبعض مدعي الثقافة والفكر الذين باعوا أنفسهم لأعداء وطنهم، و أصبح رأي الجماهيروخيار الأمة هو خيار المقاومة العربية الذي أثبت جدارته عبر التاريخ العربيقديماً وحديثاً، فقد علمنا تاريخ البشرية، وتاريخ شعبنا المقاوم أن الحقوق لنتعود لأصحابها والمستعمر لن يغادر أرض الوطن إلا بالمقاومة.‏

فإرادة الشعب هي الأقوى والمنتصرة وهذا ما يثبته أبناء العروبة اليوم ويعلنونأن القضية باقية في وجدان وضمير أبنائها من الفلسطينيين والشرفاء من أبناء الأمة، وأن الأجيال العربية الشابة هي أكثر تمسكاً بحقوقها ولن تستطيعكل أنواع التضليل أن تمحي من الذاكرة الشعبية فلسطين وحق العرب فيها…وأن شعبنا العربي وفي مقدمته الفلسطينيون لن يتخلوا عن أرضهم وحقوقهم وستبقى جذوة المقاومة متقدة حتى تتحرر كل الأراضي العربية المغتصبة وفي مقدمتها فلسطين وإعادة الحقوق المشروعة كاملة غير منقوصة
 

الوسوم (Tags)

