Logo Dampress

آخر تحديث : الأحد 16 حزيران 2024   الساعة 00:12:50
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
كرمى للوطن... عدنان صفي الدين الخطيب...أضخم بانوراما نضالية على جرف صخري .. أول قرآن كريم منحوت على الصخر في العالم

دام برس ـ طرطوس ـ سهى سليمان :

يبحث الناس عادة في المناجم عن الفحم والألماس ليبيعوه، بينما هو ومجموعة من النحاتين أنطقوا الصخور لتروي لنا رواية محكمة عادلة، قصة نضال حقيقي، جوهرها تلك الوجوه الثائرة التي أنارت مسامات الأحجار لتضيء لنا طريقنا، ولتخبرك أننا: باقون في هذه الأرض، نحن أصحابها، والمدافعون عنها، ونحن أصحاب الثورة الحقيقة، مهما أحرق المستعمر الفرنسي أرضنا وبيوتنا.

يحدثك عن ملحمة تاريخية، ليتابع نضال أجداده على طريقته، هو ابن أبيه صفي الدين، وحفيد جده الشيخ المجاهد خليل الخطيب.

صاحب فكرة عملاقة، وممول بلا حدود، لأن ما يقدمه إرث تاريخي حضاري ثقافي مبدع لا يقاس بالمال.. على طبق من صخر، أضخم منحوتة في الوطن العربي، قدمها لأبناء قريته ومحافظته، ولوطنه الأول والأخير سورية، الذي ما برح يدافع عن إعلاء اسمه بأياديه البيضاء وسواعده السمراء.

مؤسسة "دام برس" الإعلامية التقت السيد عدنان صفي الدين الخطيب من قرية برمانة المشايخ، وكان لنا هذا الحديث:

الشيخ الخطيب حافظ لمستودعات السلاح في ثورة الشيخ صالح العلي

متى بدأت هذه الفكرة؟ وماذا وددت أن تقدم من خلالها؟

كانت الفكرة تجول في خاطري منذ زمن بعيد، وبدأت بتنفيذها منذ سنوات، حيث وددت أن أكرّم المجاهد الشيخ خليل الخطيب وهو (جدي لوالدي)، وعرفاناً مني ومن أهل قريتي لأعماله الكبيرة وخدماته الجليلة، وتخليد عمله ونضاله في ثورة الشيخ صالح العلي وعلاقته بها خلال تلك الفترة.

لو تعطينا لمحة عن الشيخ المجاهد خليل الخطيب؟

ولد الشيخ المجاهد خليل أحمد الخطيب في قرية برمانة المشايخ عام 1875 وتوفي عام 1961م، وعاش فيها وعرف بالقاضي العادل والمحب، وكان أحد رفاق الشيخ صالح العلي في ثورته ونضاله ضد المحتل الفرنسي، إضافة إلى كونه المخبأ الأمين والحافظ لمستودعات السلاح للشيخ صالح العلي، حتى أن المستعمر الفرنسي حكم عليه بالإعداد نتيجة ذلك، وقام سلاحه الجوي بضرب مستودع الأسلحة في القرية وقاموا بإحراقها.

كان يعرف بقاضي منطقة بانياس في زمن الاحتلال الفرنسي، في وقت كانت فيه محافظتي طرطوس واللاذقية محافظة واحدة، وكان يحتكم إليه المتخاصمون لفض نزاعاتهم، لكثرة ما كان حكيماً وعادلاً في فصل المشكلات والخلافات المعقدة بين الناس، كان يختزن حلولاً ويقدمها للجميع مستنداً إلى القرآن الكريم بالدرجة الأولى وإلى خبرته في الحياة ثانياً.

البانوراما عمل لا منتهي، نضال وعطاء وأصالة

ماذا تضم البانوراما في شخصياتها؟ وما هي رمزية تلك الشخصيات؟

يمثل الشيخ خليل الخطيب الصورة المركزية للبانوراما، في حين قام النحاتون بحفر صور للمرأة العربية التي تمثّل مثالاً للعطاء والاستمرارية والأرض، ودلالة للحب الذي تقدمه لعائلتها، إضافة إلى وقوفها إلى جانب الثوار وتقديم الدعم والغذاء وشحذ الهمم ورفع الروح المعنوية العالية، كما نجد هناك نحت للحصان العربي، الذي يمثل الأصالة والوفاء التي يتحلى بها أهل القرية وسورية بشكل عام.

