خاص دام برس - تحقيق - بلال سليطين :

انطلقت صباح اليوم الأحد حملة لمقاطعة مجموعة من السلع التي ارتفعت أسعارها مؤخراً ارتفاعاً قياسياً لدرجة أصبح شراءها يشكل عبئاً على الأسرة السورية التي تعاني من ضعف القدرة الشرائية بسبب الظروف التي فرضتها الأزمة السورية.

الحملة التي جرى التسويق لها على صفحات الفيسبوك قبل أيام تتضمن مقاطعة "الفروج، البيض، الألبان، الأجبان" على أن تستمر مدة المقاطعة لأسبوع قابل للتمديد في حال لم يستجب التجار والتموين ويقوموا بتخفيض الأسعار حسب قول المروجين للحملة.

يقول القائمون على الحملة أنهم لن يسكتوا بعد اليوم على هذا الغلاء الغير مبرر، ولا عن تحكم التجار بقوت يوم الناس، خصوصاً من وصفوهم بتجار الأزمة الذين باعوا ضمائرهم منذ زمن، وهم يدعون كل الناس للمشاركة بالحملة باعتبار أنها لا تفيد فرداً أو مجموعةً معينة وإنما هي تفيد الشعب ككل باعتبار أن نتائجها ستنعكس على الجميع في حال نجحت وكان هناك استجابة كبيرة لها.

اختيار هذه المنتجات بعينها جاء لمجموعة من الأسباب حسب وصف الحملة، حيث يقولون أن أسعار "البيض والفروج" أسعار جنونية في وقتنا الحاضر، حيث وصل سعر صفد البيض اليوم "475" ليرة سورية،  وهذا السعر غير منطقي نهائياً باعتبار أن صفد البيض يجب أن يكون سعره "200" ليرة سورية حسب تقديرهم.

أما الفروج الحي فسعر الكيلوغرام منه اليوم /360/ فيما كيلو السفن أو صدر الدجاج /600/ وكيلو الأفخاذ /420/.

ويرى من كتب بيان الحملة أن هذه الأسعار غير منطقية أبدآ ولا تناسب المواطن السوري ذو الدخل المحدود وخاصة أن أعداد كبيرة من المواطنين الآن بلا وظائف ولا عمل، وبالتالي إن عودة سعر كيلو الفروج الحي إلى /150/ ليرة سورية حتى يصبح المواطن قادراً على شرائه (لاضرر ولا ضرار).

أما عن  "الألبان والأجبان"، فقد وصل سعر كيلو اللبن ل120 ليرة أحياناً وهو إنتاج محلي يجب عودته إلى سعره المنطقي /60/ ليرة سورية، وكيلو اللبنة وصل 300 ليرة يجب عودة كيلو اللبنة 150 ليرة سورية، كيلو الجبنة المسنرة اليوم بين 800 والألف ليرة يجب عودتها ل 400 ليرة سورية، قرص الشنكليش 50 ليرة كان 10 ليرات بدنا ينخفض سعره ل 20 ليرة سورية، وكل ذلك بحسب بيان الحملة.

الملفت في الحملة أنها لا تغفل أولئك الذين يضطرون لشراء هذه المواد بعينها، وهي تدعو هؤلاء لتعزيز دور الدولة في هذا الخصوص، ودعمها لكون الحملة لاتهدف لمقاطعة الدولة، حيث وضحت الحملة أن من لايستطيع الالتزام بالمقاطعة فليلتزم بمقاطعة التجار فقط والشراء من صالات ومؤسسات الدولة حصراً.

الحملة لم تحدد محافظةً بعينها وانما شملت كل محافظات القطر من حيث الدعوة لها، وجاء فيها:«أكبر حملة سورية في جميع المحافظات السورية لمقاطعة ومحاربة تجار الأزمة والمحتكرين، نحن شباب سورية الواعي نطالب بضبط الأسعار وإجبار التجار بالأسعار التموينية وتسيير دوريات شريفة وغير مرتشية لمراقبة الأسعار بشكل يومي فالوضع أصبح لا يحتمل وفوق مقدرة الشعب السوري سنحارب التجار بتجارتهم سنقاطع ولن نشتري حتى تكسد وتفسد بضائعهم فالأسعار أصبحت لاتطاق نعلم أن وطننا بأزمة ولا نطالب بعودة الأسعار قبل 2010 لكن نريد أن تصبح معقولة بما يتناسب مع سعرها ومقدرة المواطنين».

وأشار القائمون على الحملة إلى أنها لن تنتهي عند هذه المواد فقط، حيث تم وضع برنامج يضم أهم المواد التموينية التي ستتم مقاطعها، وستبدأ بالتدريج حتى يصل صوتهم للمسؤولين ويشعر التجار بأن رفع الأسعار لن يعود عليهم سوى بالضرر والخسارة، وقالوا أنهم ما عادوا يرون في الكثير من التجار ضميرا، فالضمير مات منذ زمن طويل حسب وصفهم.

الحملة لاقت استجابةً واسعة على صفحات موقع التواصل الاجتماعي وانضم لها بسرعة قياسية حوالي /11000/ مشترك في الفيسبوك، وقد طالب المنضمون بتطويرها وتنفيذ اعتصامات ميدانية في الشوارع علهم بذلك أيضا ًيتمكنون من إيصال صوتهم للتجار وإحراجهم على الأقل أمام عائلاتهم إن لم يكن أمام وطنهم وأنفسهم.

فيما دعت بعض المجموعات الشبابية إلى القيام بجولات ميدانية في الأسواق ودعوة الناس إلى المقاطعة وجهاً لوجه نظراً لوجود أشخاص كثر لا يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعية.

دام برس أجرى جولةً في بعض الأسواق السورية في اليوم الأول للحملة، وقد بدا واضحاً التزام عدد من الناس بها فيما لم يكن البعض قد سمع بها حتى الآن، وأشارت سيدة في الخمسين من العمر أنها لن تشتري الحاجيات التي تم الإعلان عنها حتى تنخفض أسعارها، فيما قالت سيدة أخرى أنها لم تسمع بالحملة بعد، ودعت لمزيد من التسويق لها حتى تصل إلى الجميع ويلتزم بها أكبر قدر ممكن من المواطنين.

بدورهم التجار لم يخفوا خوفهم من الحملة التي قد تؤدي الى تراجع تجارتهم خلال هذا الأسبوع وبالتالي تكبدهم لخسائر مالية كبيرة لكون هذه المواد تفسد بسرعة في حال لم يتم تسويقها بشكل يومي.

خبراء الاقتصاد رؤوا في المقاطعة خياراً موفقاً وأكد بعضهم أن من شأنها تخفيض الأسعار إلى النصف في حال التزم بها شريحة واسعة من المواطنين.

هذه الحملة تضع المواطن السوري أمام التزاماته تجاه نفسه وتجاه أولاده وتجاه وطنه ككل، فهي تقول له لا تعتمد في كل شيء على الدولة فإن لك قدرة تفوق قدرة الدولة في حال شكلت مع شركائك في الوطن قوةً شعبية ضاغطةً يخشاها التجار قبل أن يخشاها المسؤولون.