دام برس :

بالوقت الذي كانت فيه السعودية وتركيا "تحتفل" بجمود القتال على الجبهات السورية ظناً منها أن "الانتصارات" الأخيرة التي حققها "الثوار" في الايام الأخيرة كبّلت "مجنزرات" هذا الجيش وأبعدته عن أي "نصر" كان من المتوقع إنجازه خاصة على الجبهة الشمالية، كسرت هذه المجنزرات "جمودها" وتحركت باتجاه قلب "الثورة" المزعومة في ريف إدلب محطّمةّ تحصينات الميليشيات المتطرفة في قرى ذلك الريف والذي كان يعتبر بالنسبة لـ"غرفة عمليات الثوار" خط أحمر ممنوع تجاوزه، فهذه الخطوط كانت نقطة الانطلاق فيما سبق باتجاه مدينة إدلب للسيطرة عليها من قبل مايسمّى "جيش الفتح"، الذي وجد نفسه بعد "السيطرة على إدلب" واقعاً في مصيدة خطط لها الجيش السوري بهدوء، وانتقل "جيش الفتح" في لحظة معينة، من قوة مهاجمة إلى قوة منهكة تحاول الدفاع عن نفسها بعدما استدرجتها وحدات الجيش السوري و"جمّعتها" في عمق المدينة لتكون تلك الميليشيات التي زحفت إلى عمق المدينة للمشاركة في "النصر الإلهي" من كل حد وصوب، هدف ثابت لمدفعية الجيش السوري وصواريخه، بعد أن كانت موزّعة في عشرات القرى المحيطة بمدينة إدلب التي تنتظر بفارغ الصبر، لحظة إعلان الجيش السوري لساعة الصفر "الحقيقية" وتحريرها.

لم تتوقف السعودية وتركيا "الداعمتان الأساسيتان لجيش الفتح"، عن التفكير بطريقة تُخرج الميليشيات العالقة في الداخل الإدلبي من ورطتهم، ففي اليومين الماضيين حاولت تلك الدولتان تسريب خبر عبر صحيفة أميركية عن "تنسيق يجري الإعداد له بين الدولتين لتوسيع عاصفة الحزم اليمنية كي تشمل سوريا"، هذا الخبر لم يمر على مايبدو على القيادة السورية مرور الكرام لكن ليس كما تشتهي السفن السعودية والتركية، حيث قررت القيادة العسكرية بالبدء بعملية توسيع النطاق الآمن في محيط إدلب، لتتحرك القوات باتجاه القرى الاستراتيجية التي كانت تعتبر مراكز عمليات للميليشيات المتطرفة حيث كانت البداية مع تحرير "كفر نجد" وتبدأ أحجار الدومينو من بعدها بالتساقط، لتلحق "نحليا ومقبلة" وبعدها "كورين" التي تبعد عن مدينة إدلب 3 كلم بها، ويُفرض على "فيلون" حصاراً خانقاً دفع الميليشيات لطلب الدعم بمساعدة مواقع التواصل الاجتماعي، ولتظهر "الشروخ" بين الميليشيات المسلحة عندما وجّه انتقاد من قبل أطراف متطرفة مشاركة في المعارك بالمنطقة لما يسمّى "جيش الفتح"، بسبب رفضه المشاركة في الدفاع عن تلك القرى بحجة أن "القيادة لم تعطي الأوامر بالتحرك"، إلا أن مصدر موثوق من مدينة إدلب، قال لعربي برس أن الحقيقة تكمن في أن "جيش الفتح" أعادة انتشاره داخل المدنية تحسباً لأي هجوم مباغت من قبل الجيش السوري على المدينة، وأنه أعطى أوامر لعناصره بالاستنفار على مدار الساعة لصدر أي هجوم "متوقع" على المدينة، وأضاف المصدر، أن ميليشيات "الفتح" تعيش حالة من "الرعب" و"فقدان التوازن" بعد تمكن الجيش من إعادة تجميع نفسه وتوجيه ضربات قاسمة للتنظيم داخل المدينة، والتي كان آخرها أمس حين استهدفت مدفعية الجيش تجمعاً للميليشيات بصاروخ قتل مايقارب الـ40 عنصر من "جيش الفتح" داخل المدينة مساء أمس.