هل هناك إمكانية لإضافة شخصيات عليها؟

أطلقنا عليها اسم بانوراما وبالتالي فهي عمل غير منتهي، لكن هناك ثوابت أساسية في العمل ومن الممكن إضافة شخصيات عليها ضمن النطاق الذي نعمل به.

البانوراما هي عبارة عن ملحمة برمانة المشايخ أيام ثورة الشيخ صالح العلي، وكيف تعامل أهلها أيام الثورة ضدّ المحتل الفرنسي.

فنانون مبدعون خلاقون...

من هم المشاركون في هذا العمل؟

شارك في العمل الفنان علاء محمد صاحب التصميم، ومجموعة أخرى من الفنانين المتميزين وهم: (نزار بلال، قصي النقري، محمد علي محمد، حسن عزيز محمد، سامر الرومان، شورش فان، باسل إبراهيم).

أودّ أن أشكرهم جميعهم على تفانيهم في العمل وإخلاصهم، فاللوحة تثبت أن من عمل بها كانوا فنانون متفانيون خلاقون، اندمجوا مع الطبيعة ليكشفوا لنا عن أسرارها الدفينة، كما بذلوا جهوداً جبارة لإنجاز هذا العمل من خلال تحملهم العمل تحت شمس الصيف وثلج الشتاء.

كما أشكر كل من ساهم في توثيق هذا العمل المصور عمار الخطيب الذي كان له دوراً كبيراً في التصوير الفوتوغرافي والفيديو لكلّ مراحل العمل.

تمّ الاتفاق على نحت اللوحة على الجرف الصخري نفسه الذي كان يستخدمه الشيخ الخطيب لتربية النحل، ولذلك سميت تلك الصخرة "قلع النحلات"، وتبين الدراسات أن هذا العمل هو أكبر وجه ينحت على صخر في سورية.

كما أودّ أن أوجه شكري لأهالي القرية لما قدموه من تسهيلات ومساعدات لإكمال العمل.

لوحة بانورامية فريدة من نوعها على مساحة 200 م2 من الصخر

كم تبلغ المساحة المخصصة للعمل؟

منذ بداية عملنا في البانوراما أصريت على وجود اليد البشرية واستعضت عن الآلات باليد العاملة، بهدف إعطاء حيوية للعمل، وخاصة تفاعل اليد مع الصخر ولمزيد من الإبداع والفن.

المساحة المخصصة للعمل ما يزيد عن 200 م2 (عرض 42 م ، ارتفاع 5 أمتار)،

كيف تم التعامل مع هذه الصخور الكلسية؟

قبل أن يتم البدء بالعمل والنحت، قمنا بدراسة عن هذه الصخور، التي تبين بعد تحليل الخبراء أنها صخور قاسية جداً، متماسكة ولن تتأثر بعوامل الحت ولا يذهب منها سوى 1 سم كل 10 سنين، وهي محمية بشكل طبيعي، ففي كل سنة نجدها كما هي لا تختلف عما قبله إلا بشيء بسيط.

ففي فصل الشتاء يكون هناك لون غامق على الوجوه، بسبب عوامل الرطوبة أما في فصل الصيف يعود إلى وهجه وسيبقى مضيئاً إنشاء الله.

آيات القرآن الكريم مرصعة بالرصاص أو القصدير

إلى أين يأخذك الطموح بعد هذا العمل؟

تعرف قرية برمانة المشايخ بأنها ذات طابع إسلامي، أي أنها تطبق تعاليم الإسلام في المحبة والإخاء والسلام والعدل، حيث كان جدي الشيخ خليل الخطيب قاضي الثورة والمنطقة، وكان يستند في أحكامه على القرآن، فأضاءت فكرة نحت القرآن الكريم على جرف صخري استكمالاً للبانوراما، ليكون هذا العمل تاريخي بامتياز، أبدي، متميز فريد من نوعه في الوطن العربي وحتى في العالم.

