دام برس :

أشعلت الميليشيات "المعتدلة" أميركياً أمس الجبهة الجنوبية لمدينة إدلب، في محاولة "يائسة" منها لإيقاف التقدم السريع الذي حققه الجيش السوري في الأيام الماضية باتجاه المدينة بعد سيطرته على قرى إستراتيجية كانت تشكل عمقاً مهماً للمسلحين الذين توحدوا تحت مسمّى "جيش الفتح" حيث سيطروا على مدينة إدلب بقوام مقاتلين يقدر بـ8000 مقاتل الشهر الفائت، فأعلنوا أمس "معركة النصر" بقوام جديد لايقل عن 12000 مقاتل بينهم 3000 أجنبي، إضافة إلى كتيبة من "المهاجرين التركستان"، وهي كتيبة "انتحارية" تعتمد عليها الميليشيات المتطرفة في خرق خطوط الدفاع الأولى للجيش العربي السوري إما بالسيارات المفخخة أو الانغماسيين، وهذا ماحصل أمس بالفعل، حيث افتتح "المهاجمين" معركتهم التي أطلقوها على ثلاث جبهات هي "معسكري المسطومة والقرميد" و"جسر الشغور" و"سهل الغاب"، بسبع سيارات مفخخة استطاعت الوحدات المدافعة تفجيرها قبل وصولها إلى هدفها، أرفقوها بهجوم بري شاركت فيه كلاً من "جيش الفتح، جبهة النصرة، جيش الإسلام، أحرار الشام، شام الإسلام، أنصار الشام، المهاجرين التركستان"، لينتهي الهجوم "الفعلي" فجر الخميس بدون تحقيق أي هدف من الأهداف التي تم وضعها على قائمة الهجوم الأعنف أمس.

اعتمدت "معركة النصر" التي أعلنتها الميليشيات المتطرفة بالدرجة الأولى أمس، على تحقيق تقدم "مؤثر" من جهة معسكر "القرميد" جنوب غرب مدينة إدلب، لما له تأثير استراتيجي على الميليشيات التي سيطرت سابقاً على مدينة إدلب ووجدت نفسها محاصرة بـ"قفص" أوقعها الجيش السوري فيه بعد انسحابه من عمق مدينة إدلب، إضافة إلى أن السيطرة على المعسكر تعني محاصرة "معسكر المسطومة" الذي يقع على نسق "القرميد"، والذي يتولى عمليات التمهيد للقوات المهاجمة باتجاه مدينة إدلب، أضف إلى ذلك دوره في استهداف الميليشيات المسلحة في مدينة إدلب والتي أسقط لهم عشرات القتلى نظراً لإشرافه على عمق المدينة، لكن صمود معسكر القرميد والتكتيك العسكري "المحضر" سابقاً أفقد الميليشيات المهاجمة عنصر الالتفاف وأوقعهم تحت مرمى صواريخة ومدفعيته، إضافة إلى قيام سرايا "صائدوا الدروع" باستهداف السيارات المفخخة القادمة لضرب خطوط دفاعه الأولى، والتي بالمناسبة وخلافاً لما بثته وسائل إعلام "المعارضة"، لم تضطر عناصر خطوط الدفاع للانسحاب من مواقعها بل على العكس قامت بشن هجوم صاروخي أجبر الميليشيات على الانسحاب مع نهاية يوم أمس.

