دام برس - بلال سليطين :

عرفت البشرية ثلاثة عصور للكلمة، الأول قبل آلاف السنين حيث ظهرت الكلمة المكتوبة، والثاني قبل مئات السنين وفيه عرف الناس الكلمة المطبوعة، أما الثالث فهو عصرنا الحديث حيث طفى على السطح نوع جديد هو الكلمة الالكترونية أو ما يعرف بالنشر عبر الانترنت، وفي كل المراحل تلك حفظت الكلمة ونقلت إلى المهتمين والمتابعين وحتى الأجيال اللاحقة، لكن النقل كان صعباً في المرحلتين الأولى والثانية، فيما شكلت المرحلة الثالثة ثورةً حقيقية في عملية النشر ونقل المعلومة حيث أصبح بمقدور المتلقي الاطلاع على الكلمة على الفور بعد كتابتها ونشرها بأجزاء من الثانية، وحفظها كمرجع يعود إليه متى شاء.

والنشر عبر الانترنت شكل عملية جذب للعاملين في مجال الإعلام الذين شرعوا بإنشاء مواقع لصحفهم على الشبكة العنكبوتية حتى لا يفقدوا علة وجودهم، وبالتالي بدأ يظهر نوع جديد من الإعلام عرف باسم الإعلام الالكتروني وهو إعلام يمتلك خصائص ومميزات جديدة شكلت فيما بعد خطراً على الصحافة التقليدية وقد تجلى ذلك في سعي مختلف الجرائد والمجلات العالمية لإنشاء مواقع لها على الشبكة، وكانت أول نسخة إلكترونية في العالم هي للصحيفة الأمريكية \"سان جوزيه ميركوري نيوز \" والتي صدرت في العام 1993م وبعدها بثلاث سنوات تعدت الصحف الإلكترونية الـ1500 صحيفة حول العالم ، أما عربياً أصدرت أول صحيفة عربية نسختها الإلكترونية منذ أكثر من ثلاثة عشر سنة وهي صحيفة الشرق الأوسط وتزامن معها إصدار صحيفة النهار اللبنانية ، وبعدها تعددت المواقع التي تحمل أسماء صحفنا العربية الكثيرة.

ومع تحول الصحافة الالكترونية إلى حقيقة واقعة كان لابد للباحثين والدارسين من وضع تعريف لها، حيث عرفها البعض بأنها " نوع من الاتصال بين البشر، يتم عبر الفضاء الإلكتروني - الإنترنت وشبكات المعلومات والاتصالات الأخرى - تستخدم فيه فنون وآليات ومهارات العمل في الصحافة المطبوعة، مضافاً إليها مهارات وآليات تقنيات المعلومات التي تناسب استخدام الفضاء الإلكتروني كوسيط أو وسيلة اتصال، بما في ذلك استخدام النص والصوت والصورة والمستويات المختلفة من التفاعل مع المتلقي، لاستقصاء الأنباء الآنية وغير الآنية، ومعالجتها، وتحليلها، ونشرها على الجماهير عبر الفضاء الإلكتروني بسرعة ".

كما عرفت الصحافة الإلكترونية بأنها " وسيلة من الوسائل متعددة الوسائط، تنشر فيها الأخبار والمقالات، وكافة الفنون الصحفية عبر شبكة المعلومات الدولية – الإنترنت- بشكل دوري وبرقم مسلسل، باستخدام تقنيات عرض النصوص والرسوم والصور المتحركة وبعض الميزات التفاعلية، وتصل إلى القارئ من خلال شاشة الحاسب الآلي، سواء كان لها أصل مطبوع، أو كانت صحيفة إلكترونية خالصة ".

خصائص ومميزات الإعلام الإلكتروني:

تتمتع الصحافة الالكترونية بمجموعة من المميزات والخصائص على صعيد النشر والمعلومة واستقطاب القراء وتوفير الجهد والمال على صاحب الصحيفة او ممولها، وتتلخص هذه الخصائص والميزات بـ:

أزاحت الصحافة الالكترونية هم الرقابة عن كاهلها، وأصبح بمقدور الصحفي نشر ما يشاء من خلف كمبيوتره دون أن يمر على الرقابة أو يخضع للقانون، حيث يمكن أن يكون مركز الصحيفة في ألمانيا وهي تنشر أخباراً عن سورية دون التقيد بقوانين النشر السورية.

تخطت الصحافة الالكترونية حدود المحلية واستطاعت اجتياز الحدود والوصول إلى أبعد نقطة في هذا العالم عن طريقة شبكة الانترنت.

سهلت على المتلقي متابعة الأخبار بحيث أصبحت تأتيه إلى منزله بدل أن يذهب هو لشراء الجريدة ومتابعة أخبارها وبالتالي وفرت عليه الجهد والوقت والمال.

سرعة نقل الخبر ونشره ليصل إلى كل العالم بنفس الوقت وبتكلفة بسيطة جداً مقارنة مع تكلفة الإعلام الورقي...( أعلنت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" عن إيقاف نسختها الورقية نهائيًّا (بعد انخفاضها إلى 200 ألف نسخة)، والاكتفاء بنسختها الإلكترونية (التي يتجاوز زوَّارها المليون قارئ)، أما صحيفة اللوموند الفرنسية، فوصلت إلى حافَة الإفلاس؛ (حيث وصلت ديونها إلى 150 مليون يورو العام الماضي)، في حين تحقق نسختها الإلكترونية نجاحات متواصلة بين الشعوب الناطقة بالفرنسية)(3).

إتاحة الفرصة لحدوث حالة من التفاعل بين القارئ والكاتب. (وسائل الإعلام التقليدية لديها خطاب من طرف واحد مع الجمهور ، وليس من طريقة  للتدقيق فيما تقوله أو فيما تكتبه  بينما الصحافة التشاركية (الالكترونية) ، على العكس من ذلك تستمد قوتها من المتابعة والموثوقية المتواصلة التي يسهم فيها باستمرار عدد كبير من الناس. فبفضل ثورة الاتصالات بات  بوسع أي إنسان أن يعبر عن رأيه ، أن يوافق على ما قيل أو يرفضه)(4).

إضافة ميزة جديدة للإعلام وهي "الخبر المتجدد" حيث بإمكان العاملين في الصحيفة أن ينشروا معلومات متلاحقة عن نفس الخبر، تضاف إلى نفس المادة الخبرية الأساسية، كأن ينشر الصحفي خبراً عنوانه (آخر التطورات في سورية... الخبر متجدد).

الصحافة الالكترونية ألغت المكاتب الثابتة، وأصبح الكمبيوتر هو المكتب ومن خلاله يصوغ الأخبار وينشرها ويتلقى الردود وووو إلخ، وبالتالي فان ممول الصحيفة بإمكانه إلغاء المقر إذا أراد، وكذلك الصحفي ينتهي من مشكلة العودة إلى الجريدة لكي يسلم الخبر ويستطيع إرساله وهو في منزله أو من أي مكان يتوفر فيه الانترنت.

الصحافة الالكترونية ومن خلال زاوية "مساهمة القراء" بدأت تكتشف صحفيين هواة وأصبحت وسيلة لهم لإثبات قدرتهم ومواهبهم الكتابية.

إمكانية المتلقي العودة للخبر في أية لحظة يريدها ولو بعد سنة من نشره وهو جالس في منزله.

معرفة رأي الشارع (المتلقي) بقضية معينة من خلال ميزة استطلاعات الرأي والاستفتاءات وما إلى ذلك، كأن تقوم الصحف بطرح سؤال على المتلقي هل توافق على قرار معين للحكومة، ومن خلال الإجابات يمكن أن تنشر الوسيلة مادة إعلامية إحصائية وقد تكون ناقدة للقرار أو داعمةً له حسب نتائج الاستطلاع.

خففت عن الصحفي عبء الأرشيف الورقي، ومكنته من جعلها أشبه بأرشيف له يعود إليها متى احتاج معلومةً معينة.

12- الصحافة الالكترونية مكنت من خلق منابر إعلامية تعاونية تحاكي قضايا إنسانية ومدنية كموقع "مرصد نساء سورية".

أتاحت إمكانية إرفاق صور ثابتة ومتحركة مع الخبر، مما يغني المادة الصحفية ويجعلها أكثر جذباً.

إمكانية معرفة عدد قراء كل مادة صحفية تنشر في الموقع، وبالتالي معرفة المواد التي تجذب القراء والتي لا يهتمون لها، ومعالجة أي مشكلة تكتشف في عملية النشر واستقطاب القراء أو تراجعهم عن متابعة أخبار الموقع.

إمكانية نشر تسجيلات لحوارات يجريها الصحفيون في الموقع، أو تسجيلات مسربة لفضائح وما إلى ذلك.

على الصعيد العربي المساهمة في إغناء المحتوى الرقمي العربي على شبكة الانترنت، تجربة مدونة وطن نموذجاً www.esyria.sy

إمكانية تضمين المادة نفسها على مفاتيح لمواد أخرى عن طريق الكلمات المرتبطة بتلك المواد، كأن يذكر ضمن المادة "قانون الصحافة السورية"، ويكون بمقدور القارئ الضغط على جملة "قانون الصحافة السورية" لكي يذهب إلى رابط جديد ويقرأ نص القانون.

ضم كافة وسائل الإعلام بين جوانبه، حيث أصبح هناك التلفزيون الالكتروني، الراديو الالكتروني، والصحيفة الالكترونية، وكلها من الممكن أن تكون بنفس الموقع (مؤسسة دام برس الإعلامية نموذجاً، www.dampress.net)، يضاف إليها المدونات وبعضها مدونات تستخدم المادة الفلمية وهي توثق معارف معينة كالتراث اللامادي مثلاُ والذي تقوم بتوثيقه "مدونة الموسيقى السورية" (مشروع توثيقي تتبناه مدونة وطن – الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية).

جدير بالذكر أن الزميل بلال سليطين كان قد ألقى محاضرات في الاعلام الالكتروني ضمن ورشة لتدريب الاعلاميين الشباب من اتحاد شبيبة الثورة في مبنى الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية باللاذقية، تحدث خلالها عن خصائص ومميزات الاعلام الالكتروني وكيفية استثمارها من قبل الاعلاميين الشباب.