حاولت أن أقدم شيئاً لوطني لبلدي في سورية، في ظلّ ما يقوم به البعض من اعتداءات لا إنسانية ولا إسلامية، فالإسلام براء مما يقوم به البعض.

تمّ تدشين العمل في عام 2011 على مساحة 2000 م2 التي نعتقد أنها كافية لهذا المشروع الضخم.

في ظلّ الأزمة الحالية يعمل البعض على تخريب وتدمير الآثار والحضارة التي بناها أجدادنا، في حين تعمل أنت على تكريس وترسيخ تاريخ نضالي منير من خلال تلك اللوحة البانورامية، والآن أنتم في صدد العمل على عمل آخر أكثر إبداعاً وتميزاً وتفرداً، ألا وهو نحت القرآن الكريم على الصخر في قرية برمانة المشايخ، لو تحدثنا عن ذلك؟

يمثّل العمل كتاب مفتوح وعليه ينحت كامل آيات القرآن مرصعة إما بالرصاص أو القصدير وفق الإمكانية، وسيتم التركيز على إمكانية قراءته بشكل واضح.

كانت الخطة الزمنية للعمل 3 سنوات، لكن نظراً للظروف الاقتصادية التي واجهتنا كأشخاص كممولين للعمل اضطرينا لوقف العمل بسبب فقدان التمويل، ولكننا وثقنا الفكرة وهي الآن لسورية الحبيبة.

لا شكّ أن هذا العمل هو عمل فريد من نوعه من حيث الضخامة والفكرة والنحت على جرف صخري، عمل سياحي ثقافي حضاري تاريخي، وقد تمّ نشر الإعلان عنه وتوثيق عملنا في أغلب وسائل الإعلام الرسمية، حيث رحب الجميع بهذه الفكرة ولاقت استحساناً كبيراً عن الجميع.

تتحدث عن نحت آيات القرآن الكريم على الصخر، ما رأي الدين بذلك؟

اتصلت بمفتي الجمهورية لأخذ رأيه بالموضوع، وقد أيد هذه الفكرة وتناقشنا معه حول فتوى النحت على الصخر خوفاً من تدنيس آيات القرآن الكريم، بحيث لا يمسّ ولا يدنس، وتم الاتفاق على أن يتمّ نقله على مجرى حديد، إضافة إلى تغطيته بالزجاج لمنع تأثره أو تلوثه بأي شيء، كما تمّ دعوة عدد من رجالات الدين من المحافظات كافة إلى قرية برمانة المشايخ وتمّ إعطائهم فكرة عن هذا العمل وأخذنا رأيهم به.

سورية مهد الحضارات...

ما هي رسالتك عبر هذه الأعمال الفنية المتميزة؟

وددت أن أثبت للعالم أن سورية مهد الحضارات وأن أبناء سورية مبدعون وخلاقون، فالشيء الذي توارثوه من أجدادهم ومن الأشوريين ومن زنوبيا وحضارة تدمر سيحافظون عليه وسيعملون على ترسيخه في عقول الجميع.

نحن عندما نقوم بهذا العمل فإننا نعكس الصورة الحضارية الموجودة في سورية، ونعكس شخصية الإنسان السوري المقاوم المجاهد في سبيل الوطن ويعكس الثورة الحقيقة التي خاضها المجاهدون ضدّ الاحتلالين الفرنسي والعثماني.

أما بالنسبة لما يحدث اليوم في ظلّ الأزمة التي نعيشها، فلا أجد أي وجه مقارنة بين من كان ولا زال يقاوم الاحتلال والعدوان، وبين شخص يحمل أفكاراً ظلامية غربية غريبة، يتبنى ويتكنى بها إسلامياً، فهو شخص مفخخ فكرياً، منوم مغناطسياً، معتمد على القتل والتخريب والتمثيل بالموتى وتدمير العقول والحضارات والإنسان، في حين نعمل نحن أبناء الوطن على بناء الإنسان والمحافظة على الآثار والحضارات التي ميزت بلدنا الحبيب.