التكتيك العسكري الذي اتبعه عناصر "القرميد"، ذاته قام به عناصر حماية "معسكر المسطومة" وعناصر الكمائن التابعة له في قلب بلدة المسطومة، حيث قاموا بعملية استجرار للميليشيات المهاجمة باتجاه الكمائن التي قامت على الفور بضرب خطوط الهجوم التابعة للميليشيات مدمّرة لهم المدرعات "المفخخة" والناقلة لمقاتليهم، ترافق ذلك مع رمي صاروخي ومدفعي منع الميليشيات من الانسحاب إلا بعد أن خسروا العشرات من مقاتليهم وعرباتهم المدرعة، إضافة إلى تدمير أكثر من خمس دبابات كانوا يستخدموها في استهداف قلب المعسكر، بينما لكتفت الميليشيات التي هاجمت كلاً من حواجز "جسر الشغور وسهل الغاب" بالاستهداف الصاروخي البعيد، بعد أن فشلت في الاقتراب من الحواجز العسكرية التي تفرض طوقاً قوياً في محيط المنطقتين اللتين يعتبرا "خزان عسكري" مهم للدولة السورية، مايمنحه مزايا أكثر خاصة على مستوى الصمود أمام الهجمة التي توزعت بقوام "4000" مقاتل على كل جبهة من الجبهات الثلاث، مع التوقع بأن تكون جبهة "معسكر القرميد" التي نالت الحصة الأكبر من الهجوم، قد جمّع لها المهاجمون لايقل عن 5000 مقاتل كون "إسقاطه" كان الهدف الأساسي على مايبدو لـ"معركة النصر"، التي تحولت مع انتهاء يوم أمس إلى "مجزرة" حقيقية بحق المهاجمين، دون أن يتمكنوا من قطع طريق حماة - إدلب من جهة سهل الغاب المتاخمة للريف الإدلبي الجنوبي.

لا يمكن القول "مبدئياً" بأن المعركة انتهت هنا، بل هناك توقع كبير لمعاودة تلك الميليشيات الهجوم مرة أخرى ولكن بنطاق أوسع هدفه تشتيت قوات الجيش السوري المدافعة عن مناطق سيطرتها، كما أن هجوم أمس نستطيع أن نسميه "هجوم جس نبض" رغم الخسائر الكبيرة التي وقع بصفوف الميليشيات، حيث يعتبر بقاء معسكري "المسطومة – القرميد" و"جسر الشغور" بيد الجيش السوري، خطر حقيقي يهدد مدينة إدلب التي لم تتسنّى للميليشيات المتطرفة حتى اليوم فرصة "الاحتفال" بالسيطرة عليها، إضافة إلى توسيع الجيش السوري لنطاق أمانه حول المعسكرين بعد سيطرته على "كفر نجد" و"المقبلة" و"نحليا"، وفرضه طوق عسكري على "فيلون" و"كورين" وسط أنباء شبه مؤكدة عن استغلال الجيش السوري لهجوم أمس، والتوغل باتجاه البلدتين والسيطرة على أطرافها الغربية مع تراجع الميليشيات المسلحة منها إلى عمق مدينة إدلب، خاصة بعد تأكد الميليشيات من فشل "معركة النصر" التي أعلنوها.

لاشك أن الدعم اللوجستي الذي قدّمته تركيا بشكل "أساسي" ومعها السعودية أمس للميليشيات المتطرفة السبعة التي هاجمت حواجز الجيش في "معمل السكر وبشلامون و الكلاوي و البراد و المياه و المشفى الوطني والأمن العسكري و زليطو و فريكة وتل حمكي والمنطار" من جهة إدلب، و حواجز "‏القاهرة و‏التنمية و ‏الزيارة و‏جورين وم‏تل واسطو و‏القرقور والمشيك" في منطقة ‫‏الغاب بريف حماة الشمالي والغربي، بنت عليه ميليشيات "معركة النصر" أمل كبير علّه يؤدي إلى نتائج شبيهة بما قدّمه في إدلب أو حلب سابقاً، لكنه حقيقة اصطدم بجهوزية الجيش التي تجاوزت منذ اللحظات الأولى "التشويش" على اتصالاته والعمليات الاستخباراتية المبنية على معلومات يتم تجميعها من قبل أذرع أنقرة في سوريا، لتحصد من الهجوم الخيبة ولو بشكل مبدئي، لكن وضمن العرف العسكري هناك مفهوم رئيسي يقول: "أن من يسيطر على ساعات المعركة الأولى ينتصر"، يبدو أن الجيش السوري قطع الطريق على تركيا في توسيع رقعة سيطرتها شمالاً كما فعل في ريف حلب الشمالي .. وحافظ على مخاوفها من إسقاط إدلب بالضربة القاضية، والتي على مايبدو أنها باتت قريبة وأن تركيا كما السعودية .. ستنسحب من المواجهة بعدما "تنحَر" ميليشياتها على مذبح جبهات القتال مع الجيش العربي السوري.

عربي برس - ماهر خليل