آل سعود   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   كتبه ياسين بن علي......تعريف الوهابية
الوهابية"، نسبة إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1115هـ/1703م - 1206هـ/1792م)، حركة إصلاحية دينية سياسية ظهرت في القرن 12هـ الموافق للقرن 18م في منطقة نجد وسط شبه الجزيرة العربية. وتعرف اليوم باسم "السلفية". يقول الدكتور عبد الله العثيمين (في بحوث وتعليقات في تاريخ المملكة العربية السعودية ص11): "كلمة "الوهابية" ذاتها... صفة يطلقها كثير من الدارسين على أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في العقيدة، وعلى الذين لبوا دعوته وانضموا إلى الدولة التي قامت على أساسها في وسط الجزيرة العربية، كما تطلق على عقيدة ذلك الشيخ ودعوته أو حركته. ومن الواضح أن النسبة في الكلمة، وإن تكن أقرب إلى اسم والد الشيخ من اسم الشيخ نفسه، نسبة صحيحة من الناحية اللغوية. ذلك أنها لا تختلف مثلا عن نسبة الحنبلية إلى أحمد بن حنبل". ويرى بعض الناس أنّ مصطلح "الوهابية" غير صحيح ولا يعبّر عن الحركة وإنما يراد به تشويهها، وهو ما عبّر عنه الملك عبد العزيز آل سعود "في خطابه الذي ألقاه في القصر الملكي بمكة، يوم غرة ذو الحجة عام 1347هـ الموافق 11 مايو عام 1929م بعنوان (هذه عقيدتنا) جاء فيه قوله: يسموننا "بالوهابيين" ويسمون مذهبنا "الوهابي" باعتبار أنه مذهب خامس، وهذا خطأ فاحش، نشأ عن الدعايات الكاذبة التي كان يبثّها أهل الأغراض". (نقلا عن: تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية، للدكتور محمد بن سعد الشويعر، ص132). ولكن سبق لمطبعة المنار بمصر أن طبعت بأمر الملك عبد العزيز آل سعود نفسه سنة 1342هـ كتاب "الهدية السنية والتحفة الوهابية النجدية لجميع إخواننا الموحدين من أهل الملة الحنيفية والطريقة المحمدية" لسليمان بن سحمان النجدي (ت1349هـ). فعنوان الكتاب الذي طبع بأمر الملك عبد العزيز يقرّ استعمال مصطلح "الوهابية"، بل أكّده صاحب الكتاب بقوله في مقدّمته (ص3): "... حقيقة ما عليه أهل الإسلام الموحدين من أهل نجد المشهورين بالوهابية..."، وأكّده أيضا الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب (ت1367هـ) بقوله في الكتاب نفسه (ص92): "... وصار بعض الناس يسمع بنا معاشر الوهابية ولا يعرف حقيقة ما نحن عليه...". وللعلم، لم يطلق الوهابيون الأوائل على أنفسهم أو حركتهم اسما بل كانوا يصفون أنفسهم بـ"المسلمين" و"الموحدين" كما جاء في تاريخ ابن غنّام (ت 1225ه) وابن بشر (ت1290هـ)وغيرهما. قال الدكتور منير العجلاني (في تاريخ البلاد العربية السعودية، الدولة السعودية الأولى، الجزء الثاني ص279): "استعمل المؤرخان النجديان ابن غنام وابن بشر كلمة "المسلمين" في تسمية أتباع الدولة السعودية الأولى عامة، ومقاتلتها خاصة، وربما أطلقا عليهم اسم "الموحدين" أيضا، وكلا التسميتين تبدو اليوم غريبة.. وكأن فيها لونا من ألوان التحدي للآخرين والشكّ في صحة معتقداتهم.. كانوا يطلقون على أنفسهم اسم "المسلمين" – أو "الموحدين" – يختصون به قومهم دون غيرهم، حتى أزالوا معالم الشرك والشركيات، وقضوا على الجهل والخرافات، وبذلك تحققت مقاصد الدعوة، ولم تبق اليوم حاجة – في اعتقادنا – إلى هذا التخصيص الذي كان يقترن بمرحلة معينة من التاريخ". وقال الدكتور عبد الله العثيمين (في بحوث وتعليقات في تاريخ المملكة العربية السعودية ص11-12) وهو ممن استعمل مصطلح "الوهابية" في كتابه: "أما أنصار دعوة ابن عبد الوهاب؛ خاصة فيما مضى، فإنهم لا يرضون بالتسمية المشار إليها، وإنما يسمون أنفسهم ودعوة إمامهم تسميات أخرى. فأحيانا يسمون أنفسهم المسلمين واحيانا اخرى السلفيين ويسمون الدعوة التي لبّوها دين الإسلام. وأحيانا يستعملون صفات أكثر التصاقا بطبيعة الدعوة، فيطلقون على أنفسهم اسم الموحدين، ويطلقون على دعوتهم دعوة التوحيد، أو الدعوة السلفية، أو الدعوة فقط... ولكن عددا قليلا من التابعين لدعوة ابن عبد الوهاب، أو المتعاطفين معها، بدأوا في السنوات الأخيرة لا يتحاشون استعمال كلمة "الوهابية" في كتاباتهم. ويبدو أن هذا الموقف جاء نتيجة اعتقاد هؤلاء بأن ما كان يدعو إليه ذلك الشيخ قد بات واضحا بدرجة كبيرة...". وعليه، فإننا نرى أنّ أدقّ مصطلح يمكن استعماله للتعبير عن هذه الحركة وتمييزها عن غيرها هو مصطلح "الوهابية"، وبخاصة إذا كان الحديث عنها يتعلّق بزمن نشأتها وظهورها
التونسي  
  0000-00-00 00:00:00   جاية اليوم
كلو بوقتو حلو ولح يجي اليوم يلي ينتهوا في كل الخونة
ظافر حجو  
  0000-00-00 00:00:00   غالي
الوطن غالية الله يحمي بلدي منهل خونة يلي عم يحاولوا تدمير البلاد العربية
يارة حشو  
  0000-00-00 00:00:00   فتن
حاولوا زرع الفتن في سوريا كما زرعوا الفتن في فلسطين
بسام نالي  
  0000-00-00 00:00:00   خيانة
من زمان الخيانة بدمهن مو شي جديد
تامر اسو  
  0000-00-00 00:00:00   حساب
باذن الله سيكون الحساب عسير ولن يستطيع احد الدفاع عنهم
هالة الدق  
  0000-00-00 00:00:00   السعودية
السعودية بلد مسيس ومستحيل تساوي اي شي اذا ما كان بيخدوم مصلحتها ... من سابق عهدها وهيي هيك .... المصلحة فوق كل شي
سارة الهاني  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz