دام برس:
الأزمات التي تتعرض لها الدول العربية، وحالة الارباك والتوترات التي دفعت بالمنطقة الى حالة من عدم الوضوح والتخبط والضبابية وعدم القدرة على تقدير المستقبل، أوعلى الاقل وضع الاحتمالات المعقولة والسيناريوهات الافضل للتعامل مع المستجدات،أدخلت معظم الأنظمة الحاكمة في العالم العربي وبالتحديد في منطقة الخليج فيحالة من التأهب والاستعداد الدائم واليقظة لمواجهة أية مؤثرات يمكن أن تؤدي الىزعزعة استقرار تلك البلدان وصولا الى سقوط الانظمة الحاكمة فيها، أو دخولها فيحالة ارباك شديد يجعل الاوضاع فيها تخرج عن السيطرة وتنتهي بشكل لا تتمناه تلك القيادات في الدول الخليجية.
ويقول خبراء في شؤون الشرق المنطقة لـ (المنــار) أن العديد من الدول الخليجية تواجه أخطارا وتحديات كبيرة، وضعتها في حالة انتظار وترقب قسري للمجهول القادم، وترافق حالة الانتظار هذه استعدادات وخطوات يصفها قادة هذه الدول بالوقائية ووضع المتاريس في محيط قصور العائلات الحاكمة لمواجهة هذا الخطرالقادم.
ويرى الخبراء أن على رأس تلك الدول التي بدأت مبكرا استعدادات وخطوات من عسقوط الحكم فيها هي السعودية، وهي ليست الوحيدة في الخليج التي تقوم بخطوات احترازية ووقائية، انما هي الأبرز والاكثر عرضة للتغيير المفاجىء والانفجار الغاضب من داخل المملكة، في ظل حالة الجمود الطويل في تنفيذالاصلاحات المطلوبة وافساح المجال أكثر لمشاركة الشباب السعودي في ادارة شؤون البلاد وتوزيع الثروات بالشكل المطلوب الذي يحقق أدنى مستويات العدالة الاجتماعية.
وتكشف دوائر خاصة مطلعة لـ (المنـار) أنه في هذا السياق تشكلت وبشكل غيرمرغوب به، وغير مخطط له "خلية عمل” من قيادات سعودية شابة من العائلة الحاكمة في السعودية يجمع أعضاؤها قربهم من الولايات المتحدة وأجهزتها المختلفة، وهذه الخلية تضم في صفوفها العديد من الأمراء الذين تسلموا ملفات العلاقة السعودية الامريكية في ميادين ومجالات مختلفة، وعمل أفراد هذه الخلية هو البحث عن العلاجالافضل والشكل الوقائي لمجابهة التهديدات المرتقبة، يجري تطويرها فيما بعد وعبرالتشاور مع "الاصدقاء” في المؤسسات الامريكية السياسية والاستخبارية الى درجة نشوء شبكة من الامراء في اطار خلية ازمة، تدير الوضع السياسي والأمني فيالمملكة، وتتابع الاتصالات مع الولايات المتحدة وتساند خطط ادارة اوباما من أجل"التغيير” في الشرق الاوسط، أملا في ابقاء المحطة السعودية بعيدة قدر الامكان عنقطار التغيير الامريكي، وفي نفس الوقت محاولة البحث عن المسار الآمن، من أجلتمتين وتعزيز الحكم والتوصل الى صيغة مناسبة لشكل التغيير الذي تؤمن به الولايات المتحدة وتتمناه السعودية ، يكون في اطار العائلة الحاكمة وهو بالفعل ما تمكنت هذه الخلية من تحقيقه وانجازه بشكل كبير.
ويرى خبراء في شؤون المنطقة أن حجم التورط السعودي فيما يحصل في المنطقة أصبح كبيرا للغاية، وتجاوز كل الحدود والعوائق التي وضعها افراد هذه الخلية فيبداية عملهم لمنع أي تصادم غير مضمون النتائج مع بعض الجهات والبلدان العربية،لكن، الامور لم تتقدم ضمن المسار الامن الذي تمناه هؤلاء، فالسعودية اليوم غارقةفي اللعبة الامريكية، وفي حال فشلها فان ذلك سيكون فشلا ذريعا للعائلة الحاكمة في السعودية وبصورة اساسية للاطراف التي اقنعت الملك السعودي والحرس القديمبأهمية تبني أفكارهم والسير على خطى مسارهم الذي وصفوه طويلا بالامن، لكن،السياسة الأمريكية في المنطقة موجودة اليوم في أعماق الوحل الشرق أوسطي،وهناك محاولات سعودية للانفصال بصورة غير نهائية عن المركب الامريكي ومدالخيوط باتجاه دول وأطراف تجابه الولايات المتحدة أملا في اعادة صياغة وتأهيل المسار الامن في السياسة السعودية الخارجية.
لكن، يضيف الخبراء ، أنه حتى الان لم تنجح تلك المساعي، فاما أن تكون في المرك بالغارق وتغرق معه، واما أن تقفز وتحاول الوصول الى شاطىء الامان، عندها يمكنأن يكون الانفصال الحقيقي، فلا يمكن للسعودية أن ترقص في عرسين في وقتواحد.