لاشك أن الدول الداعمة للميليشيات التي تقاتل في سوريا عل وجه الخصوص "تركيا - قطر – السعودية"، تشعر بالإحراج أمام الهزائم التي منيت بها الميليشيات التي تقاتل تحت رايتها، فمعركة حلب التي دارت منذ يومين بين المجاميع "القوقازية والشيشانية" ووحدات الجيش المدافعة عن عمق مدينة حلب، كان لها أثر سلبي على تلك الدول، خاصة وأنها تزامنت مع "تسريب" السعودية وتركيا لخبرية إعدادهما لحرب على سوريا بهدف إسقاط الحكومة السورية، حيث اعتمدت تلك المعركة على العنصر الإعلامي وفشلت ، بعد أن قامت وسائل الإعلام العاملة إلى جانب الميليشيات والمدعومة من تلك الدول بإشاعة سقوط قلب حلب "جمعية الزهراء – فرع الجوية" بأيدي الميليشيات المهاجمة، إلا أن وحدات الجيش التي صدت الهجوم الذي بدأ بتفجير نفق على أسوار "فرع المخابرات الجوية" الذي بات أشهر من نار على علم، وقامت بعدها بهجوم معاكس كبد الميليشيات المهاجمة مايقارب الـ300 قتيل "بحسب ماذكرت بعض الصفحات المعارضة"، ما أصاب الميليشيات بالإحباط لاسيما وأن الهجوم الأخير كان من بين عشرات الهجمات الفاشلة، التي لم تستطيع أن تجبر القوات المدافعة عن المنطقة على التراجع شبر واحد عن نقاط ارتكازها، بل على العكس، فبعد كل هجوم ينتهي المطاف بتلك الميليشيات بخسارة نقاط تحت سيطرتهم والتراجع مئات الأمتار في ظل هجمات معاكسة تشنها وحدات الجيش على مواقع "ثبات" تلك الميليشيات.

بعد فشل السعودية وحلفها العربي في تحقيق أي توازن "قوة" في اليمن بعد ثلاث أسابيع من عدوانها، قد تلجأ ذات الدول مع تركيا إلى تصعيد الوضع في سوريا كنوع من "الهروب إلى الأمام"، إضافة إلى أن تلك الدول وعلى مايبدو، فقدت الثقة بأي نصر قد تصنعه الميليشيات التي صرفت عليها مليارات الدولارات علّها تنجح في "إسقاط النظام" وفشلت في فعل ذلك، ما قد يدفعها إلى "التهور" والتدخل بشكل مباشر في سوريا على غرار "اليمن"، فهي بحاجة إلى "انتصار" حُرمت منه في اليمن، وما زاد الطين بلّة، انحسار ميليشياتها المقاتلة في سوريا أمام تقدم الجيش السوري في عدة مناطق سواء في إدلب أو ريف حلب الشمالي أو القلمون والزبداني، إضافة إلى انشغال تلك الميليشيات بتصفية بعضها كما يحدث في ريف درعا بين "النصرة والحر"، أو في مدينة إدلب بين فصائل "جيش الفتح" التي اتفقت على تدمير المدينة فيما بينها، بينما اختلفت على الراية التي سترفع على أنقاض تلك المدينة، وهذا يندرج على عدّة جبهات أخرى منها الريف الدّمشقي، وبالتالي فإنه من المرجّح اليوم أن تتخلى الدول عن دعمها لتلك الميليشيات والانتقال إلى "إعلان حرب" مع الدولة السورية ... قد تودي في نهاية المطاف إلى "انتهاء الأزمة السورية".

عربي برس - ماهر خليل