لمن تهدي هذه الصروح الثقافية؟

أهدي هذا العمل وكلّ ما نقوم به لسيد الوطن ولسيد المقاومة الرئيس بشار الأسد، ولأهل قريتي ومحافظتي وبلدي الحبيب سورية.

وددت أن أسجل هذ الصرح  في وزارة الثقافة وقدمنا اقتراحات لتسجيله بهدف حمايته كقيمة فنية تاريخية حضارية، ولكن هناك عرقلة أو تأخير لا ندري سببه.

لأجل الوطن... وكلّ ما يخدم الوطن

بعد كلّ ما قدمته ومستعد لتقديمه، كثرت الأقاويل عن سبب عدم تواجدك مع فريق العمل الذي زار السيد الرئيس بشار الأسد، ما هو السبب؟

حين تمّت دعوة فريق العمل لم يعلمول أنهم ذاهبون للقاء السيد الرئيس، وأنا كنت بمكان يصعب التواصل معهم ولم أعلم بذهابهم، حيث قيل لي إنهم ذاهبون إلى دمشق لملتقى نحتي سيقام على مستوى سورية في محافظة طرطوس تحت عنوان: "طرطوس أم الشهداء"، الذي أقيم منذ فترة في مدينة الشيخ بدر على أن يكون دائماً لإقامته في كل عام بمنطقة مختلفة من ريف طرطوس.

وهنا اقترح أن يقام الملتقى في مناطق نائية من ريف طرطوس، حتى يتمّ التعريف بهذه القرى والبلدات ويتمّ تشجيع السياحة فيها لتصبح كل قرية معلماً حضارياً في المحافظة.

وعلمت بعد حين أن فريق العمل التقى بسيد الوطن الرئيس بشار الأسد، الذي شكرهم وأشاد بعملهم وأثنى على جهودهم، وعلى جهود من ساهم بتمويل وتنفيذ وتوثيق وإشهار هذا العمل الوطني والحضاري الثقافي المتميز.

وأؤكد من منبركم أنني على استعداد لأي شيء لصالح الوطن، ويخدم هذا الوطن، حتى ولو أزيل اسمي عن هذا العمل نهائياً.

قدوتنا السيد الرئيس بشار الأسد...

ما هي رسالتكم عبر مؤسسة دام برس الإعلامية؟

أوجه رسالة لكلّ مواطن أن يقوم بما يستطيع فعله لأجل الوطن الذي قدم لنا الكثير، ولا أحد يستخف بنفسه أو مكانته فالجميع قادر بكلمة أو عمل بسيط أو مبادرة إيجابية أو عمل خير وتضحية وأمور رمزية كثيرة ستبني هذا الوطن وتعيد سورية إلى ما كانت عليه.

عملنا هذا العمل من تلقاء أنفسنا لكننا قدمناه للجميع، لذلك أطلب من الجميع أن يقدم ولا ينتظر أحد، كما طلب منا السيد الرئيس أن نقدم الحلول ولا نعطي المشكلات، مع التأكيد أننا لسنا ننتظر ثناءً على هذا العمل، فثنائنا هو رفعة سورية وإعلاء كلمتها.

رسالتي الثانية إلى ذوي الشهداء الذين لا يمكننا أن نقول لهم شيئاً فهم مصدر فخرنا وعزتنا وهم قدموا أغلى ما عندهم للوطن ونتعلم منهم معنى الشهادة وأن نضحي بأغلى ما يمكن لأجل الوطن.

أطلب منهم الصبر على فراق أعز الناس لديهم كرمى للوطن، ونقول لهم إن النصر قريب إنشاء الله، أما إلى الجرحى فنتمنى لهم الشفاء العاجل بعد التضحيات التي قدموها على جبهات القتال، والذين هم على استعداد دائم للعودة للقتال وليسوا عاجزين عن متابعة المعركة حتى النصر.

وفي الختام مؤسسة "دام برس" الإعلامية تقدم خالص شكرها للسيد عدنان صفي الدين الخطيب، وتقدر له تفانيه وإخلاصه للوطن، كما تقدم الشكر لجميع من شارك هذا العمل من فنانين وعمال وكل ومن ساهم بهذا الصرح التاريخي الضخم.

ستبقى سورية مهد الحضارات بلا منازع...

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz